«الوطن» ترصد ليلة دامية فى العريش: الجيش يقصف مواقع حدودية بالطائرات
قالت مصادر عسكرية إن أجهزة الأمن ومطاردات الجيش والشرطة أسفرت عن مقتل 20 من العناصر الجهادية وإصابة آخرين فى أماكن تدريبهم وأماكن تجمعهم قرب الحدود. وفى الوقت نفسه فى الثالثة من عصر أمس استقبل مستشفى العريش جثامين بعض القتلى وتم وضعها تحت حراسة مشددة فى مشرحة المستشفى.[Image_2]
رصدت «الوطن» ليلة رعب عاشها أهالى العريش تحت دوى طلقات الرصاص التى أطلقها ملثمون على 4 كمائن فى وقت سابق بالمدينة، كان الأقوى والأكثر استمراراً الهجوم على كمين الريسة شرق مدينة العريش بمسافة 2 كيلومتر فى اتجاه مدينة الشيخ زويد ورفح الحدودية، وأسفر الهجوم عن إصابة شخص كان يمر بالمصادفة وقت تبادل لإطلاق النار بين قوات الأمن والمهاجمين.
وقال شهود عيان إن إطلاق الرصاص على الكمين بدأ فى العاشرة مساء، واستمر بشكل متقطع قرابة 4 ساعات، وتبين أن كمين الريسة شهد تعزيزاً أمنياً أمس قبل الهجوم، وانضم ضباط وأفراد شرطة مسلحون إلى قوات الجيش، وتبين أن البعض منهم منتدب فى اليومين الأخيرين بسبب الأحداث الأخيرة وأنهم يعملون فى مديريات أمن مختلفة بعيدة عن سيناء.
وتزامن إطلاق الرصاص على كمين الريسة مع إطلاق رصاص على كمين بمنطقة المزرعة وآخر عند مطار العريش ورابع عند الطريق الدائرى، وكان الهجوم فى هذه الأماكن أقرب لـ«توصيل رسالة» ليس أكثر، وحدث تبادل لإطلاق الرصاص فى الأماكن الثلاثة لمدة أقل من ساعة، وأسفر عن إصابة 3 ضابط شرطة وأمين شرطة ومجند، ونقلوا إلى مستشفى العريش، وكانت إصاباتهم بطلقات رصاص فى الأطراف، وكانت حالتهم غير خطيرة فى الوقت الذى استمر فيه إطلاق الرصاص على كمين الريسة، وتوقف قرب صلاة الفجر. وكان المهاجمون يتخذون من مكان مرتفع حصناً للاحتماء به وتبادل الرصاص مع أفراد الكمين الذين يقفون فى الطريق السريع، وهو مكان منخفض عن امتداد المنطقة الجبلية التى تفصله عنها عمارات سكنية كانت حائلاً دون إصابات مباشرة على أفراد الكمين.
وفى الثانية فجراً وبعيداً عن الهجوم على الكمائن الأربعة، بدأت عمليات التشويش فى مدينة العريش على أجهزة المحمول وانقطع الاتصال تماماً لتعزل المدينة نهائياً عن أى مدينة أخرى حتى الساعات الأولى من صباح أمس، كما انقطع «الإنترنت» من الثانية فجراً وحتى صباح أمس عن المدينة وضواحيها.
وفى الثالثة فجراً بدأت طائرة للجيش فى التحليق بمناطق معينة فى سيناء هى الجورة، جنوب رفح، وهى قرية تابعة لمدينة الشيخ زويد، وكذلك فى قرية توما القريبة منها. وكانت الطائرة تطلق قذائف ورصاصاً وصواريخ على سيارات وأشخاص، نسبت إليهم أجهزة الأمن أنهم من الجماعات التكفيرية فى تلك المناطق، وأن البعض منهم اشترك بطريق الاتفاق والمساعدة فى قتل 16 من القوات المسلحة لحظة الإفطار يوم الأحد الماضى.
وقال شهود عيان إن الطائرة ظهرت فى الثالثة فجراً، وظلت تجوب وتتحرك وتطلق قذائفها فى المنقطة قرابة ساعتين متواصلتين، وتزامن مع إطلاقها للقذائف قطع الكهرباء عن تلك الأماكن.
وانتقلت «الوطن» إلى أماكن إطلاق الرصاص والقذائف على مناطق فى قرية الجورة، وتبين أنها عبارة عن صواريخ طولها يقترب من المتر، وأنها ملقاة فى بعض المنازل وأمامها وتحفظ عليها بعض الأهالى بعد أن هددت أرواحهم وجعلتهم يبيتون ليلتهم خارج المنازل.
محمد عقيل «33 سنة» قال: «أقسم بالله العظيم، أول مرة فى حياتى أشوف طائرات مصرية فى سيناء.. عمرى ما شفت.. أول مرة أحس بجو الحرب.. أنا لما بدأ ضرب القذائف مع صوت الطيارة أمس.. اتصلت بأمى وقلت لها: ادعى لى ودى ممكن آخر مرة تسمعى صوتى».
حمدان نصار «25 سنة» من قبيلة السواركة، قال: «الضرب بدأ فى الثانية أو بعد الثانية بنصف ساعة، ولكن الأزمة أن الضرب كان عشوائياً ودون هدف محدد. تزامن مع قطع التيار الكهربائى، نحن مع الجيش وسنساعده فى الضرب ومحاصرة هؤلاء، أقسم بالله سنبلغ عن أى هارب أو تكفيرى أو من يحل قتل جنود الشرطة والجيش، لكن نطلب منهم ألا يضربوا دون تحديد هدف، القذائف التى أطلقت أمس كادت تودى بحياة بشر وأطفال يعيشون هنا فى أمان».
الحاج يوسف، وهو رجل تجاوز الخمسين وبات ليلته أمس خارج منزله، قال: «كنت أستعد للسحور وفجأة سمعنا صوت تحليق طائرة وسمعنا صوتاً مدوياً بقوة، كان أشبه بالانفجار وفوجئت بالقذيفة ترتطم بجدار المنزل وتسقط طوباً على سيارتى الملاكى قبل أن تتحرك وتخرج بعيداً، وكدت أفقد حياتى».
أما الطفل عبدالرحمن حسين عيد «4 سنوات» فكان يقف بعيداً عنهم وهو يرتعش قبل أن يقترب من بقايا القذائف ويمكسها ويقف أمام الجميع وفى عينيه علامات استفهام.
وقد تأهب مستشفى العريش العام، أمس الأول، لاستقبال جثث من قتلوا خلال الاشتباكات التى وقعت بين قوات الجيش والأمن وعناصر مجهولة بمناطق جبيلة متفرقة، فيما استقبل المستشفى 3 إصابات جراء الاشتباكات التى دامت لساعات على نطاق الأكمنة ونقاط التفتيش، منها مجندان أصيبا بطلقات نارية فى الساق، ومواطن أصيب بجرح سطحى فى رأسه جراء الاحتكاكات.
وأكدت مصادر طبية لـ«الوطن» أن الحالات خرجت من المستشفى، لأن إصاباتها ليست بالخطيرة، فيما عززت قوات الجيش والشرطة تواجدها بمحيط المستشفى استعداداً لتأمين دخول الجثث وحراستها.
وقال د. سامى أنور، مدير المستشفى، إنه اتصل بكل زملائه بمستشفيات العريش قبل الساعة الثانية ظهر أمس ولم يخبروه باستقبال جثث أو مصابين. وأضاف أن بعض المصادر أخبرته فى تمام الساعة الثانية ظهر أمس، بالتأهب ووضع الاستعدادات الكاملة لاستقبال عدد من الجثث لقتلى فى العمليات التى دارت بين الجيش والعناصر المجهولة.وأكد الطبيب أن المستشفى على أتم الاستعداد للتعامل مع الإصابات والجرحى.
وعن المصابين الذين دخلو المستشفى أمس، قال «أنور»: «استقبل المستشفى حالة مصاب من المواطنين بجروح فى الرأس تمام الساعة الثانية عشرة ليلاً، وهو مواطن كان مجاوراً للكمين وأصيب جراء التدافعات بإصابات فى الرأس تمت مداواتها وخرج من المستشفى، كما استقبلنا فى الساعة الخامسة والنصف صباحاً إصابتين لمجندين، الأول جمعة محمد بدير «35 سنة» ومصاب بطلق نارى فى القدم اليسرى وأصيب بكمين المحجر، ومحمد محمود أبوضفرة «30 سنة» وأصيب بكمين الريسة».
ويحكى الطبيب أنه سادت حالة من الهرج والمرج داخل المستشفى منذ الساعة الواحدة، وتوجه المواطنون للمستشفى للتبرع بالدماء للمصابين إلا أننا لدينا بالثلاجات كميات كبيرة من الدماء، ومن كل الفصائل، وقال: «لو احتجنا دم هنعلن فى وقتها ولن نخفى عن أحد».
وطالب مدير المستشفى وزارة الصحة بتوفير وحدة لعلاج الأوعية الدموية والمخ والأعصاب لعدم لخلو المستشفى منهما. يذكر أن قوات الأمن بالمستشفى تتأهب لاستقبال الجثث ولم تصل حتى مثول الجريدة للطبع.