"الأوقاف" تزيل "الصدأ" عن 100 واعظة وتستعين بهن لتجديد الخطاب الديني
واعظات وزارة الأوقاف بمعسكر أبي بكر الصديق
"تخرجت عام 1995 ومنذ 20 سنة داعية ولا أحد يعلم عني شيئا، وبعد اهتمام الدولة ووزارة الأوقاف بنا، أصبحنا عنصرا هاما في المساجد"، هكذا وصفت سميحة عبدالرحمن بخيت، من محافظة سوهاج، الحالة التي تعيشها داخل المعسكر التثقيفي لداعيات وزارة الأوقاف "أبي بكر الصديق" بمحافظة الإسكندرية.
جلست 100 واعظة بشموخ تغمرهن السعادة، فلأول مرة بعد سنوات من تعينهم بوزارة الأوقاف يتم تدريبهن والاعتماد عليهن في تجديد الخطاب الديني وإيصال الوسيطة والإعتدال ودورهن في محاربة التطرف والجماعات الإرهابية، ونجاحهن في الإختبارات الخاصة بدورة فقه المواريث وتفوقهن علي الآئمة الرجال، خاصة بعد سنوات طويلة من استبعادهن عن العمل الدعوى رغم تعينهم في وزارة الأوقاف.
"الوطن" ترصد فرحة الواعظات بمعسكر التثقيفي بأبي بكر الصديق التابع لوزارة الأوقاف شرق الإسكندرية، وتدريبهن وتعليمهن، واللاتي أكدن العمل على سد الباب أمام الجماعات المتطرفة والسيطرة الكاملة على مصلى السيدات بالمساجد، وإعطاء دروس وتعليم للأطفال والأمهات.
قالت هالة محمد ربيع، 37 سنة من محافظة المنيا، إنه عينت بوزارة الأوقاف داعية بالمسجد لتعليم السيدات منذ 12 سنة، موضحة وكان قد تم إيقاف عمل الواعظات وفصلهن لفترة من الزمن، ثم اعتمد عودتن وزير الأوقاف مرة أخرى، واستئنفوا أعمالهن في عام 2017 بعد إطلاق الرئيس عبدالفتاح السيسي عام المرأة.
وأضافت "هالة" لـ"الوطن"، أن العمل بشكل رسمي تحت مظلة شرعية أمر عظيم، كما أن نتائجه مهمة ومبهرة للجميع، خاصة فيا يتعلق بالوصول إلى أكبر عدد ممكن من النساء، مشيرة إلي إن هذه الدورة لم تكن الأولى بالنسبة لها بل الثانية، وكانت الدورة الأولى متخصصة في الصيام وكل الأسئلة التي تهم النساء في أيام الصيام.
وأكدت أن للواعظات والداعية من النساء دور مهم جداً في تقويم دور السيدات وتوجيهم لخدمة المجتمع، حتى لا تُترك المساجد ودروس النساء الدينية لغير المتخصصات، لافتة إلى دور المرأة كخط الدفاع الأول عن المجتمع، ودور الأم في تحقيق السلام النفسي لأبنائها لحمايتهم من الإحباط والعنف الذي ينتهي بالإرهاب، واتباع الأفكار المتطرفة الهدامة، وعن مدى تقبل السيدات في المساجد لمعلومات ونصائح الواعظات قالت: "السيدة في العموم تتقبل النصيحة من سيدة مثلها، وكثير من الأحيان يكون الاستفسار بين السيدات أسهل من أن يكون من سيدة لرجل، وهذا ما يسهل علينا الأمر في كثير من الأحيان، ويزيد علينا المسئولية".
وقالت فيروز حسين عابدين، ماجيستير شريعة وقانون، من محافظة الغربية، إنها تخرجت من معهد إعداد الدعاه منذ سنة 2004، ولكنها فوجئت بأن الوزارة أعادت اختباراتهن من جديد 2015 بعد انتشار الأفكار المختلطة والمتطرفة في الآونة الأخيرة، لاختيار الكوادر التي تتمسك بالفكر الديني الوسطي المعتدل الخالي من أي أفكار متطرفة.
وأكدت فيروز على إعجابها بالمعسكر في الإسكندرية، لوجود مكان للإقامة به، وتجهيزه على أعلى مستوى يليق بالمجهود الذي يبذل به، مشيرة إلى أنها وجهت رسالة إلى الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف تطالبه بأن يكون هناك معسكر في القاهرة يماثل معسكر أبوبكر الصديق بالإسكندرية، حتى يتمكن من حضور كل الدورات التدريبية.
وأشارت إلى أن إخلال للثقة بين الواعظات والسيدات الدارسات بالمساجد، حدث في الفترة ما بعد ثورة يناير، والتي شهدت تضاربا شديدا في الأراء والأفكار والفتاوى، وكان هناك إحجام وحيرة بين السيدات فيمن يثقوا ويصدقوا، مؤكدة علي أن الثقة في الواعظات بدءت تعود تدريجياً وبشكل كبير، وازداد عدد رواد المساجد من السيدات.
وقال الدكتور عبدالفتاح جمعة، مشرف معسكر تدريب الواعظات الأول، إن ملف الواعظات أخذ من الأهمية مالم يحظى به في سنوات ماضية، ويعطي دلالة على اهتمام الوزارة بالمرأة في تمكنها من شئون الدعوة، لأنها ألصق بشئون وموضوعات الأسرة، موضحاً أن تلك المعسكرات تهدف إلى معالجة كثير من القضايا التي قد يحدث بها التباس علي الأذهان في فهمها، ومحاولة التركيز على فقه الدعوة وفقه التجديد في الخطاب الديني والقضايا المعاصرة.
وأضاف جمعة أن المحاضرين في تلك المعسكرات هم قادة الفكر والرأي والفهم الصحيح للقضايا المعاصرة وفق دراسة متأنية، فلا يأتي أي شخص ليعطي محاضرة أو ندوة إلا إذا كان من أهل التخصص، إضافة إلى الجانب الشرعي لتلك القضايا ومعالجتها بطريقة يمكن تطبيقها على أرض الواقع، لافتاً إلى أن هناك تشديد على العمل على الخطاب الدعوي المتكامل، والعمل وفق مقاصد الشرع في كل القضايا، حتى لا نجعل الخطاب الديني يخطتف من أي جماعة تكفيرية أو إرهابية، ويجب أن يكون الخطاب الديني سمح، ومعلن، لا يكون في الخفاء ويرقى بالقيم والأخلاق والمبادئ العامة للمجتمع.
وأشار إلي أن تلك المعسكرات تنفذ وفق خطة تدريبة محكمة وضعت بعناية أعين خبراء وزارة الأوقاف وبإشراف الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، وليست خطة عشوائية، بخطة متتالية ومتتابعة، مضيفاً أن المعسكرات تستهدف أكثر من 2600 واعظة، ممن تأهلوا واجتازوا عدة اختبارات حتي يستطيعوا فهم القضايا فهماً واقعياً وعصرياً ويتجاوبوا مع الدليل والبرهان في تناول القضايا حتي يكون لهذه المحاضرات تأثير وقبول، وليكون لهم دورٍ بارز في المساجد وزيارتهن للمنازل.
وأكد أن المعسكرات غير مقتصرة علي الجانب التثقيفي فقط، بل يكون بها جانب ترفيهي، والوزارة تختار المحافظات التي يقام بها المعسكرات أن تكون ساحلية، وينظم للواعظات جولات ترفيهية، كنوع من أنواع التحفيز ووالتثقيف الحضاري وأن يحدث شئ مكن التواصل المجتمعي.