"الكتاب الموحد" يقسم أساتذة "الأزهر" ويثير مخاوف من "احتكار التأليف"
إجتماع سابق لقيادات جامعة الأزهر
أثار مقترح لمجلس جامعة الأزهر، بتوحيد الكتاب الجامعي للكليات المناظرة (المتشابه) الجدل بين أعضاء هيئة تدريس الجامعة، منقسمين إلى ثلاثة فرق، الأول يرفض المقترح ويرى أنه يقتل الإبداع ويحتكر التأليف، وفريق مؤيد للمقترح، وآخر يجد "الكتاب الموحد" صالح لبعض الكليات ولا يصلح لكليات أخرى، فيما هدد رافضي المقترح باللجوء للقضاء لوقفه.
وأكدت جامعة الأزهر، في مجلسها الأخير، الأربعاء الماضي، أن العمل جارٍ على أن يكون هناك كتاب موحد يدرّس على جميع الأقسام المناظرة في مختلف كليات الجامعة، وذلك ضمانا للحيادية وتكافؤ الفرص، إضافة لظهور الكتاب الجامعي بشكل يعبِّر عن تعاون وتكامل أكثر من أستاذ في إعداده ومراجعته، حسب نص بيان مجلس الجامعة.
ورأت الجامعة في تجربة تطبيق الكتاب الموحد، محاولة للسيطرة على كل الأفكار التى تطرح بالمناهج للحد من انتشار الأفكار المتطرفة.
نائب رئيس الجامعة: المقترح لا يوفر مبدأ تكافؤ الفرص.. العميد السابق لـ"شريعة وقانون": سألجأ للقضاء لوقف القرار
وقال الدكتور توفيق نور الدين نائب رئيس جامعة الأزهر لشؤون الدراسات العليا السابق، لـ"الوطن"، إن مقترح توحيد الكتاب الأزهري غير صائب، "فلا يوجد في التعليم الجامعي ما يسمى بالكتاب الموحد، ونتائجه تقتل روح الإبداع والفكر والابتكار لدى الأساتذة الجامعيين، وسيتخرج جيل من الطلاب ليس لديه روح الإبداع وسيكونوا على وتيرة واحدة من المستوى الفكري".
وأضاف أن الكتاب الموحد يتنافى مع الحياة الجامعية والدراسة بالجامعة، التي هدفها التنوير الفكري، موضحا أن "الجامعات المصرية بها عيب كبير فهي تتبع نظام التلقين في مناهجها، وفي حالة تنفيذ هذا القرار سيصبح الأستاذ الجامعي مثل: أستاذ الثانويية ملتزماً بمقرر محدد، ولا يستطيع إخراج إمكانياته، كما أن المقترح لا يوفر مبدأ تكافؤ الفرص، لأن طريقة التناول والتدريس هي من تحدد معيار التكافؤ لدى الطلاب على مستوى الكليات المتناظرة".
كما رفض الدكتور علوي أمين، عميد كلية الشريعة والقانون السابق، فكرة الكتاب الموحد لكليات الأزهر، وقال: "الكتاب الموحد عودة لنظام الكُتاب، فالأستاذ الجامعي له قيمة علمية رفعية وبهذا المقترح سيصبح مثل: الموظف، فهذه المقترحات لا يعلم مداها إلا الله".
وأضاف، لـ"الوطن"، أنه يجب أن يكون هناك توافق بين الأستاذ الجامعي والطالب، من خلال المقرر الذي يضعه الأستاذ الجامعي، وعن طريقه يستطيع إخراج أفضل ما لديه من علوم ومعارف في تخصصه. موضحا أن نظام الكتاب الموحد "يقتل كل ما هو جديد في العملية التعليمية، ودخول المشروع طور التنفيذ ينذر بخطر شديد على العملية التعليمية ويقتل الأستاذ والطالب معاً".
وانتقد الدكتور علوي سياسات قيادات جامعة الأزهر الحالية، وقال: "هناك مساعٍ لفرض السيطرة وعدم الاهتمام بالابتكار داخل الجامعة وفي حال تطبيق الكتاب الموحد سألجأ للقضاء لوقفه".
"عبدالعاطي": مقررات كليات القاهرة أكثر صعوبة من الصعيد.. وعضو هيئة تدريس: "الكتاب الموحد" دعوة للتجديد
وفي الجانب الآخر، أيد مجموعة من أساتذة جامعة الأزهر مقترح "الكتاب الموحد"، مؤكدين أن قيمة دكتور الجامعة أكبر بكثير من أن يضع منهجا دراسيا، وأن المقترح لا يدعو إلى حكر التأليف.
وقال الدكتور محمد عبدالعاطي رئيس قسم الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر: "أؤيد المقترح، فهناك بعض الأقسام بالكليات في القاهرة تحتوي على مقررات أكثر صعوبة مقارنة بنظيرتها في إقليم الصعيد، وبالتالي يستطيع الطالب من خلالها الحصول على تقديرات أعلى رغم دراسته محتوى أقل، مما يحدث نوعا من الظلم، فأستاذ الجامعة ليس دوره فقط أن يضع مناهج دراسية، لأنه باحث بالأساس، والباحث ينقب في المجال العلمي الذي يبحث فيه، فلديه المؤتمرات العلمية والندوات العلمية والملتقيات الثقافية والبرامج الحوارية التي تقام في الإعلام، يستطيع من خلالها التعبيرعن نظرته العلمية، فالمنهج الدراسي منهج موحد يستطيع أي دكتور في الجامعة أن يضعه".
وأضاف، لـ"الوطن"، أن قيمة دكتور الجامعة أكبر بكثير من أن يضع منهجا دراسيا "ويصبح مثل البائع في سوبر ماركت"، كما أكد أن الكتاب الموحد لا يقتل الإبداع كما يشاع، "لأن الأستاذ الجامعي يستطيع أن يوسع مدارك طلابه بما يمتلكه من علم وخبرات، بالإضافة إلى المنهج المقرر على مستوى الكليات المتناظرة، الذي يضعه مجموعة من الأساتذة ويختارون من بينهم من يمثلهم على مستوى جميع الكليات، وستقوم لجنة عليا مشكلة من رؤساء الأقسام العلمية بعمل اجتماع مع نائب رئيس الجامعة لتحديد المنهج".
من جانبها، ترى الدكتورة حنان سرواح أستاذ البلاغة والنقد بجامعة الأزهر أنه لا بأس من خوض تجربة الكتاب الموحد، وقالت: "مزاياه ستضمن لطلاب الفرقة الواحدة دراسة المقرر نفسه على مستوى الكليات المتناظرة، وبالتالي لن يحدث ظلم بين الطلاب".
وعن أن الكتاب الموحد يحكر التأليف على أشخاص بعينهم، قال الدكتور محمد علي الأزهري عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر إن الكتاب الموحد لا يدعو إلى حكر التأليف على مجموعة بعينها، بل على العكس هي دعوة للتجديد والابتكار. مؤكدا أن مفهوم الكتاب الموحد "ليس كما يردد البعض حكر التأليف على كليات الجامعة بالقاهرة، بل الجميع سيشترك في التأليف كل قسم بجميع كليات الجامعة له عدد من المقررات يكتب فيها، على أن يشترك جميع أعضاء هيئة التدريس في وضع المقررات اللازمة أو المطالَب بها".
وأضاف: "يقوم رؤساء الأقسام في بعض الكليات بفرض مقررات بعينها أو يمارس فرضًا على بعض المدرسين، لكن هذا القرار جعل الفرصة للجميع في المشاركة أيضًا من حسنات الكتاب الموحد تبادل العلوم بين جميع أعضاء هيئة التدريس في كليات الجامعة، وتنقية الكتب من بعض الدخن الذي كان فيها، سمعنا أن كتبًا تحمل منهجًا لا يتفق مع منهج الأزهر الوسطي".
"نادي تدريس الأزهر": نؤيد تطبيقه في الكليات الشرعية ونرفضه في الكليات العملية
وفي موقف وسطي بين رافضي مقترح الكتاب الموحد ومؤيديه، قال الدكتور حسين عويضة رئيس نادي أعضاء هيئة تدريس الأزهر: "المقترح له شقين، الأول الكليات الشرعية، منها كلية الشريعة والدعوة الإسلامية وغيرها، وهناك نؤيد الكتاب الموحد، لأن هناك أساتذة يقومون بتدريس رؤى فقهية لا تناسب الجامعة ووسطية الأزهر، فالكتاب الموحد سيٌوضع في إطار الرؤية الأزهرية الوسطية ويكون تحت إشراف الجامعة".
وأضاف عويضة، لـ"الوطن": "الشق الثاني، وهو الكليات العملية منها كلية الطب والهندسة والزراعة وغيرها، فلا يمكن تطبيق الكتاب الموحد لأن العلم في هذه المجالات لحظي وهناك تطوير وتجديد بالمجال ولا يمكن ربط التعليم فيها في فترة زمنية محددة، وهنا يتحول الأستاذ والطالب لملقن وليس مبتكر.
من جانبه، قال حسين القاضي الباحث في شؤون الحركات الإسلامية والأزهر، لـ"الوطن": "المشيخة لا يوجد بها شخصية لها وجود ومكانة في البيئة العلمية وبين طلبة العلم، اليوم، ويجب تغيير المناهج بصورة تتضح معها معالم المنهج الأزهري الخالص، فلابد من وجود علماء ربانيين أهل وراثة وعلم، وهم موجودون لكنهم مبعدون من المشيخة".