المعاناة الخامسة: عصارات «الزيتون» متوقفة لقلة الإنتاج.. والمزارع فى خبر كان
وقف داخل معصرته فى انتظار أن يدق الرزق بابه، فى هذا التوقيت من كل عام كان زبائنه يقفون فى انتظار دورهم لعصر محصولهم الموسمى من الزيتون، لكن الزبائن أبوا الحضور هذا العام، ومن حضر جاء بالقليل ليصبح هذا العام هو الأسوأ بالنسبة لأصحاب العصارات.
تجده يستقبلك بحفاوة على عكس الأهالى الذين غلب عليهم الخوف من أن ينتهى حديثهم عن المشاكل التى تواجههم فى سيناء بعد عزل الرئيس محمد مرسى إلى مأساة تودى بحياتهم، يخبرك بأن المحصول الذى استقبله هذا العام يعادل ربع ما قام بعصره خلال السنوات الماضية، خاصة أن أغلب مزارع الزيتون الموجودة على الطريق الدولى جرفها الجيش ولم يستفد منها الأهالى.
يقف وسط «معصرته» ليرينا عن قرب العملية التى يمر بها الزيتون منذ دخوله المعصرة بداية من غسله وتنظيفه من بقايا ورق الشجر حتى دخوله مرحلة العصر وفصل العصير عن النواة، ثم الاستفادة من «النواة» بعد فرمها واستخراج ما يسمى بـ«الطفلة» التى كان يبيعها لأصحاب مصانع الأسمنت فى السويس.[FirstQuote]
يقول «محمود»: «حتى أصحاب مصانع الأسمنت توقفوا عن شراء (الطفلة) بعد إغلاق كوبرى السلام واستخدام معدية القنطرة شرق، حيث تستغرق السيارة وقتاً طويلاً وربما تبيت أمام المعدية حتى يأتى دورها، وبالتالى بدأ التجار يعزفون عن شرائها».
يقف الرجل أثناء جولته فى المعصرة أمام ماكينة ثانية للعصر متوقفة، ليضيف: «الماكينة دى شغالة بس احنا موقفينها عشان مفيش محصول، زمان الماكينتين كانتا تعملان ومش ملاحقين على الناس، زيت الزيتون اللى كان بيطلع من عندنا كان بيسافر على إسبانيا وسوريا وليبيا بس بعد المشاكل اللى حصلت هناك التصدير انعدم».[SecondImage]
هنا قاطعه أحد المزارعين معقباً على كلماته: «عمر الزيتون ما تأثر باللى حصل فى سوريا وليبيا ولا فى مصر، ممكن التصدير انعدم لسوريا، وقل فى ليبيا، بس بنبيع لدول تانية، المشكلة مش فى التصدير، أكتر من المشكلة فى الزيتون اللى اتجرف قبل ما نحصده». وأضاف: «الجيش جرف مساحات كبيرة من المزارع على امتداد الطرق الرئيسية، وتحديداً الطريق الدولى، دون أن يسمح لنا بجمع الثمار، وسمعنا أن هناك تعويضات ولكن لم يتحقق شىء، فشجرة الزيتون الواحدة تحتاج 6 سنوات لتنمو من جديد، تخيل أنى أقعد جنب الشجرة 6 سنين عشان أعرف أستفيد منها!!».
وتابع: «أغلب الناس بتخاف تتكلم فى موضوع مزارع الزيتون، عشان هما مش قد الجيش، وصحيح فى عمليات بتستهدف الضباط من وسط المزارع، بس مش كلها، ومش معناه أن يجرف لنا المزارع».
مشكلة تجريف الزيتون لم تكن المشكلة الوحيدة التى تواجه التجار، فمشكلة وصول السيارات التى تحمل العبوات البلاستيكية لتعبئة الزيتون من القاهرة والعودة بها ممتلئة لتجارها تقف عقبة أيضاً أمام المزارع، موضحاً: «بعد غلق كوبرى السلام أصبحت حركة وصول السيارات إلى سيناء صعبة، فالسيارة ربما تقف يومين فى انتظار دورها للمرور عبر المعدية، فضلاً عن وجود أخبار بضرورة أن يدفع السائق مبلغ 1200 جنيه مقابل مروره عبر المعدية، مما سبب خوفاً للسائقين». وعن تجريف الجيش لمزارع الزيتون، أكد مصدر عسكرى، لـ«الوطن»، أن القوات المسلحة لم تجرف مزارع الزيتون، وإنما قطعتها فقط حتى يتسنى للمزارع الاستفادة منها، قائلاً «لم نجرِ عمليات تجريف، وقطعنا الشجر حتى يستفيد منه المواطن، وخاصة المزارع الموجودة على الطريق والتى كانت تستغلها الجماعات فى الهجوم على المجندين فى الكمائن».[SecondQuote]
وأضاف المصدر: «بعد قطع شجر الزيتون يجتث الأهالى الشجر من جذوره ويحملونه على السيارات ليبيعوه أملاً فى الحصول على تعويض، فيما اهتم قلة من المزارعين بالشجر الذى تم تقطيعه من الجزء السفلى للشجرة، لحين الاستفادة منه، خاصة أن الشجر يحتاج إلى وقت لنموه والحصول على ثماره».[ThirdImage]
واستطرد: «وفقاً للنظم الدولية فإن الطرق الدولية فى أى مكان فى العالم يوجد حرم للطريق، ولا توجد مزارع تصل إلى أسفلت الطريق نفسه، وكل ما فعلناه كان ناتجاً عن استخدام الجماعات للمزارع فى استهداف المجندين»، مستشهداً بما حدث مع المجندين فى كمين المحاجر على طريق مطار العريش.