الدقهلية.. جبال القمامة تحاصر المدن والمحطات الوسيطة هى الحل الغائب
القمامة تغزو محافظة الدقهلية
لسنوات طويلة تراكمت القمامة ومخلفات البناء على الطرق السريعة بمداخل المدن فى الدقهلية، حتى أصبحت جبالاً ضخمة، يمكن رؤيتها من مئات الأمتار، وشم رائحتها من عدة كيلومترات، رغم تبنى الأجهزة التنفيذية فى المحافظة عدداً من الإجراءات للقضاء على الظاهرة الناشئة عن تراكمات السنوات الماضية. فى قرية منية سندوب، الواقعة فى مدخل المنصورة، يقع أكبر جبل قمامة بالدقهلية على مساحة 8 أفدنة، وبارتفاع يتجاوز الـ30 متراً، ورغم إغلاق المقلب منذ 3 سنوات تقريباً، إلا أنه ما زال يشتغل ذاتياً بفعل الحرارة والغازات المحتبسة أسفله، وبجانب الأدخنة الكثيفة التى تحجب الرؤية على طريق المنصورة - السنبلاوين، تعانى القرى المجاورة من انتشار الرائحة الكريهة.
وعلى طريق المنصورة - دمياط الشرقى، تراكمت مخلفات البناء الصلبة على جانبى ترعة المنصورية، ما أدى إلى تغطية مساحات كبيرة منها بالكامل، ورغم المحاولات المتواصلة للقضاء على الظاهرة من جانب الأجهزة التنفيذية، والتهديديات بمصادرة المقطورات المسئولة عن إلقاء هذه المخلفات، إلا أن جبالها تزاد ارتفاعاً يوماً بعد آخر، ما يتكرر على الطريق الدائرى بالمنصورة، لتصبح المدينة محاصرة بالمخلفات الصلبة من جميع الجهات.
مدير «شئون البيئة» يطالب بتعديل القانون لبناء شراكة بين الحكومة والمجتمع المدنى.. ومطالبات بزيادة رسوم جمع القمامة من 5 إلى 25 جنيهاً عن الشقة لتغطية «التخلص الآمن» من أطنان المخلفات
جبل قمامة آخر يقع فى مدخل مدينة دكرنس، قبل أن تتركه رئاسة المركز يزحف إلى المقابر المجاورة له، حتى غطى أجزاء منها، ما حدث أيضاً فى مدينة بنى عبيد، ويقول محمود شطا، أحد سكان المنصورة: «رغم التحسن الملحوظ فى منظومة جمع القمامة من المنازل، إلا أن أعيننا لا تقع إلا على القمامة فى الشوارع والطرق العامة، خاصة على أطراف المدينة»، مضيفاً: «المناطق الشعبية هى الأكثر تضرراً، مثل الدراسات والمجزر، وأصبح وجود النباشين وسط القمامة مشهداً معتاداً».
وحذر محمد سالم، أحد أهالى السنبلاوين، من خطورة انتشار الكلاب الضالة فى المدينة، بعدما أصبحت تتجمع بالعشرات قرب جبال القمامة بحثاً عن الطعام، موضحاً «هذه الكلاب لم تعد تتغذى على القمامة وحدها، وإنما أصبحت تتغذى على البشر أيضاً، فازدادت معدلات عقرها للأطفال فى المناطق المحيطة».
وأضاف: «القمامة أصبحت مشكلة كبيرة بالنسبة لأهالى الدقهلية، ولا يجد المسئولون عنها بديلاً عن حرقها للتخلص منها، ما يتسبب فى العديد من الأضرار للمواطنين، خاصة الأطفال والمصابين بالأمراض التنفسية»، مشيراً إلى تراكم كميات كبيرة من المخلفات الطبية وسط مقالب القمامة، ما لم يكن يحدث فى السابق، وسط تجاهل تام من جانب المسئولين، على حد قوله.مسئول فى المجلس المحلى بمدينة دكرنس، قال، لـ«الوطن»، بعدما طلب عدم ذكر اسمه، إن «المحافظة منعت المقالب الوسيطة، ونحن مطلوب منا توصيل القمامة إلى أقرب مصنع تدوير، والواقع على مسافة 50 كيلومتراً»، موضحاً «حتى نجمع القمامة ثم ننقلها فى سيارة كبيرة إلى مصنع التدوير، فإننا نحتاج إلى تكاليف كبيرة».
وأشار إلى أن «جرار القمامة لا يمر على بعض القرى إلا مرة واحدة أسبوعياً، ولو وجدنا مقلباً قريباً منا لتحسنت المنظومة، فعندما كان مقلب دكرنس فى الخدمة، كانت المنظومة أفضل كثيراً من الوضع الحالى»، مضيفاً: «راتب عامل النظافة لا يتجاوز 1200 جنيه، ومطلوب منه العمل 8 ساعات يومياً، لذلك يلجأ بعضهم إلى العمل فى جمع مخلفات الكانز، والزجاجات البلاستيكية، والكرتون، ونحن لا نمانع فى ذلك، فما يهمنا أن تنجح المنظومة بأى شكل». وأوضح أن الدكتور أحمد الشعراوى، محافظ الدقهلية، جعل مقدار ما يتم جمعه من القمامة يومياً، وما يصل إلى مصانع التدوير، أحد معايير تقييم رؤساء المراكز، لافتاً إلى أن «المناطق القريبة من هذه المصانع تحقق أعلى معدلات فى جمع وتدوير المخلفات، بينما المراكز البعيدة عنها، مثل دكرنس وبنى عبيد، فإنها تكون ناجحة لو حققت أقل معدل فى توصيل القمامة إلى المقلب».
المهندس توكل الشال، مدير عام شئون البيئة فى الدقهلية، اعتبر أن «الوضع الحالى لمنظومة النظافة لن ينصلح دون شراكة بين الحكومة والمجتمع المدنى»، مضيفاً أن «الحكومة غير قادرة على إدارة المنظومة بمفردها، وتستلزم هذه الشراكة قانوناً جديداً، خاصة أن المجتمع المدنى أصبح عازفاً عن العمل فى المنظومة، فـ5 جنيهات اشتراكاً شهرياً عن كل شقة لا يكفى لجمع ونقل القمامة، ولا بد من تعديل المنظومة».
وأشار إلى أن «أكبر اشتراك شهرى يدفعه المواطن فى المنصورة لا يتجاوز 7 جنيهات، أى ثمن كيلو بطاطس، كما أن النظرة الدونية للمجتمع إلى هذا العمل تحتاج للتغيير، بالإضافة لتغيير فكرة أن الخدمات تقدم مجاناً، فعلى المواطن أن يدفع المقابل لهذه الخدمات، وأن تتحمل كل شقة مبلغاً يتراوح بين 20 و25 جنيهاً شهرياً، لأن تكلفة التخلص الآمن من طن القمامة تصل إلى ألف جنيه، ويومياً نستقبل 3500 طن، ما يعنى وجود حاجة لأكثر من 3.5 مليون جنيه للتخلص منها».
واعتبر «الشال» أن «القانون الحالى المنظم للعمل فى مجال النظافة عفى عليه الزمن، فهو قانون جامد، ولا يتناسب مع الوضع الحالى»، موضحاً أن «المنظومة لها 3 أضلاع؛ هى الموارد المالية، والإدارة، وسلوك المواطن، ولا بد من توفير الموارد، وإدارتها، ثم ننظر بعدها إلى سلوك المواطن، وعندما نملك الأدوات، ويكون معنا القانون، نستطيع عندها إنجاح المنظومة».
وأوضح أن «المخلفات الصلبة ليست القمامة وحدها، وإنما هى 5 أنواع؛ المخلفات البلدية، والطبية، والهدم والبناء، والزراعية، والصناعية السائلة والصلبة، وتتطلب إدارتها بطريقة صحيحة ضرورة تغطية جزء من التكلفة»، مضيفاً: «لدينا 7 مصانع تدوير على مستوى المحافظة، وهذا غير موجود فى أى محافظة أخرى». ما يراه «الشال» عقبة أمام منظومة جمع القمامة فى المحافظة، هو عدم وجود مقالب وسيطة، موضحاً «نسعى مع وزارة البيئة لعمل محطات وسيطة تتوسط القرى، بحيث تغطى دائرة نصف قطرها 10 كيلومترات، وذلك لعدم وجود أراضى فضاء لدينا لإقامة هذه المقالب عليها، ونسعى لاستبدالها بالمحطات الوسيطة، وبالفعل قدمنا خطة بهذا الشأن لوزارة البيئة، لكن جاء التعديل الوزارى الأخير ليعطلها».
أكوام القمامة تملأ مداخل المدن
اقرأ المزيد:
-
شركة وطنية
-
شركة لإدارة المخلفات
-
شركات النظافة الأجنبية
-
خطة وطنية
-
الاستثمار فى القمامة
-
مقالب القمامة العشوائية
-
رئيس جهاز تنظيم المخلفات
-
جهاز تنظيم المخلفات
-
جمع المخلفات والقمامة
-
إعادة التدوير
-
تنظيم المخلفات
-
الزبالين
-
هيئة نظافة الجيزة
-
العاملين بالنظافة
-
رفع القمامة من الشوارع
-
المدفن الصحي
-
الزبالة
-
النفايات
-
محارق النفايات