3 تجارب شبابية على طريق «الكسب السريع»
شباب على طريق الكسب السريع
«إسلام»: الفقر بيخسرنا ناس بنحبهم وبنلجأ لأى طريقة نكسب بيها فلوس
لم ينجح فى الحصول على وظيفة حكومية رغم ترتيبه الثانى على دفعته خلال فترة دراسته، وبعد أن أتعبه الانتظار، قرَّر إسلام جمال، 25 عاماً، حاصل على ليسانس لغة فرنسية ودراسات عليا فى الصحة النفسية، من جامعة الأزهر بالقاهرة عام 2015، أخيراً الرضا بالأمر الواقع، والبحث عن وظيفة خارج مجاله يستطيع من خلالها توفير سبل العيش. ويقول «إسلام» إنه بالعمل والتفكير المنطقى يستطيع الحصول على ما يريد من المال، لكن لكل شخص، خاصة الشباب، وجهات نظر مختلفة: «أى شاب فى بداية حياته محتاج فلوس علشان يقدر يستقر ويكوِّن أسرة، لأن الحصول على وظيفة حالياً أصبح شبه مستحيل، وده واضح من خلال عدم قدرة الحكومة على تعيين أوائل الجامعات، تخيل باقى الخريجين هيروحوا فين؟».
ثانى دفعته: باشتغل فى محل «كشرى».. وهكمل دراسات عليا
وأضاف «إسلام» أنه يعمل حالياً «كاشير» بمحل «كشرى» فى مدينة نصر: «لأن المهم أكسب وأصرف على نفسى»، وأكد أنه ارتضى العمل فى هذه الوظيفة، لأنه يحتاج أن يصرف على نفسه، علاوة على أنه لم يتوافر له سواها، لذا قبل بالأمر الواقع حتى يستطيع استكمال دراسته: «مفيش شغل فى مجالى متاح، والمفروض أنا من أوائل دفعتى، يعنى كان مفروض أتعيّن، خلصت جيش وسنتين بعدها، وما كانش قدامى حل تانى غير إنى أشتغل وأشوف أى طريقة أصرف على نفسى بيها»، مشيراً إلى أنه رغم ذلك لم ييأس، وما زال يستكمل دراسته العليا بنفس الجامعة، من أجل تسجيل رسالة الماجستير: «بجانب شغلى بكمّل دراسات عليا، عشان أقدر أسجل الماجستير، يمكن ساعتها أتوظف».
وأوضح «إسلام» أن المال لا يصنع السعادة، لكنه يساعدنا على شراء ما نريد، وهو يوصلنا للسعادة أحياناً عن طريق مشروع يضمن لنا الراحة نحن وأبناؤنا فى المستقبل، أو عن طريق الزواج من شخص نحبه: «عدم وجود المال بيكون سبب حرماننا من أشخاص طوال حياتنا، المال فى أيامنا دى أصبح أكسجين الحياة، وأى شاب فقير فى بداية حياته لما يفقد حاجة عزيزة عليه طبيعى إنه يلجأ لأى طريقة يجيب منها فلوس». وتابع «إسلام» أن الشباب يبحث عن أى عرض مالى ويتخلّى عن مبادئه، نظير سد احتياجات ومتطلبات الحياة التى أصبحت صعبة حالياً، وقد يقبل الشباب أى عرض بسبب ما يحدث من تزايد نسبة البطالة، وقلة فرص العمل.
واستكمل «إسلام» أنه لو أُتيحت له فرصة الحصول على المال بطريقة غير مشروعة فلن يقبل: «ديننا ورسولنا وضّح لنا سوء عاقبة هذا الطريق، ولا يمكن أن أقبل بذلك الطريق»، موضحاً أنه يسعى إلى العمل بمجاله والاستمرار فى البحث العلمى».
«إمام»: من إمامة المصلين إلى «تجارة العطور»: الفرصة تأتى مرة واحدة
عمله فى الخطابة وإمامة المسجد، أو فى التدريس، جعله يسعى لخوض تجربة تجارة العطور، حتى يستطيع تلبية متطلّباته، كما تمنى الحصول على فرصة جيدة فى أى مجال يستطيع من خلاله الحصول على المال، لإيمانه بمقولة: «الفرصة لا تأتى إلا مرة واحدة».
«إمام عادل»، 22 عاماً، أحد أبناء محافظة المنيا، مركز أبوقرقاص، خريج كلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر عام 2017، وحاصل على معافاة من الجيش فى نفس العام، كان يعمل خلال دراسته حتى استطاع إنشاء أحد المشاريع الخاصة به، لعلمه أن مرتبات الوظائف الحكومية لا تكفى المعيشة الأساسية: «لو اتعينت يدوب هقدر أعيش بالمرتب، وكونى شاب أتمنى أن أعيش حياة مرفهة مثل غيرى».
«المال السبب الرئيسى للسعادة.. ومن حقى أحلم»
وأضاف «إمام» أن المال وسيلة وأداة مهمة من أجل حياة كريمة، وبالرغم من أهميته ودوره فى الحياة، لكن ينبغى ألا يخرج عن كونه وسيلة فقط، ولا يتحول إلى غاية أو هدف، وينبغى تحصيله من أوجه الكسب الحلال: «لو عملت مشروع هقدر أكسب فلوس كويسة، لكن أظن دا هيكون صعب حالياً، بسبب عدم وجود مال كافى لإنشاء أى مشروع ولو كان بسيط».
يستعمل «إمام» عقله ليصل إلى ما يريد: «ممكن أشغل عقلى، وبطريقة سهلة هكسب فلوس كتيرة فى وقت قليل، وده واضح فى السوشيال ميديا، وقنوات اليوتيوب، وغيرها من الطرق التى تجنى المال بسهولة». وتابع أن مواقع التواصل الاجتماعى أصبحت تجنى المال لكثير من أصدقائه، ولعدم قدرته على شراء بعض الأجهزة، لم يستطع الربح مثلهم: «فكرت كتير أكون زى أصحابى، لكن معاهم أجهزة غالية، وصعب أشتريها».
قصص الثراء السريع نادرة، ودائماً ما يتمنى «إمام» أن يصبح واحداً من أصحاب الفرص: «حقى أحلم»، لافتاً إلى أنه يجب الانتباه إلى أن الكثيرين يضخّمون من قصص الذين حققوا ثروات ضخمة فى فترات قصيرة، وحتى تصل إلى ما تريد، يجب أن تسعى إلى فكرة جديدة: «دلوقتى ما بقتش تنفع وحدها، محتاجة ممول وده دايماً هو العائق أمام أى شخص يريد أن يبدأ حياته».
«المال هو السبب الرئيسى فى السعادة، وأعترض على أى شخص ينكر ذلك» يقولها «إمام» مؤمناً بأن كل شىء أصبح متعلقاً بالمال، كما أن عدم توفير فرص عمل جيدة للشباب وغلاء الأسعار، جعلهم يبحثون عنه بأى طريقة: «حالة الكبت اللى الشباب عايش فيها من ناحية الزواج ومصاريفه اللى بقت لـ«من استطاع إليها سبيلاً»، خلّتنا بندور على الفلوس من غير ما نفكر فى مصدرها».
«عبدالرحمن»: ينتصر لـ«الفلوس»: مش هعمل بتاع مبادئ.. أنا مستنى الفرصة
ينتصر للفلوس.. هذا هو حال عبدالرحمن صابر، 20 عاماً، أحد طلاب كلية الزراعة بجامعة أسيوط، والمقيم بالقاهرة، الذى يقول إن الحصول على المال «لا يتحقق أبداً بطرق شرعية»، لذلك ينتظر أى فرصة تأتى له من أجل الحصول على المال، حتى ولو كانت بطريقة «غير شرعية»، وذلك حسب قوله: «من أجل حياة كريمة له ولأبنائه»، مستبعداً ما يتردد عن المبادئ إلى آخره، لأنه مقتنع بأن «من يملك المال يملك كل شىء».
يقول «عبدالرحمن» إن أسرع طريقة للحصول على المال هى الطريقة غير الشرعية، مضيفاً أن المال هو شريان الحياة، وأصبح يسيطر على كل شىء: «أى شخص بيسعى للمال لأنه دلوقتى زى الهوا والمية»، موضحاً أن الشاب لا يستطيع الحصول على الكسب بسهولة، والمشكلة فى عدم وجود الفرصة: «معظم الشباب مقتنع بفكرة أن من يملك المال بيملك كل شىء، لكن المشكلة فى كيفية الحصول على هذا المال»، لافتاً إلى أن محترفى التكنولوجيا الحديثة يمكنهم جمع المال، وكذلك من يجيد اللغات الأجنبية، وأوضح: «لكن أنا تعليم حكومى، وإحنا معروفين إننا بناخد الشهادة علشان الجيش، وبعدها نتجوز بيها».
ابن أسيوط يقول إن المال أحياناً يجبرنا على الاستغناء عن مبادئنا، وذلك بسبب الاحتياج له، ولا يمكن العيش بدونه: «الفلوس بتشترى كل حاجة، والشغل بالشهادة مبيأكلش عيش، ولو اشتغلنا باليومية، هنفضل طول عمرنا فى نفس المكان»، موضحاً أن المال لا يصنع السعادة، لكن لا بد من وجوده، وعدم الحصول عليه قد ينهى مستقبل الأبناء فيما بعد: «عدم وجود المال هيقتل أحلام ولادى بكرة، زى ما أنا معرفتش أعيش حياتى»، لافتاً إلى أن الأغنياء رغم ما لديهم من أموال ما زالوا يبحثون عن مزيد من المال: «الكل بيفكر فى الفلوس ليه أنا هعمل فيها الشريف وأعيش دور صاحب المبادئ؟، رجال الأعمال معاهم فلوس وبيعملوا مشاريع تانى، وبينفقوا فلوسهم فى أمور تافهة، ومبتخلصش، ليه ماكونش زيهم!!».
نقص الفلوس لدى «عبدالرحمن» يمنعه من بدء مشوار البيزنس، فهو يريد أن يبدأ بمشروع، لكنه لا يملك رأس المال: دايماً بافكر فى مستقبل أولادى من بعدى، وباسأل نفسى هل لو عرفت أتجوز هابقى قادر أعلم أولادى أصلاً؟.. أنا خايف أتجوز مقدرش أصرف على ولادى، والتعليم الحكومى دلوقت محتاج مصاريف كتير.. وأنا أكيد هاعلم أولادى برضه فى تعليم حكومى زى مانا اتعلمت عشان مش معايا فلوس، وهيتخرجوا مش عارفين حاجة زيى».
وأضاف «عبدالرحمن» أنه لو تم تعيينه بمرتب «عالى» سيعدل عن رأيه دون تردد، مؤكداً أن ذلك لن يحدث ولا يفكر فيه: «لو اتعينت بمرتب كويس هيخلينى أوصل للى أنا عايزه أكيد هأوافق، لكن دا مستحيل يحصل، إشمعنا أنا اللى هلاقى وظيفة وكمان فى مجالى وتكون كويسة؟»، لافتاً إلى أنه لو استطاع الحصول على عمل خارج مصر سيذهب إذا كان المرتب «يقضى الغرض»، حتى إن عمل خارج مجال دراسته.