عز الفيومي.. قصة موهوب بدأ من مسرح الجامعة وانتهى في القطار
عز الفيومي مع السيناريست سيد فؤاد
من المحتمل أن تكون صادفته، يومًا في إحدى رحلاتك بالقطار، صرفته بيدك رافضًا الآيات القرآنية التي يبيعها دون أن تكلف نفسك عناء النظر إليه.
قد يكون شارك في ازدحام أحد الأتوبيسات المتكدسة في يوم صيفي ذا حرارة خانقة، وتأفأفت من وجوده وحاولت تجاوزه، لعلك اصطدمت به من قبيل الصدفة ولم تعتذر عندما لمحت ملابسه المتواضعة.
لم يكلف أحد نفسه، عناء النظر إلى وجهه الأسمر الذي لفحته حرارة الشمس على مدار سنوات طويلة من الشقاء في قطار الفقراء، وإلى عينيه التي انطفأ بريق الحلم فيها، ولاروحه المجهدة التي انهكتها الحياة، لم يكلف أحد نفسه عناء النظر إلى جسده الوهن الخاوي من روح غادرته منذ زمن بعيد.
الموت هو الوحيد الذي تذكره أخيرًا انتشله من قسوة الحياة الخانقة، رحل عزالدين جمعة عبداللطيف الذي لم يتذكره أحد إلا بـ"عز الفيومي".
يعود المشهد إلى آواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات، الشاب "عز" شخصية بارزة في الأنشطة الجامعية، وجه مألوف في التجمعات الثقافية، وأسم يتنبأ له الجميع بمستقبل باهر، ولماذا لا؟ وهو الحاصل على لقب ممثل أول جامعات مصر 3 مرات.
وقف على كل المسارح، وأثبت موهبة لاينافسه أحد فيها، أحلام بكر لشاب يملك قلب ساع العالم كان العمل مع يوسف شاهين أحدهما، وصلت الأحلام إلى ذروتها عندما تم اختياره ليسافر سويسرا عام 1992، برفقة صديق آخر ليؤسس مسرح هناك، تذكرة طيران درجة رجال أعمال وهو لايملك سوى "كيس" بلاستيك يضم كل ما يملك من حطام الدنيا، ومرت 10سنوات.
عاد "عز" لم يكن معه سوى "كيسه" البلاستيكي وجسده المادي، أما روحه انطفأت للأبد وهجرتها الأحلام دون رجعة أصبحت الأيام متشابهة، رفض العالم المزيف وزهده مكتفيًا بالقروش القليلة التي يجنيها من بيع الآيات القرآنية في القطار، حتى توقف قلبه عن الخفقان في مستشفى الأقصر العام حتى مع توسلات الصدمات الكهربائية، رحل وحيدا في صمت، حلق بعيدا للأبد.