فيديو| الفقر يهدد "محمود" بحرمانه من "الطب": "اشتغلت نقاش وغسلت صحون"
الطالب محمود مغازى مع محررة الوطن
سنوات طويلة من التعب والشقاء، وأخرى تحمل خلالها مسؤولية أسرته خلال "حبس والده" في قضية "تبوير أرض زراعية"، بتكفله لمصروفات علاج شقيقه "المعاق"، الذي أجرى 7 عمليات جراحية كبرى مواجها ظروف مادية صعبة، فمنذ أن كان طفلاً يبلغ من العمر 6 سنوات، عمل مع والده في حرفة "النقاشة"، يتجول بين المباني للحصول على "يومية" تساعدهم على المعيشة، ورغم كل تلك الظروف تمسك بحلمه في أن يصبح "طبيبًا"، ومع الاجتهاد بالثانوية حصل على مجموع 405 درجات بما يعادل 98.8%، ليحجز مكانه المستحق بكلية الطب جامعة كفرالشيخ محققًا حلمه الذب طالما راوده، لكن سرعان احبطت آماله وطموحاته خشية ألا يستكمل دراسته نظرًا للظروف المادية "الصعب" التي تحيط بهم ومتطلبات الجامعة المادية التي تتخطى إمكانياته.
الطالب: «اشتغلت نقاش وغسلت أطباق لأدبر مصروفات الدروس ونفقات علاج شقيقي المعاق»
محمود مغازي، محمد القلشاني، الحاصل على الثانوية العامة من مدرسة الشهيد محمد فؤاد شحاته الثانوية بنين بمدينة سيدي سالم، والمقيم بعزبة "فرش بركات" التابعة لمركز سيدي سالم بكفرالشيخ، أكد أنه دائما ما كان يواجه صعوبات بالثانوية بسبب الظروف المادية التي كانت تدفعه لعدم الذهاب للمدرسة والذي ترتب على ذلك أن الإدارة أنذرته بـ"الفصل"، ومع شرح "الظروف لمدير المدرسة "منع إرسال الإنذارات".
لم أذهب للمدرسة في الثانوية.. والمدير تعاطف معي ومنع إرسال إنذارات «فصل»
يقول محمود: "طفولتي لم تكن مثل أي طفولة، فمنذ أن بلغت السادسة بدأ والدي يُعلمني النقاشة، لمساعدته في مصروفات البيت بسبب عدم امتلاكنا أموالاً، ودخلت المدرسة اللي مكنتش في تفكيري أو تركيزي، فهدفي هو تعلم مهنة تنفعني للزمن، ومع ذلك كنت ضمن أوائل الطلاب منذ الابتدائية، وفى مرحلة الإعدادية راودني حلم الالتحاق بكلية الطب وأن أكون طبيبًا، فبدأت أكثف من مذاكرتي، وحصلت على 148 من 150 في الشهادة الإعدادية، وفى تلك اللحظات كانت الحيرة بيني وبين والدي، فأنا أرغب في استكمال تعليمي وتحقيق حلمي وهو أيضاً، لكن مصروفات الثانوي والكلية جعلته يتراجع، لكني وعدته بالكفاح في العمل وفي المذاكرة معاً".
ويضيف ساعد والده: "التحقت بالثانوية ووضعت حلمي نصب عيني، ولم أذهب للمدرسة وكنت أعمل في النقاشة لأوفر مصروفاتي وأساعد في علاج شقيقي المعاق، والآخر الذي يصغرني بعامين فقط، فضلاً عن عملي في الأراضي الزراعية باليومية، وكنت أذاكر ليلاً، فأنا لم أأخذ دروس في السنة الأولى أو الثانية بالثانوية، وفي بداية السنة الثالثة مررت بظروف قاسية لم أتوقعها وهي حبس والدي على ذمة قضية تبوير قيراط ونصف أرض زراعية، في تلك اللحظات كنت مُطالب بتحمل مسؤولية أسرتي كاملة، وفي نفس الوقت مذاكرة دروسي لتحقيق حلمي، وهنا جلست مع نفسي وفكرت في أحوالنا، وكنت أثق أن الله سيقف معي، فبدأت في تنظيم وقتي، وكنت أذهب للدروس 4 أيام، وأعمل 3 أيام أسبوعياً، كما ذهبت لمدير مدرستي وشرحت له ظروفي مع أول إنذار فصل جاءني في الصف الثالث الثانوي، واستأذنته بعدم الذهاب للمدرسة، فتعاطف معي وواصلت الليل بالنهار، كنت أذهب للعمل صباحًا حتى حلول الليل وأعود لأذاكر دروسي في الليل لأكثر من 7 ساعات، وأنام قليلاً".
ويروي القلشاني قائلاً: مررت بظروف صعبة، فأخويا كان محتاج فلوس كتير لإجراء عمليات في الظهر والقدمين واليدين، وأمي كانت بتبيع أنابيب غاز لأهل القرية لتساعدني في توفير مصروفات العمليات، هو حياتنا ودعواته السبب في تفوقنا، كنا بنستمد منه الأمل والطاقة رغم صغر سنه، لكن لم أستطع توفير نفقات الدروس الخاصة، والتحقت بمجموعات التقوية العامة التي تضم أكثر من 30 طالباً، وطلبت من خالتي توفير موبايل لي لأستطيع متابعة القنوات التعليمية على الإنترنت بسبب عودتي متأخرًا من العمل، وفرحت عندما حصلت على التليفون الذي ساعدني كثيرًا في مذاكرة دروسي عبر الإنترنت من خلال القنوات، كنت مضطر للعمل ليل ونهار، وبعض المدرسين لما عرفوا ظروفي كانوا بيرفضوا ياخدوا الفلوس، لكنى كنت بصمم فكانوا يرجعوهالى لما أطلع الأول في امتحانات الشهر، كنت بتحرج أمد أيدي لحد ولا مدفعش فلوس الدروس للمدرسين".
يتابع الطالب: "سافرت للقاهرة علشان أشتغل في غسيل الأطباق في مطعم، يمكن أحصل على فلوس أكتر، لكن متحملتش الوقفة على رجلي طول اليوم، وتعبت فرجعت للنقاشة تاني، عملت بها أكثر من 14 ساعة يوميًا، لأوفي بمصروفات أسرتي وزيارات والدي في سجن جمصة، لكني استطعت التغلب على هذه الظروف وجلست في بيتي قبل الامتحانات بشهر واحد لأذاكر دروسي واتفوق، واستطعت الحصول على مجموع أهلني بالالتحاق بكلية الطب، وجاءتني بطاقة الرغبات بها كلية الطب في جامعة كفرالشيخ، لكنني أخشى عدم استكمال دراستي في ظل ظروفي الأسرية الصعبة، وأطمع في كرم الله وكرم الرئيس السيسي أن يساعدني، في الحصول على منحة من الكلية".
والدته تناشد السيسي بتوفير مصروفات دراسته
وتقول والدته: كنت أخرج يوميًا في الصباح الباكر لأحصل على أسطوانات غاز من المستودع، لأبيعهم في القرية لمساعدة نجلي في مصروفات المنزل، ولشراء أدوية وتوفير نفقات ابني الآخر المعاق، مضيفة "تعبت كتير لكن ربنا عوضني بتفوق محمود، ونفسي الرئيس السيسي يأمر بتوفير مصروفات الجامعة، فكلية الطب بتحتاج مصروفات كتير، واحنا مش قادرين عليها، الحياة صعبة، ونفسي ابنى يكمل تعليمه".