"الاضطرابات العالمية" تجبر الحكومة على البحث عن "الديون البديلة"
وزير المالية
أجبرت الإضطرابات التي تشهدها الأسواق العالمية الحكومة على تغيير خُططها للاستدانة بغرض سد الفجوة التمويلية، إذ تشهد الأيام المقبلة تحركات من جانب وزارة المالية للبحث عن "الديون البديلة" عبر مصادر تمويل أخرى بخلاف الاستدانة المحلية -تتم عبر طرح سندات وأذون خزانة-، أو طرح سندات دولية بالعملات الأجنبية.
وتعاني الأسواق العالمية حالة من عدم الاستقرار بدافع الحرب التجارية المُستعرة، فضلاً عن زيادة أسعار النفط، وارتفاع الفائدة على الدولار، وجميعها عوامل انعكست بشكل أو بآخر على الاقتصاد المصري، وخطط الحكومة للاستدانة.وخلال الفترة القليلة الماضية تراجعت استثمارات الأجانب في أدوات الدين المصرية بقيمة تقدر بـ4 - 5 مليارات دولار، ما يعزز من الضغوط على الجنيه، واحتياطي النقد الأجنبي.
ويعني تراجع تلك الاستثمارات انخفاض كمية العملات الأجنبية في السوق المصرية.ووفقًا لوكالة "رويترز"، فإن عوائد أذون وسندات الخزانة المصرية ارتفعت لأعلى مستوياتها في عام خلال الأسابيع الماضية بفعل تخارجات المستثمرين الأجانب، في إطار موجة بيع عالمية بالأسواق الناشئة.
وقال وزير المالية الدكتور محمد معيط لـ"الوطن"، إن وزارة المالية تعتمد في خطتها على تنويع مصادر التمويل لسد الفجوة التمويلية ما بين الاقتراض من السوق المحلية أو السوق الخارجية وتنتقي الأفضل لصالح الموازنة العام للدولة، والخيار هنا للأقل والأرخص تكلفة.
وأكد وزير المالية، أن الوزارة ما زالت تبحث وتدرس الموقف ولم تستقر على الموعد النهائي أو قيمة طرح السندات الدولية سواء بالدولار أو اليورو.وبحسب تصريحات الوزير لنشرة "إنتربرايز"، فإن وزارة الاستثمار تجرى مفاوضات مع جهات تمويل دولية، ومنها وكالة التنمية الفرنسية والوكالة اليابانية للتنمية والبنك الدولي والبنك الأفريقي للتنمية والبنك الأفريقي للاستيراد والتصدير، بهدف الحصول على تمويلات طويلة الأجل تصل إلى 30 عامًا بسعر فائدة يتراوح بين 1 و2% لسد جزء من الفجوة التمويلية خلال العام المالي الجاري.
وزير المالية لـ"الوطن": نراقب السوق العالمية للحصول على "تمويل رخيص"
واستبعد الوزير، في تصريحاته، اللجوء إلى الأسواق العالمية للاستدانة حاليًا، قائلاً: إن "الوضع غير مناسب حاليًا لطَرق أبواب الأسواق العالمية، لكن سنواصل مراقبة السوق قبل اتخاذ أي قرار".
وكانت وزارة المالية، ألغت عطاءين لبيع سندات لأجل 3 و8 سنوات بقيمة إجمالية 3.5 مليار جنيه بعد طلب أسعار فائدة مرتفعة من قبَل البنوك والمستثمرين والتي بلغت نحو 18%.
فيما كشف مصدر مسؤول لـ"الوطن"، أنه من المقرر أن تبدأ الحكومة ممثلةً في وزارة الاستثمار والتعاون الدولي سلسلة من المفاوضات الخارجية مع المؤسسات المالية الدولية بعد ارتفاع أسعار الفائدة محليًا.
وأوضح المصدر، أن المفاوضات بدأت على هامش زيارة الدكتورة سحر نصر، وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي، إلى واشنطن في زيارة رسمية بدأتها السبت الماضي، لافتًا إلى أنه من المقرر أن تلتقى بعدد من المسؤولين بالبنك الدولي، للحصول على دعم عدد من المشروعات التنموية، واستكمال المفاوضات بخصوص دعم تنمية شبه جزيرة سيناء، بقيمة مليار دولار، والمرحلة الثانية من مشروع الإسكان الاجتماعي والمنتظر أن يدعمه البنك بتمويل إضافي بنحو 500 مليون دولار، بعدما دعم المرحلة الأولى بنحو 500 مليون دولار.وقال ممتاز السعيد، وزير المالية الأسبق، إن إلغاء عطاءات "المركزي"»، التي يطرحها نيابة عن وزارة المالية، إلى ارتفاع أسعار الفائدة على السندات المطروحة، مشيرًا إلى أن وزارة المالية تلقت عروضًا من المستثمرين خلال الفترة الماضية تتراوح بين 16 و17%، متوقعًا أن تكون أسعار الفائدة المعروضة تخطت هذا الحد، وهو غير مناسب للطرح، حسب قوله.
وأضاف "السعيد"، لـ"الوطن"، أنه في بعض الأحيان يكون الاقتراض خارجيًا أقل تكلفة من الاقتراض محليًا، مؤكدًا أن الحصول على ثقة صندوق النقد الدولي بالحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار والذي حصلت مصر مؤخرًا على الشريحة الرابعة منه بقيمة 2 مليار دولار يُسهم في مساندة مصر عند الاقتراض من المؤسسات المالية الدولية الأخرى بتكلفة وسعر فائدة أقل.
وأشار البيان المالي للموازنة العامة للدولة للعام الحالي 2018 - 2019 إلى مخاطر ارتفاع أسعار الفائدة، مؤكدًا أن كل ارتفاع في معدل الفائدة بنسبة 1% يتسبب في ارتفاع عجز الموازنة بمقدار من 4 إلى 5 مليارات جنيه.وتستهدف مصر أن يبلغ متوسط سعر الفائدة على أدوات الدين الحكومية في موازنة العام المالي الحالي 2018 - 2019 الحالية نحو 14.7%، مقارنة بـ18.5% كانت متوقعة في 2017 - 2018.
وشهدت الفترة الأخيرة تراجعًا في استثمارات الأجانب بأذون الخزانة والسندات الحكومية المصرية، حيث أعلن البنك المركزي تراجع استثمارات الأجانب في أذون الخزانة المصرية خلال شهر أبريل الماضي للمرة الأولى منذ نوفمبر 2017.وأوضح تقرير المركزي، أن حجم استثمارات أذون الخزانة بلغ نحو 375.5 مليار جنيه خلال شهر أبريل الماضي، في مقابل نحو 380.3 مليار جنيه خلال شهر مارس 2018، أي بنسبة انخفاض بلغت نحو 1.26%.
وأرجع "السعيد" تراجع استثمارات الأجانب في أدوات الدين الحكومية المصرية إلى تخفيض البنك المركزي أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ قرار تعويم الجنيه في نوفمبر 2016، لتصل إلى 17.75% على الإيداع، و18.75% على الإقراض خلال شهر فبراير الماضي، ثم تخفيضها مرة أخرى خلال مارس الماضي بنسبة 1% أيضًا، لتصل إلى 16.75 و17.75% على الترتيب.