بروفايل| محمود دياب.. قاضى المسرح
صورة تعبيرية
تميزت كتاباته بالقدرة على استشراف حال العالم العربى وما سيؤول إليه فيما بعد، مستخدماً لغة عربية رصينة وبناء درامى محكم، ومتخذاً من أحداث التاريخ منهلاً لإعادة صياغة الواقع، هو الكاتب المسرحى محمود دياب، الذى اختاره المهرجان القومى للمسرح، هذا العام، ليحمل اسم الدورة الـ11 من المهرجان.
ويعد محمود دياب المولود فى 1932، واحداً من رواد المسرح فى فترة الستينات، والذى ترك بصمة لا يمكن تجاهلها عن الكتابة المسرحية فى القرن العشرين، حصل «دياب» على ليسانس فى القانون عام 1955، وعين نائباً بهيئة قضايا الدولة، ثم تدرج فى الوظائف حتى وصل إلى درجة المستشار، ليترك العمل فى السلك القضائى من أجل الثقافة، ويقدم أول أعماله قصة (المعجزة) عام 1960، والتى حصلت على جائزة مؤسسة المسرح والموسيقى. تبعها «دياب» بعد ذلك بالعديد من الأعمال فى فترة الستينات والتى انحاز فيها للمواطن البسيط وهذا ما قدمه من خلال مسرحيته (البيت القديم) التى كتبها فى 1963، وبعد ذلك واصل «دياب» اهتمامه بقضية العلاقة بين الفرد والجماعة، فكانت مسرحية «الهلافيت» ذروة هذه المرحلة، ويذكر أن المسرحية عرضت ليلة واحدة فى إحدى قرى الدلتا عام 1969، لكنها مُنعت من العرض فى القاهرة.
ورغم تبدّل الكثير من المفاهيم فى سبعينات القرن الماضى، وانقلاب التوجهات السياسية، آنذاك، فإن محمود دياب ظل مؤمناً برسالته ورأيه الجاد بنقد وإعادة صياغة التاريخ فكتب مسرحيته «رسول من قرية تميرة» فى 1974م، التى تعد إحدى أهم المسرحيات التى تناولت فى قالب كوميدى راق الانعكاسات الاجتماعية لحرب أكتوبر. ثم يعود محمود دياب ليستمد من التاريخ آخر أعماله المسرحية «أرض لا تنبت الزهور» التى كتبها عام 1979، وهى مسرحية تدور فكرتها حول استحالة السلام مع اللئام من البشر الذين ماتت إنسانيتهم وسيطر الحقد والكراهية على طبيعتهم. «ليالى الحصاد، الغرباء لا يشربون القهوة، شارع الصمت، الصيد الأخير، الحب لا يحترق».. هى روايات من بين مؤلفات دياب المسرحية الهامة، وغيرها من القصص التى تُرجمت لعدة لغات أجنبية، وقُدمت على مسارح غربية.
كرّم «دياب» فى اليوبيل الفضى للتليفزيون عام 1985 وحصل على وسام اليوبيل، كما حصل على وسام القضاء بصفته مستشاراً بهيئة قضايا الدولة وشهادة تقدير من الرئيس محمد أنور السادات، وغيرها من التكريمات ليرحل «دياب» فى أكتوبر 1983 عن عمر يناهز الخمسين عاماً، بعد رحلة من العطاء للثقافة والفن.