«فاينانشيال للدراسات»: حرب طاحنة بين 6 شركات استيراد مصرية للسيطرة على سوق الذرة
استهلاك الذرة لم يرتفع بنفس القدر الذى ارتفعت به الكميات المستوردة العام الماضى
قدمت دراسة تحليلية لشركة «أسواق فاينانشيال» للدراسات، رؤية متعمقة لأسواق السلع الغذائية فى مصر، خلال النصف الأول من العام الحالى، وقالت إن مصر تشهد حالة من الركود لم تشهدها من قبل فى معظم القطاعات، وهى ناتجة عن عملية الإصلاح الاقتصادى، وإنه من المتوقع أن تتحسن هذه الحالة مع تزايد نجاح عملية الإصلاح خلال الفترات المقبلة.
أضافت «الدراسة» التى حصلت عليها «الوطن» أن سعر صرف الدولار مقابل الجنيه شهد استقراراً خلال النصف الأول من العام، ما بين 17.54 و17.76 جنيه للدولار، وأشارت إلى أن بيانات البنك المركزى تتحدث عن أن التضخم فى نهاية يونيو 2017 يأتى عند 14.4% مقابل 29.76% العام الماضى فى نفس الفترة، لافتةً إلى أن هذا التراجع لم ينعكس على قطاع المحاصيل المستوردة التى تعتمد فى أساسها على العملة الأجنبية فى استيرادها ودون تغير فى أسعار الصرف، وبالتالى فإن التضخم سوف يظل ملازماً لأسعار المحاصيل الزراعية ومشتقاتها.
وعرضت «الدراسة»، تحليلاً مبسطاً لعدد من السلع الاستراتيجية، وما طرأ عليها من تغيرات خلال النصف الأول من العام، وذكر أن صناعة الدواجن كانت هى الضحية والمتأثر الأكبر خلال النصف الأول من العام، بعد طرح كميات ضخمة من الدواجن المستوردة (12 جنيهاً للكيلو) من قبل بعض الشركات والجهات الحكومية، ما أدى إلى خسائر ضخمة لمربى الدواجن الذين يبيعون الكيلو «حى» فى المزارع بـ24 جنيهاً، ما جعل الكثير يتخلى عن عزوفه عن شراء المستورد.
دراسة تحليلية: جفاف «القمح» يرفع الأسعار.. وعدم استقرار «الأسمدة» ينعكس على السلع الزراعية
ورصدت «الدراسة»، ما سمَّته بـ«حرب طاحنة» تدور رحاها بين 6 شركات تستورد الذرة، لاقتناص أكبر قدر من واردات الذرة فى السوق المصرية، فى محاولة منهم للسيطرة على سوق الذرة، التى شهدت فى الثلاث سنوات الماضية تدفقات نقدية كبيرة، سواء من جانب الشركات التى تحولت من سوق القمح إلى الذرة، أو بعض الشركات التى تسعى إلى التوسع، أو عبر محاولة بعض من الشركات الكبرى اقتناص بعض من حصص الشركات الأخرى، وهو ما ترتب عليه ارتفاع كبير فى الكميات المستوردة خلال النصف الأول من العام، على الرغم من أن استهلاك الذرة لم يرتفع بنفس القدر الذى ارتفعت به الكميات المستوردة عن العام الماضى بل ظل مستقراً، وأوضحت «الدراسة» أنه ما إن تراجعت الأسعار العالمية للذرة، بنحو 20 دولاراً للطن، لم تفكر تلك الشركات فى التخلى عن بعض مكاسبها فى السوق المصرية، لتسريع عملية البيع، فى ظل حالة الركود التضخمى منذ عام، ما أدى إلى تكبد المستوردين خسائر تصل إلى 400 جنيه لطن الذرة الواحد.
وفيما يتعلق بشركات الأعلاف، أفادت «الدراسة» بأن النصف الأول من عام 2018، شهد تغيراً كبيراً جداً فى سوق أعلاف الدواجن، التى تستهلك نحو 65% من واردات الذرة لمصر؛ مضيفاً: «بالرغم من التراجع الحاد فى أسعار خامات الأعلاف الرئيسية (الذرة - كسب الصويا) وتمثل نحو 88% من قوام الأعلاف، فإن أسعار الأعلاف لم تستجب إلى تلك الانخفاضات، خاصةً بعد أن توجهت الشركات الكبيرة المستوردة لخامات الأعلاف فى السوق المصرية إلى البيع إلى المصانع مباشرة، بعيداً عن التجار، وحذرت «الدراسة» من أن استمرار حالة الركود التضخمى فى سوق الذرة، فى ظل وفرة المعروض، واستمرار الحرب بين الشركات، قد يؤدى إلى خروج صغار المستوردين من «الملعب» لصالح «الكبار».
«الدراسة» تحذر من خروج صغار مستوردى «الذرة» لصالح «الكبار» وتُبشر بزيادة إنتاج «زيت الصويا»
وفيما يتعلق بسلعة القمح، أشارت «الدراسة» إلى أن القمح شهد تغيراً كبيراً خلال النصف الأول من عام 2018، نتيجة التراجع الكبير فى الكميات المستوردة من القمح، حيث تراجعت الواردات بنحو 4% خلال النصف الأول، كما بلغت الواردات فى نهاية يونيو من العام الحالى نحو 5.174 مليون طن، مقابل 5.417 مليون طن العام الماضى لنفس الفترة، مضيفةً: «بالطبع التراجع الحالى يعتمد على تراجع اللاعب الأكبر فى السوق المصرية والمستورد الأكبر فى العالم للقمح وهو الهيئة العامة للسلع التموينية التى بلغت وارداتها خلال النصف الأول من العام نحو 3.257 مليون طن من القمح مقابل 3.725 مليون طن العام الماضى لنفس الفترة، بتراجع نحو 12% عن العام الماضى لنفس الفترة، وهذا التراجع طبيعى بعد أن أحكمت الحكومة قبضتها على التلاعب فى تسلم القمح المحلى منذ الموسم الماضى بنسبة كبيرة، والموسم الحالى شهد تراجعاً فى مشتريات الحكومة للقمح المحلى، حيث بلغ إجمالى تعاقدات الحكومة هذا الموسم نحو 3.15 مليون طن مقابل 3.75 مليون طن الموسم الماضى ومقابل 5.2 مليون طن فى 2015، والتراجع الذى حدث العام الماضى بعد سد ثغرات التلاعب فى التوريد لم يكن هو اللاعب الأساسى هذا الموسم فى التراجع، ولكن كمية 577 ألف طن التى تراجعت فى التوريد هذا الموسم ذهبت إلى مطاحن القطاع الخاص، خاصة أن أسعار توريد الحكومة للقمح بسعر 577 جنيهاً للأردب، أى ما يعادل 4157 إلى 4777 جنيهاً للطن، وقد كان سعر القمح 12.5% بروتين، فى فترة التوريد ما بين 4787 جنيهاً للطن، وهو ما أدى إلى توريد بعض من المزارعين إلى القطاع الخاص بدلاً من التوريد للحكومة، وأشارت «الدراسة» إلى أن ارتفاع أسعار القمح بنحو 377 جنيهاً للطن منذ بداية العام وحتى نهاية النصف الأول يرجع إلى المشاكل الكبيرة فى الإنتاج العالمى، خاصةً أن محاصيل فرنسا وألمانيا وروسيا وأوكرانيا عانت بسبب الطقس الجاف، وهو ما سيؤدى -مع التراجع فى توريد القمح المحلى ولتغطية الاستهلاك- إلى قيام «الهيئة» بشراء كميات أكبر خلال الفترة المقبلة، دون النظر إلى ارتفاع الأسعار حفاظاً على منظومة دعم الخبز، وأوضحت «الدراسة» أن سوق الأسمدة من الأسواق المهمة جداً فى الدورة الزراعية، وأن عدم استقرار أسعار الأسمدة يؤدى إلى عدم استقرار أسعار السلع الزراعية. وبحسب «الدراسة»، شهد النصف الأول من العام الحالى تراجعاً كبيراً بواردات زيت الصويا عن العام الماضى بنسبة 45%، وبتراجع قدره 78% عن متوسط الثلاثة أعوام الماضية لنفس الفترة، وهذه الواردات ما زالت مقتصرة على الهيئة العامة للسلع باعتبارها المستورد الوحيد لزيت الصويا داخل السوق المحلية بداية من عام 2017 وحتى النصف الأول من العام الحالى، وهذا التراجع بفضل التوسع الكبير فى مصانع عصر بذرة الصويا والاهتمام برفع القدرة الإنتاجية لزيت الصويا بدلاً عن استيراده وهى خطوة كبيرة نحو تخفيض قيمة الفاتورة الاستيرادية. وفى نفس السياق، كشفت «الدراسة» عن أن النصف الأول من العام الحالى شهد زيادة ملحوظة فى طاقات «العصر المحلى للصويا» سواء بزيادة طاقة عصر المصانع المعروفة بالسوق أو بدخول عدد لا بأس به من المصانع الجديدة فى عملية العصر ولهذا تأثير إيجابى على السوق المحلية.