«المياه الجوفية» تغرق «الاكتشافات الأثرية»
«الأثريون» والعمال خلال رفع «تابوت الإسكندرية»
للمرة الثانية فى أقل من عام ونصف العام تكررت أزمة «المياه الجوفية» فى الاكتشافات الأثرية، فبعد أقل من عام ونصف من الضجة التى أثيرت عقب استخراج «تمثال المطرية» بالجرافات نتيجة لوجوده فى موقع أثرى يقع فى منتصف منطقة سكنية، ما تسبب فى تسرب المياه الجوفية ومياه الصرف الصحى إلى موقع اكتشاف التمثال، تكرر الأمر مجدداً فى «الإسكندرية» فبعد أيام من الترقب لفتح تابوت أثرى هو الأضخم فى عهد العصر البطلمى، حتى تعرض التابوت مجدداً للغرق بسبب المياه الجوفية
«المياه الجوفية صداع فى رأس وزارة الآثار»، هكذا قال وزير الآثار، الدكتور خالد العنانى، لـ«الوطن»، مشيراً إلى أن خفض منسوب المياه الجوفية أولوية فى برنامج الحكومة المصرية ويجرى التعاون مع المعونة الأمريكية لسحب المياه من منطقة كوم الشقافة فى الإسكندرية ومعبد كوم أمبو فى أسوان، إلى جانب منطقة مارمينا الأثرية.
«العنانى» لـ«الوطن»: رشح المياه «صداع» فى رأس «الآثار».. وخفض منسوبها أولوية فى برنامج الحكومة
وأضاف «العنانى» أن «الأمر ليس باليسير، خاصة أن الأمر يجب أن يتم بشكل علمى حتى لا يتسبب سحب المياه بشكل مفاجئ فى خلخلة التربة أسفل الأثر».
من جانبه، أكد الدكتور زاهى حواس، وزير الآثار الأسبق، أن «المياه التى عثر عليها فى تابوت الإسكندرية هى بالتأكيد مياه صرف صحى نظراً لأن التابوت أسفل منطقة سكنية، فمن الطبيعى أن تدخل المياه إلى التابوت من الفتحة العلوية من التابوت وتستقر فى القاع».
وأضاف «حواس» لـ«الوطن» أن «تلك ليست المرة الأولى التى نعثر فيها على مياه داخل تابوت مكتشف، حيث سبق أن تكرر الأمر عشرات المرات، خاصة فى اكتشافات الإسكندرية والمناطق القريبة من تجمعات سكنية، فنجد عند فتح أى تابوت مياهاً راكدة منذ عشرات السنين، ومن الطبيعى أن تكون هذه المياه ذات رائحة كريهة، فهى فى النهاية مياه صرف صحى، وليست زئبقاً أحمر، فهو أكذوبة لا وجود لها».
وتابع «حواس» قائلاً: «كما صرحت منذ أيام بأن شائعات وجود الإسكندر الأكبر داخل التابوت لا أساس لها من الصحة، وستخيب آمال العالم عند فتحه، وهو ما حدث، وخيراً فعلت وزارة الآثار أنها لم تنسق وراء المطالبين بعمل ضجة عالمية عند فتح التابوت، وإلا لكان الأمر سيتحول إلى فضيحة دولية بكل المقاييس». وأكد الوزير الأسبق أن «جميع المؤشرات تشير إلى أن الإسكندر مدفون فى المنطقة ما بين محطة الرمل والشاطبى، ونحن نحتاج لإزالة جميع المبانى فى سيدى جابر للكشف عما تحويه المنطقة من آثار نظراً لوجودها فوق جبانة بطلمية، ومن المعروف أن الإسكندرية تعوم على الآثار اليونانية».
فى الإطار ذاته، وتحت حراسة مشددة من قوات الشرطة العسكرية، نقلت منطقة آثار الإسكندرية الجزء السفلى من تابوت سيدى جابر الأثرى، صباح اليوم، إلى مخازن «مصطفى كامل» الأثرية، شرق المدينة، استعداداً لبدء أعمال ترميم الهياكل العظمية الثلاثة الموجودة داخله، والتى رجح الأثريون أن تكون «دفنة» عائلية.
ومن عمق 6 أمتار تحت سطح الأرض، رفعت معدات «القوات المسلحة» جسم التابوت السفلى، الذى يزن 10.5 طن، بعد رفع الغطاء فى اليوم السابق، ويزن 8.5 طن، حسب مصادر فى منطقة آثار الإسكندرية، أوضحت أن «الوزن الإجمالى للتابوت بلغ 19 طناً، بعد تفريغه من الهياكل العظمية ومياه الصرف الصحى التى كانت موجودة بداخله».
نقل «تابوت الإسكندرية» إلى المخازن فى حراسة الشرطة العسكرية.. وأمين «الأعلى للآثار»: لم تصبنا أى «لعنة»
وفور خروج التابوت من الحفرة، وضع الأثريون غطاء من القماش الأبيض عليه أثناء عملية النقل إلى مخازن مصطفى كامل، التى تبعد أمتاراً قليلة عن موقع العثور عليه، فيما أغلقت أجهزة الأمن الشوارع المحيطة بالمنطقة، خلال عملية النقل، لضمان وصول التابوت إلى المخازن فى أمان تام، تمهيداً لبدء فحصه من جانب الأثريين. وبدأ عدد من المرممين التابعين للوزارة عملية فحص الهياكل العظمية والجماجم الثلاث داخل المتحف الرومانى، للتعرف على هويتهم، وأفادت المعاينة المبدئية أن الهياكل الثلاثة لضباط أو جنود، بعد اكتشاف إصابة أحدها بسهم، فيما قال الدكتور مصطفى وزيرى، أمين المجلس الأعلى للآثار: «كنت أول من فتح التابوت، ولم تصبنا لعنة، ولن تعيش مصر فى ظلام، فكل ما تم تداوله بهذا الشأن محض خزعبلات».
من جهته، قال الدكتور محمد سلطان، محافظ الإسكندرية، إن «التابوت يعد اكتشافاً مهماً، ويدل على المكانة التاريخية والتراثية للإسكندرية»، مشيراً إلى أن «الأثريين سيدرسون هذه الهياكل العظمية لمعرفة مواصفاتها، وقد تم نقل جميع محتويات التابوت إلى المتحف الرومانى للحفاظ عليها، بينما باشرت معدات القوات المسلحة رفع التابوت»، مشيراً إلى أن «هذا كشف أثرى مهم للإسكندرية، وتم فتحه بطريقة علمية، كما تم التعامل مع محتوياته بحرفية كاملة، وفور انتهاء مسئولى الآثار من فحصها، ستعلن جميع التفاصيل والمعلومات التى تم التوصل إليها».