تجار سمك «ساقية مكى»: «نبيع بأرخص الأسعار ومش لاقيين زباين»
حلقة السمك بـ«ساقية مكى».. أسعار «رخيصة» وزبائن معدومة
ترتفع الشمس فى السماء معلنة بدء يوم جديد، يسعى فيه الجميع وراء لقمة العيش بمنطقة ساقية مكى التى تبعد قليلاً عن ميدان الجيزة، التى تشتهر بوجود أكثر من سوق بها، ويبدأ الإعداد لها منذ الصباح الباكر، حيث يفترش البائعون الأرض، لاستقبال يومهم الجديد وخدمة زبائنهم. فى أول النهار عادة ما تكون حركة البيع والشراء ضئيلة جداً، ثم تزداد حتى تصل إلى ذروتها فى العاشرة صباحاً. وفى شارع طويل ممتد، ربما لا يزيد عرضه على 4 أمتار، يجلس يميناً ويساراً البائعون الذين انتشروا باكراً عند مدخل السوق. بجوار البوابة الأولى جلس الثلاثينى ممدوح سلامة، ٣٦ سنة، من جزيرة «بين البحرين» بمحافظة الجيزة، مُرتدياً حذاءً بلاستيكياً مرتفعاً قليلاً عن الأرض، ليحميه من المياه المنتشرة بأرضية السوق، وبجانبه بعض أدوات تنظيف السمك «مقص وساطور»، ويقول «السمك لسه جاى من بلده»، بهذه الكلمات القليلة يحاول «ممدوح» جذب الزبائن إليه، لكن هذه الطريقة -كما يقول- لا تؤتى بثمارها هذا اليوم، بسبب قلة الزبائن. ويضيف «سلامة» أن الزبائن تدخل السوق من البوابة الثانية، ولأن عددهم قليل، فلم يتبقَ منهم زبون واحد لنا، ولأنهم أيضاً يشترون من الباعة الجالسين بجوار البوابة الثانية التى دخلوا منها. ويضيف «أول يوم لى هنا اتفاجأت لما لاقيت أعداد الناس والزبائن كتيرة، وقلت لنفسى: يا مُسهل، ده الشغل هيبقى سهل والمكسب كبير، لكن كل ده اتغير دلوقتى، بسبب زيادة الأسعار، لدرجة إنى بقيت باتنشق على زبون، وأوقات كتيرة السمك بيفضل معايا بالأربع أيام من غير ما أبيعه».
ويقول محمد أحمد من محافظة أسيوط، ٥٣ سنة، بائع أسماك: «اللى بنّام فيه بنصبح فيه، ولحد دلوقتى لسه ما استفتحناش»، كلمات عبّر بها بائع الأسماك عن استيائه من قلة الإقبال. وأكد أن الأسعار فى السوق أرخص من أى مكان آخر، إضافة إلى أن جميع الأسماك تأتى من سوق العبور حيّة. وأضاف أن غلاء الأسعار جعل من يأكلون السمك يومياً، يأكلونه أسبوعياً، مثل اللحوم، بعد أن كان فى متناول الجميع. وقالت «أم كريم» من المنيب، «53 سنة»: «بقالى 30 سنة فى المهنة، واللى شُفته اليومين دول ماشوفتوش فى عمرى كله، الأسعار لما زادت وقفت حالنا، لأن مصاريف النقل زادت، وخلت الناس تتعامل مع السمك على أنه وجبة ترفيهية تيجى كل شهر مرة، وده سبب رئيسى خلّى السوق بقى فاضى بعد ما بنخلص السمك اللى معانا بنمشى بالكتير 12 الظهر».
وشرحت «أم كريم» طريقة تجهيز السمك للزبائن، وقالت إنها تستخدم أنابيب أكسجين، لجعل الأسماك تتنفس بحرية، وهذه الطريقة يتم اتباعها مع أسماك المزارع فقط، وتضيف: «باشترى السمك بالتقسيط، وبادفع كل أسبوع»، مما يضطرها إلى بيع كميات من الأسماك بأقل من ثمنها، لتجميع القسط الأسبوعى.