"ترامب" يهرب من سيناريو "العزل" بإلقاء المسئولية على "بوتين"
روبرت مولر ،المحقق الخاص في قضية التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية في 2016
قبل ساعات من انعقاد القمة التاريخية بين الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ونظيره الروسي، فلاديمير بوتين، أعلن روبرت مولر، المحقق الخاص في قضية التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية في 2016 اتهام 12 عنصرا في الاستخبارات الروسية بتهمة قرصنة حواسيب الحزب الديمقراطي، وفي ظل تنامي توقعات البعض بتأجيل "ترامب" للقمة على إثر ذلك، إلا أن ذلك لم يحدث بل نفذ "ترامب" السيناريو الأسوء بتجاهل نتائج التحقيقات أثناء المؤتمر الصحفي المشترك مع نظيره الروسي، بل ذهب أبعد من ذلك بإعلان ثقته في الكرملين بشكل يشكك في تقارير استخبارات بلاده، فأعلنها مسئولي الدولة العميقة في واشنطن:وقع في الفخ.
مباحثات "ترامب" و "بوتين" في قمة الـ20 تثير أزمة بالولايات المتحدة
لم يتوقع "ترامب" عاصفة الغضب ليس فقط من منتقديه المعتادين بل من داخل الحزب الذي جعله يدخل البيت الأبيض العام الماضي، وهو الحزب الجمهوري، بعد أن باتت شعبية الأخير على المحك في انتخابات التجديد النصفي المتوقع عقدها نوفمبر المقبل، وهو ما دفع "ترامب" للتراجع "المبلبل"، بحسب وصف البعض عن تصريحاته بمؤتمر القمة، لإعلان:"بوتين مسؤولا شخصيا عن التدخل المزعوم لروسيا في الانتخابات الأمريكية." واضعاً شرعية وصوله للحكم على خط النار .. لماذا؟
يجيب الدكتور عمرو عبد العاطي ،الباحث ومحرر بمجلة السياسة الدولية والمتخصص في الشئون الأمريكية، بأن تخوف الحزب الجمهوري قبل الانتخابات المقبلة يدفعه لتوجيه انتقاد حاد إلى مرشحه في انتخابات الرئاسة خوفاً من تراجع مقاعد "الجمهوري" في مجلس الشوري ،الذي يتمتع حالياً بالأغلبية بداخله، بفعل تراجع شعبية الحوب على إثر التحركات الأخيرة لـ"ترامب" على رأسها قمته مع "بوتين"، لافتاً لـ"الوطن" إلى أن السيناريو الأسوء يتمثل في تمرير الكونجرس لإجراء عزل الرئيس، والذي يمنعه حالياً أغلبية الجمهوري، وهو حق دستوري يجعل "ترامب" لا يكمل مدته الرئاسية الحالية.
"البطة العرجاء"، هكذا يتحول "ترامب" بفعل تراجع شعبية حزبه داخل البيت الأبيض، كما ذكر "عبد العاطي"، ولن يستطيع تمرير العديد من القوانين خصوصاً المالية، ما يدفع الحزب الجمهوري للتفكير في بديل لـ"ترامب" في محاولة لإنقاذ شعبيته أمام منافسه "الديمقراطي".
يرى الدكتور كير جايلز، مدير مركز أبحاث دراسات النزاعات البريطاني، وخبير الشأن الروسي بالمعهد الملكي للدراسات الدولية "كاثام هاوس"، أن الحكومة الأمريكية تحاول حماية أمنها والحد من أضرار القمة، لافتاً لـ"الوطن" إلى أن العلاقات الأمريكية الروسية تختلف جوهريا عن علاقة "ترامب" و "بوتين"، جزء كبير من حكومة الولايات المتحدة ما زال يعمل بثبات لبناء وتنفيذ سياسية معقولة مع روسيا في ظل وجود تحديات حقيقية من جانب "موسكو".
"التوسع الزائد في النفوذ يمكن أن يقود إلى اختلال صارخ"، هكذا تنبأ المؤرخ الأمريكي ،بول كنيدي، في كتابه المهم "صعود وهبوط القوى الكبرى، المنشور عام 1987، معتمداً على دراسة موثقة ودقيقة لظواهر تمتد عبر 500 عاماً من الزمن، ويوضح "كنيدي" بأنه إذا ما حدث هذ الاختلال فإن النتيجة تصبح لا مفر منها بحيث تبدأ قوة الدولة العظمى بالتراجع والاضمحلال، خصوصاً عندما تضطر تلك الدولة لتقليص امتداداتها السياسية والعسكرية لأسباب وذرائع اقتصادية.
الهجوم الأمريكي المستمر على "الدب الروسي"، لم يكن الوحيد بعد إعلان المحققون البريطانيون ،اليوم، تحديد هويات من يعتقدون أنهم الجناة في الاعتداء بغاز الأعصاب "نوفيتشوك" على الجاسوس الروسي السابق سيرغي سكريبال وابنته يوليا، مارس الماضي، بعد أن تسببت القضية في أزمة دبلوماسية كبيرة بين لندن وموسكو.
غاز "نوفيتشوك".. أشد الأسلحة فتكاً بعد "النووى" يشعل العلاقات الفاترة
وأعلنت الشرطة البريطانية الاشتباه في مشاركة عدد من الروس في محاولة الاغتيال بعد تحديد هوية الجناة بالاستعانة بتسجيلات دوائر تلفزيونية مغلقة، وتحققوا من الصور بالإطلاع على سجلات مسافرين دخلوا الدولة قرب وقت الهجوم. ما ينذر بتصعيد بريطاني أوروبي جديد على "موسكو"، عقب حملة الطرد الدبلوماسية التي تبادلها الطرفين منذ أشهر.
ونفت "موسكو" ضلوعها في الهجوم، في فصل جديد من التوتر الدبلوماسي بين الغرب وروسيا.