حكاية دخول مادة "التشريح" لأول مرة "مدرسة الطب" في عهد محمد علي باشا
محمد علي باشا
احتدم الخلاف كثيرًا في العصور الماضية بشأن تشريح جسم الإنسان لدراسته والاستفادة من ذلك في تخصصات ومجالات مختلفة، عندما اصطدم العلم الغربي بصخرة المعتقدات العربية والتزامها بتعاليم الدين، وكانت هذه العقبة أول ما واجه حاكم مصر محمد علي باشا عندما قرر إدراج دراسة مادة التشريح ضمن مناهج مدرسة الطب التي أنشأها على الطراز الأوروبي الحديث في عهده.
كان يجب على محمد علي باشا أن يقنع الأهالي بأن تشريح جسم الميت لا يمس أمور الدين في شئ حتى يوافقوا على إرسال أبنائهم إلى الدراسة في مدرسة الطب التي قرر أن يفتتحها لأول مرة في مصر، وكان يديرها في بداية الأمر أساتذة من دول أوروبا.
في مقال منشور بمجلة العربي في يناير 1990، عن كتاب"تشريح الإنسان بعد الموت بين العلم والدين" للدكتور سامي محمود علي، سلط الكاتب الضوء على هذا الخلاف الفكري، وتحدث فيه عن المحاولات التي بذلها محمد علي باشا لتذليل هذه العقبة وإقناع الأهالي بأن تشريح جسم الميت لا يخالف الدين حتى أثبت لهم أن علم التشريح له أهمية كبرى تخدم الإنسان في مجالات عديدة بعدما حصل على فتوى من العلماء بجواز ذلك بشرط مراعاة الاحتياط والحذر.
ويقول إحسان جعفر في المقال،" بذل محمد علي كل ما في وسعه لتذليل هذه العقبة وكان محمد علي نفسه يعضد أو يعطي الثقة في هذا الشأن لـ"كلوت باشا" مدير مدرسة الطب في ذلك الوقت، ولم يرخص بالتشريح ترخيصا صريحا ولكنه وعده ألا يعترضه أحد في ذلك".
كان "كلوت باشا" في بداية الأمر يتكتم على العمليات التشريحية التي يقوم بها، ويقيم الحرس حول قاعة التشريح، وبمرور الأيام أصبح تشريح حسم الإنسان بعد الوفاة شيئا مألوفا، وحل محمد علي باشا هذه المسألة الشائكة بفتوى سرية وتدابير احترازية عديدةن حسبما جاء في المقال.