رئيس الاتحاد الدولى للمناجم: الخصخصة شبح يغزو العالم.. ومليونا حادث وفاة للعمال سنوياً
داس براديب
اعتبر داس براديب، رئيس الاتحاد الدولى للمعادن والمناجم، أن خصخصة صناعة الصلب والمعادن ظاهرة كارثية تمثل شبحاً يغزو العالم، ويجب التصدى لها، باعتبار أن صناعة الصلب أساس الصناعات الأخرى التى تقوم عليها اقتصاديات الدول، وأشار «براديب» فى حواره لـ«الوطن»، على هامش مشاركته فى المؤتمر الدولى الثالث للصناعات المعدنية الذى عُقد مؤخراً فى مصر، أن الوضع الحالى فى صناعات الصلب والمعادن يذهب من السيئ إلى الأسوأ، لافتاً فى الوقت نفسه إلى أن مصر تعتبر من الدول الكبرى فى تصنيع الصلب وتشهد حالياً تقدماً علمياً كبيراً فى كافة الأمور المتعلقة بالصناعة.. إلى نص الحوار:
كيف رأيت المؤتمر الدولى الثالث للصناعات المعدنية الذى عُقد فى مصر؟
- لا شك أن مؤتمر هذا العام كان مختلفاً خاصة مع الرغبة الملحة فى كثير من بلاد العالم لخصخصة صناعة الصلب والمعادن، ولأنها ظاهرة كارثية تمثل شبحاً يغزو العالم، يجب التصدى لسياسات خصخصة صناعة الصلب، باعتبارها أساس الصناعات الأخرى التى تقوم عليها اقتصاديات الدول، وهذا ما أكده المشاركون فى المؤتمر، كما أنهم حذروا من محاولات القطاع الخاص وبمساندة بعض الحكومات وصندوق النقد الدولى الهيمنة على هذه الصناعة الاستراتيجية.
«داس براديب» لـ«الوطن»: مصر من الدول الكبرى فى صناعة الصلب وتطبق أحدث نظم السلامة المهنية
وماذا عن وضع صناعة الصلب والمعادن بشكل عام؟
- الوضع الحالى فى صناعات الصلب والمعادن يذهب من السيئ إلى الأسوأ، كما أن الطلب على الصلب فى حالة ركود فى سوق العرض والطلب، خاصة فى البلاد الرأسمالية المتقدمة، فالصين فقط تنتج ما يقرب من نصف الفولاذ فى العالم، لذا كان يجب على الصين أن تقلل إنتاجها والتوقف عن إنشاء مصانع جديدة، خاصة مع تكبد مصانع الصلب فى الكثير من البلاد خسائر فادحة بسبب المنافسة غير العادلة، بل وصل الأمر إلى إغلاق مئات مصانع الصلب فى الدول المتقدمة والنامية أو إفلاسها، وبيع العديد من شركات الصلب الشهيرة، وفى الهند تم إغلاق المئات من مصانع الصلب الصغيرة والمتوسطة، ما تسبب فى تشرد مئات الآلاف من العمال.
بحلول 2019 سيكون هناك أكثر من 212 مليون عاطل.. وهذا خطر على الطبقة العاملة والمجتمع بأكمله.. ولا بد من بناء وسائل إعلام للدفاع عن هذه الطبقة
وماذا عن الصناعات الأخرى مثل الألومنيوم والنحاس والزنك؟
- للأسف لم يختلف وضع تلك الصناعات عن الصلب، فالركود طال الصناعات المعدنية بأكملها، ما أدى إلى عشوائية كبيرة تعانى منها هذه الصناعات، خاصة مع عدم وجود رؤية واضحة فى الأفق من أجل التعافى من ذلك فى المستقبل القريب، ويتضح ذلك فى عدم إنشاء مصانع جديدة، أو خطط لفتح مجالات أخرى للصناعة، فضلاً عن غياب الدور الحقيقى للحكومة لدعم هذه الصناعة.
وما تأثير دخول التكنولوجيا على صناعة الصلب والمعادن فى العالم؟
- لا شك أن التقدم التكنولوجى شىء مهم فى عالم الصناعة، ولكن أحياناً هناك استخدام للتكنولوجيا تعقبه نتيجة سيئة، وهو ما حدث فى صناعة الصلب، حيث اعتمد أصحاب الأعمال على الحاسوب، والذكاء الاصطناعى، والسيارات بدون سائق، فلم يعد هناك اعتماد على العامل، والقوة البشرية هى الأساس فى الصناعة، وقد يؤثر ذلك يوماً على التنظيمات النقابية التى من المفترض أنها تدافع عن العمال، فلن يكون لها وجود مع اختفاء الطبقة العاملة.
وهل تسببت التكنولوجيا بالفعل فى ارتفاع نسبة البطالة؟
- حجم الاعتماد الضخم على التكنولوجيا فى جميع مناحى الحياة ساهم بقوة فى تجميع ثروة ضخمة فى أيدى قلة من الناس، بسبب قلة دفع الرواتب مقابل شراء أجهزة حديثة ومتطورة، وبالتالى يقابل هذا زيادة مستمرة فى نسبة البطالة بدول العالم، وتقرير التوظيف العالمى الذى نشرته منظمة العمل الدولية العام الماضى، يؤكد استمرار البطالة فى الارتفاع فى السنوات المقبلة، وبحلول عام 2019، سيكون أكثر من 212 مليون شخص عاطلين عن العمل، مقارنة بـ201 مليون شخص عاطل فى العام الحالى.
الصناعة تعانى من الركود ووضعها يسير من سيئ لأسوأ.. وتشرذم الحركات النقابية ضيع حقوق أعضائها
كيف نرفع الوعى بأهمية التنظيمات النقابية لصالح خدمة العمال؟
- لا بد من العمل على إعادة بناء وسائل إعلام للدفاع عن الطبقة العاملة، لأنه للأسف معظم وسائل الإعلام بكافة أنواعها تدافع عن أصحاب الأعمال ومصالحهم، وهنا يأتى دور المنظمات النقابية التى من المفترض أن يتم توعية العمال بضرورة الانضمام لها لكى تكون خط الدفاع الأول عن حقوقهم من سيطرة أصحاب الأعمال، وهنا تظهر أهمية توحيد الصف العمالى من التشرذم الذى يطول الحركة النقابية فى بعض البلاد، وينتج عنه تدهور فى حقوق العمال.
ماذا عن الحوادث والوفيات فى مصانع الصلب ومناجم المعادن؟
- من المفترض أن هناك اختبارات حقيقية لأى منشأة قبل إقامتها، لمعرفة مدى معايير السلامة والصحة المهنية وأجهزة التحكم فى التلوث والمواد المستخدمة، من حيث خطورتها، ولكن للأسف الكثير من أصحاب الأعمال يتخطون مثل هذه الاختبارات بطرق غير شرعية وبمساعدة الحكومات التى تقوم بتبرئة هؤلاء من الالتزام بالقوانين، ما أدى إلى حدوث كوارث على الطبقة العاملة، فتزايدت الحوادث وأعداد الوفيات، التى يمكن وصفها بأنها جرائم قتل، ووفقاً لتقرير WFTU القائم على منظمة العمل الدولية، فإن عمليات القتل هذه تصل إلى 2 مليون عامل كل عام، وهذا يعنى أن 6 آلاف عامل يقتلون كل يوم، بمعدل 4 عمال فى الدقيقة على مستوى العالم، ومن ناحية أخرى تصل نسبة الأمراض المهنية إلى 160 مليوناً فى السنة.
ماذا عن وضع مصر فى صناعة الصلب؟
- تعتبر مصر من الدول الكبرى فى تصنيع الصلب، حيث تشهد حالياً تقدماً علمياً كبيراً فى كافة الأمور التى تتعلق بالصناعة، خاصة فيما يتعلق بتطوير المنظومة وتطبيق أحدث نظم السلامة والصحة المهنية، وهذا يعنى إدراك الدولة لأهمية تلك الصناعة، لا سيما أنها صناعة استراتيجية فى اقتصاديات الدول.