ذكريات مع «الروس» أثناء بناء السد العالى
بالرغم من مرور عشرات السنين منذ مغادرة الخبراء الروس وأسرهم من مناطق مختلفة فى أسوان، لكنهم ما زالوا يمثلون مصدراً لأقاصيص الذكريات الجميلة، خاصة لدى من شارك فى بناء السد العالى من كبار السن، أو من تعامل معهم فى البيع والشراء، فهى قصة حب جميلة بين شعبين أحدهما أراد مساعدة الآخر لمواجهة القوى المتجبرة، بعد ثورة بلا دماء فى يوليو 1952، التى أطلقوا عليها «الثورة البيضاء»، ولم ينس المصريون هذه الأيام التى تعلموا فيها كثيراً من الروس، وعبروا عن سعادتهم بعودة التحالف مع القطب الروسى، وكان لـ«الوطن» بعض اللقاءات مع ذكريات الأسوانيين مع الروس.[SecondImage]
«ياه يا ريت ترجع تانى أيام السد العالى وعلاقتنا بالروس اللى كانت زى السمنة على العسل مكانش بيفرقنا غير النوم» كلمات بسيطة ممزوجة بذكريات جميلة عاشها أحمد عبدالعزيز، صاحب العقد السادس، بالمعاش ولديه 4 أبناء، والذى عمل مع المهندسين والفنيين الروس وتعامل مع أسرهم فى الستينات أثناء بناء السد العالى، ويستكمل «عبدالعزيز» استرجاع ذكرياته قائلاً: «من كتر حبى للروس أقمت فرحى فى النادى الروسى بكيما الذى كان مركزاً لتجمعهم مع المصريين لتبادل الثقافات، وكان المقابل المادى لتأجير النادى فى الأفراح بسيط جداً، وكمان ابنى عمل الفرح فيه، وما زال هذا النادى موجودا ولكن تغير اسمه، وما زال الكبار يقولون (النادى الروسى)، وهناك أيضاً نادى (أختيف) بخزان أسوان، وكان السوفييت «الروس» يتعاملون معنا بكل احترام وود وحب، فكانت الابتسامة لا تفارقهم، وكمان كنا شباب صغيرين ونشوفهم بلبسهم الأنيق وكنا بنقلدهم فى حاجات كتير واتعلمنا منهم واتعلموا مننا، مثلا فى بداية الستينات وبالتحديد مع بداية بناء السد العالى، استعجب الروس من إننا بنشترى الخضار والفاكهة بكميات كبيرة بالكيلو وغيره، لكنهم كانوا بيشتروا الخضار والفاكهة بالقطعة لغاية ما اتعودوا زينا وبدأوا بالتعايش والتعامل كأسوانيين».
وأضاف «عبدالعزيز»: «تعلموا لغتنا العربية من كثرة الاختلاط بنا، وكانت لغة مكسرة شوية، وفى ناس مننا اتعلمت اللغة الروسية، وكانوا بياكلوا من أكلنا، فكان فى مهندس يدعى (بروشتيف دمنتيف) يعمل فى مجال خراطة الحديد اتعلمنا منه وكان بيدرب طلبة المدارس الصناعية على إيده وبيشاركوا فى بناء السد العالى، وكمان كان رجل اجتماعى جداً كان فى بداية وصوله لأسوان بيخاف ياكل معانا من الخضار وغيره، ولكن مع مرور الوقت، حب أكلنا خالص. محمود عبدالعظيم الجمل، كبير فنيين بالإدارة العامة لمرافق محطة كهرباء السد العالى، يؤكد وجود روابط بين المصريين والروس منذ بناء السد العالى حتى هذه اللحظة.
وأضاف الجمل «كانت العلاقات الأسرية بين الروس والمصريين علاقة يملأها الحب، حيث كانوا يذهبون مع بعضهم البعض إلى نادى الكهرباء فى «صحارى» لمشاهدة السينما لأن ابن خالى محمد البدرى كان يقوم متطوعا بتشغيل السينما لرواد النادى بعد انتهاء يوم عمل شاق، كما كان الروس يقومون بلعب كرة القدم باستاد صحارى وكانوا أيضاً يقومون بالسباحة فى حمام السباحة الملاصق للاستاد، وكانت تقام حفلات سمر بينهم وبين المصريين وكذلك كانوا يحتفلون معنا بعيد ثورة 23 يوليو 1952، لأن الزعيم جمال عبدالناصر هو بالنسبة لهم كان زعيما عربيا وقائداً وكانوا يحبونه حبا شديدا، وكان الروس يقومون بشراء الخضار والفاكهة من محل الحاج سعودى وكانوا يعشقون أكل الملوخية التى تعلموها من المصريين.