بريد الوطن| قصة قصيرة: تلك العجوز
قصة قصيرة: تلك العجوز
كانت محتفظة بملامحها الشابة ولكن شبح الكِبَر طالها فقد فقدت شعر حاجبيها وأخذت عيناها لوناً باهتاً وملأت وجهها خريطة من التجاعيد التى تحمل ألم السنين، لكنها لا تعلم أنها ما زالت جميلة مهما أرهقتها السنين، كان يمر يومها وهى تحمد الله على الماء الذى يرويها والشجر الذى يرعاها ويضلل فوق شباك حجرتها الصغيرة والعصافير فقط هى من تسأل عنها كل صباح، فلو كانت هذه الحجرة شُوهدت بعين أخرى لرأتها مثل القبر، فكل ما كانت تملكه فى تلك الحجرة وعاء نحاسى ووعاء من الألومنيوم الرديئة كان قد أرسله لها بعد الكُرماء من حارتها وكنبة صغيرة تفرد عليها جسدها بعد عناء يومها الطويل، فكانت تخرج تبحث عن لقمة عيشها تارة تبيع بعض الخضرة وتارة أخرى تأكل من صناديق القمامة! فحمل جسمها أمراضاً لا حصر لها، كانت تتألم كل يوم من أوجاع معدتها وكليتيها، فضلاً عن ضعف نظرها بحكم السن، وفى ذات يوم وهى تبحث عن الفتات من أحد صناديق القمامة وقعت فى أرضها وسط أكوام القمامة تتسارع أنفاسها وكأنها تقترب من الموت لا محالة، فى ذات الوقت كان أحد المقاهى يُضىء تلفازه على خبر (ضرورة الحصول على تراخيص لإقامة موائد الرحمن).
منار منير
يتشرف باب "نبض الشارع" باستقبال مشاركاتكم المتميزة للنشر، دون أي محاذير رقابية أو سياسية، آملين أن يجد فيه كل صاحب رأي أو موهبة متنفساً له تحمل صوته للملايين.. "الوطن" تتلقى مقالاتكم ومشاركاتكم على عنوان البريد التالي
bareed.elwatan@elwatannews.com