«الحسين» ضائعاً: الثورة قطعت رزقه.. سافر السعودية قالوله مابنشغلش أقزام.. طلب كشك فى مصر قالوله لازم تكون مسجل خطر
جسده صغير، لكن عمره تجاوز الثلاثين، يظهر على وجهه وبوضوح شارب يشير إلى أنه رجل فى ريعان الشباب، لكن لم يمنعه ذلك من ارتداء ملابس أطفال.. حال الأقزام فى مصر يمكنك أن تلمحه فى عينى «الحسين كمال»، الذى يسير بين أقدام المارة متلفتاً يميناً ويساراً خوفاً من أن يصطدم به أحد فيصيب جسده الصغير.
منذ أكثر من ثلاث سنوات بدأت حياة «الحسين» تنحدر إلى الأسوأ بسبب الإعاقة التى يعانى منها منذ أن لفظته والدته من سعة الرحم إلى ضيق الدنيا، كان الرجل الثلاثينى يعمل فى كافيه تم افتتاحه فى عباس العقاد، كل العاملين فيه أقزام مثله، نشأت قصة الحب بينه وبين زوجته بداخله، واكتملت بالزواج، ليرزقه الله بـ«كمال» قزم آخر احتضنته الأسرة، و«كريم» الذى ولد شخصاً طبيعياً.
فى كنف والديه يعيش «الحسين» وأسرته الصغيرة، تخرج فى كلية التجارة جامعة عين شمس عام 2003، لم يجد سوى المقهى يجلس عليه، لكنه وجد فيه أيضاً ملاذاً للعمل واقتناص فُتات الأموال، ولكن ركود السوق بعد الثورة واستغناء كل مالك عن عماله، جعله واحداً من المشردين فى الدنيا: «ما انا كده أو كده مش باين من الأرض.. فهيخلونى ليه؟». إلى السعودية سافر باحثاً عن عمل ولم يكن مر على زواجه أشهر قليلة، سأله أحد المواطنين هناك: «هو انت إيه اللى جايبك تشتغل هنا؟! دا احنا عندنا الأقزام بيقعدوا فى البيت وياخدوا فلوس»، تسللت الكلمات كالسم فى دماء «الحسين»، عاد مع العمالة المرحَّلة، عمل فى عدة مقاهٍ أخرى، لكن دون جدوى، لم يجد أمامه سوى حى عين شمس، حيث يقطن، صعقته الكلمات بعد تقديمه طلب إنشاء كشك: «لازم تكون مسجل خطر عشان نوافقلك على طلب الكشك».
عاود دورانه بين الشوارع والحارات، ترمقه نظرات ممتزجة مختلفة قليلاً بالتعاطف وكثيراً بالاستهزاء، خاصة من الأطفال الذين يزيدون عليه طولاً: «يا قصير يا قُزعة»، ثم يتطور الأمر ليصل إلى رشقه بالطوب والحجارة، ليهرول مسرعاً محاولاً الهروب، محتمياً بمنزله وسط أسرته، آملاً فى أمنية واحدة علها تتحقق: «كشك أصرف بيه على عيالى».