بين "شفرة" إدريس وكتيبة صديق.. السيسي يأبى طي صفحات التاريخ عن بطولات نصر وثورة
الرئيس السيسي
بين الثورة المخلدة والحرب المجيدة، أبطال منسيون لم تكن الأحداث الكبيرة التي صنعت تاريخ مصر لتنجح بدون مساهماتهم، جرفتهم ذاكرة الزمن، وكادت صفحة التاريخ تُطوى دون تخليد ذكراهم وتعظيم دورهم بتكريم يليق بما صنعوه وأثروا به في مسار هذا البلد، حتى جاء دورهم في التكريم على يد الرئيس عبدالفتاح السيسي.
تكريم الرئيس عبدالفتاح السيسي للعقيد أركان حرب يوسف صديق، عضو مجلس قيادة الثورة، بمنحه قلادة النيل، في الذكرى الـ66 لثورة 23 يوليو، أعطاه الإنصاف الذي غاب عنه عشرات السنوات، وخلّد دوره في نجاح الثورة، الذي لولا ما قام به لفشل كل شيء وتمكن رجال الملك فاروق من إخماد الثورة في مهدها.
يوسف صديق الذي انضم للضباط الأحرار في أكتوبر من عام 1951، وأسندت له قيادة الكتيبة الأولى مدافع ماكينة "الكتيبة 13"، وفي ليلة ثورة 23 يوليو، التي كان محددًا لساعة الصفر لها في الثانية عشرة منتصف ليلة 23 يوليو 1952، وقبل الموعد المحدد بقليل تحرك من العريش إلى مقر الكتيبة الجديد في معسكر هايكستب، ليتسبب تحركه المبكر في عدم علمه بتغيير ساعة ساعة الصفر وتأخيرها للواحدة صباحًا.
خطأ غير مقصود، حوّل مسار الثورة من الفشل المنتظر بعد علم الملك وحاشيته بما يدبره الجنود وتخطيطهم لسحقها، إلى النجاح الكبير بعدما اضطر جمال عبدالناصر إلى إرسال تعزيزات لقوات يوسف صديق، حيث أن العودة للثكنات أصبحت مستحيلة بعد اعتقال قائدين من الجيش، فكما قال يوسف صديق "الثورة انطلقت بالفعل".
تكريم السيسي للبطل المنسي يوسف صديق وإنصافه لم يكن الأول من نوعه، ففي العام الماضي خلال ذكرى حرب أكتوبر المجيدة، كرّم الرئيس السيسي بطلًا آخرًا، كاد أن يطوي الزمان دوره العظيم في الحرب، وهو المساعد أحمد إدريس، الذي مُنح النجمة العسكرية تقديرًا لدوره في حرب أكتوبر المجيدة.
"هقولك كلمة واحدة بس أنا بقالي 44 سنة كاتم السر" كلماتٌ وجهها أحمد إدريس للرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال الندوة التثقيفية للقوات المسلحة بمناسبة انتصارات أكتوبر، عن دوره في تكوين شفرةٍ للجيش من اللهجة النوبية التي لا يمكن كتابتها، ولا يستطيع العدو اختراقها، وكانت أحد أهم أسباب الانتصار الكبير الذي حققه الجيش المصري في أكتوبر عام 1973.
الرجل الذي خاض جميع الحروب التي مرت بها مصر متطوعًا لمدة 21 عامًا في الجيش، علم الحيرة التي يمر بها قادة الجيش بسبب تمكن العدو في الكثير من الأحيان من فك شفرة العمليات العسكرية، فأخبرهم بطريقته البسيطة أن الحل في غاية السهولة "نرطن بالنوبي لغة تتقال وملهاش حروف نكتبها بالعربي"، وهو ما تلقفه القادة ليبلغوا الرئيس أنور السادات بما سمعوه.
لقاءٌ جمع بين الرئيس الراحل أنور السادات، والشاويش أحمد إدريس، وافق بعده السادات على تكوين الشفرة باللهجة النوبية، ويسافر "إدريس" في إجازةٍ قصيرة يعود بعدها ليجد المئات يتدربون على الشفرة الجديدة لينخرط بينهم دون أن يعلم أحدهم أنه صاحبها.
يخرج إدريس من الخدمة في القوات المسلحة عام 1994، دون تكريم ويتعاقب عليه الرؤساء دون توجيه الشكر إليه، حتى أخبر الرئيس السيسي بكتمانه للسر، ليحصل على النجمة العسكرية أخيرًا، في تقديرٍ تأخر كثيرًا لدوره العظيم في الانتصار الكبير.