«الترانزيت»: يدفن والدته فى مقبرة صديقه لحين شراء «تُربة»
مقابر - صورة أرشيفية
رن هاتفه المحمول أثناء انهماكه فى إصلاح أحد أجهزة الكمبيوتر فى الشركة التى يعمل فيها، تكرار الرنين المستمر أجبره على الرد، ليخبره محدثه على الجانب الآخر بمرض والدته الشديد ونقلها لأحد المستشفيات القريبة من منزلها بالقاهرة، غادر محمد مصطفى، مهندس اتصالات، مقر عمله فوراً متجهاً إلى هناك، ليجدها فى حالة سيئة يُرثى لها، وببحثه عن الطبيب المختص بحالتها ليطمئن منه على وضعها الحالى، أخبره الطبيب أن والدته تواجه الموت، ثم ربت على كتفه ونصحه بالتواصل مع كبار العائلة لتجهيز مراسم الدفن: «فى اللحظة دى أنا كنت بين نارين، نفسى أترمى فى حضن أمى وأحاول أشبع منها قبل ما تفارقنى، لكن هوسى الذى لم يفارقنى للحظة هو إن مالناش مقبرة خاصة لدفنها هنا فى القاهرة، وأنا كان نفسى تدفن جنبى، عشان أقدر أزورها بسهولة وقت ما أحب». اضطر «مصطفى» إلى اللجوء لأهل قريته، لدفنها بمقابر القرية، لكنهم أخبروه بأن مدافن القرية لم تعد صالحة حيث طالتها المياه الجوفية، وكانت تلك صدمته لعدم توافر حلول أخرى أمامه، فبدأ رحلة البحث عن مدفن يستضيف جثمان والدته، بعد بضعة أيام توفيت والدته، فعرض عليه صديقه وزميله فى العمل دفنها فى مقابرهم بمدينة نصر، تهلل وجهه فرحاً، ولم يكن قادراً على تصديق ما يسمعه: «الحمد لله، حسيت إن ربنا استجاب دعايا إن أمى تدفن جنبى، ونزل هم البحث عن مدفن من على كتفى».
لم يكن يعلم أن قصته مع المدافن لم تنته عند هذا الحد، فبعد مرور عامين كاملين، رن هاتفه مرة أخرى، وبالتكرار البغيض نفسه، ليجده صديقه الذى استضاف جثمان والدته، يطلب منه أن يذهب إليه ليستلم رفات والدته، ويتكفل بنقله إلى مكان آخر، وأخبره أنه قرر بيع المقبرة، وبالطبع المشترى يريدها فارغة: «أنا اتصدمت، ماكنتش متخيل إنى ممكن أواجه موقف زى ده، قلت له حاضر وأنا ماكانش فى ذهنى أى بديل». لجأ «مصطفى» إلى زميل آخر فى العمل، لاستضافة والدته فى مدافن أسرة الأخير مؤقتاً حتى يشترى مدفناً. توجه «مصطفى» بعدها للتقديم على طلب قرض بمائة ألف جنيه بضمان عمله، لشراء مدفن صغير، وفى انتظار التشطيبات النهائية لتسلم المدفن: «ساعتها بس أمى هترتاح فى تربتها».