بعد تقرير "الإحصاء".. خبراء يقدمون روشتة لعلاج عجز الميزان التجاري
جانب من اجتماع سابق
كشف خبراء ورجال أعمال، أنه بالرغم من زيادة الصادرات المصرية بنسبة 14% خلال النصف الأول من 2018 لتسجل 12.7 مليار دولار إلا أن الواردات أيضاً ارتفعت بشكل أكبر، لتسجل زيادة بنسبة 16.5%، وهو ما يدعو إلى إعادة النظر في خطط علاج عجز الميزان التجاري، مشيرين إلى أن الصادرات لم تحقق الاستفادة المطلوبة من خطوة تحرير سعر الصرف خلال نوفمبر 2016، وانخفاض قيمة العملة المحلية، والتي كان من المفترض أن ترفع من الطلب على المنتجات المصرية في الخارج.
بداية، قال خالد الشافعي الخبير الاقتصادي، إن أول اختبار حقيقي لخطط علاج عجز الميزان التجاري كان خلال عام 2017 حيث حققت الصادرات 22 مليار دولار فقط، وهو رقم ضعيف جدا، قياساً بالميزة السعرية التنافسية للمنتجات المصرية بعد تعويم الجنيه، وخفض سعره لأكثر من 70%، واستمر العجز التجاري رغم تحسنه بعض الشيء لكنه سجل 25% بنهاية 2017، مضيفاً: "من الأرقام المنشورة عن الصادرات والواردات حالياً نتوقع خلال 2018 عجز تجارى يقارب أرقام العام الماضى".
وأشار "الشافعي"، إلى أهمية التواجد المصري في الأسواق غير التقليدية، وعدم التركيز على الأسواق التى تتواجد فيها الصادرات بالفعل والبحث عن الأسواق الجديدة، فمثلاً مصر لم تحقق استفادة تذكر من افتتاح مركز لوجستى فى كينيا، حيث سجلت الصادرات للسوق الكينى قرابة 60 مليون دولار وهو رقم سئ جداً، يدفعنا لطرح تساؤل حول جدوى هذا المركز والخدمات التى يقدمها وهل يوجد به بضاعة حاضرة أم لا، بالإضافة إلى أن صادراتنا لم ترتفع إلى الدول المجاورة لكينيا فى شرق إفريقيا.
وأكد "الشافعي"، أن التغيرات التي تشهدها الأسواق خاصة الإفريقية، وفي ظل وجود منافس قوي لمصر هناك سواء المنتج الصيني أو الهندي أو حتى التركي، تتطلب من المصدريين المصريين التواجد هناك عن طريق ما يسمى "البضاعة الحاضرة" لأنها السبيل الوحيد لتوسيع نطاق صادرتنا إلى إفريقيا، وكذلك زيادة بعثات استكشاف الأسواق القائمة وإعداد خريطة بالأسواق التى يضعف أو ينعدم تواجد الصادرات المصرية بها.
ومن جهته، أرجع أحمد صقر رئيس شركة صقر للصناعات الغذائية، وسكرتير غرفة الاسكندرية، تراجع الصادرات الى المعوقات التى تحد من زيادتها إلى الأسواق العالمية، ومنها مشكلة تمويل الصادرات، فلا توجد تسهيلات تمويلية كافية لتمويل مرحلة الإنتاج أو مرحلة ما قبل التصدير، لشراء المواد الخام خاصة للشركات الصغيرة والمتوسطة، حيث تطلب البنوك الكثير من الضمانات خاصة من الشركات المصدرة للأسواق الجديدة التي تكون بها نسبة مخاطر مرتفعة.
ولفت إلى أن من بين المشكلات ارتفاع تكلفة استيراد المعدات ومستلزمات الإنتاج، نتيجة ارتفاع أسعار العملات الأجنبية أمام الجنيه، مما تسبب في صعوبة التسعير للمنتجات المصرية المصدرة للأسواق الخارجية، علاوةً على ارتفاع تكاليف التمويل، بالإضافة إلى نقص الخبرة التصديرية لكثير من الشركات.
وفيما يتعلق بالواردات، أشار إلى أن المشكلة الحقيقية بالنسبة للواردات هي عدم وجود بيانات واضحة لاحتياجات مصر من هذه الواردات، ما أدي إلى أن أكثر من 60% من السلع الاستثمارية التي نستوردها تعد طاقات معطلة، ولانستفيد منها كما أن البنوك لم تقم بدراسة هذه الواردات قبل اعطاء الائتمان، مؤكداً عدم وجود قواعد واضحة أو معلومات متاحة عن الانتاج أو عن المخزون الراكد وهذه عوامل جميعها تودي إلى استنزاف العملة وتؤدي إلى زيادة الواردات.
وكشف أسامة سعد جعفر رئيس شعبة المستوردين بالغرفة التجارية للقاهرة، اسباب تنامي الفجوة بين الاستيراد والتصدير، وقال إنها تأتى بسبب ان المصانع المحلية لا تغطى سوى 20% من احتياجاتنا فى السوق المحلى، كما أن القائمين على الصناعة المصرية استحوذوا على السوق عقب تحرير سعر صرف، وفرضوا اسعار للسلع غير حقيقية، وفضلوا توريد كل انتاجهم الى السوق المحلى نظراً، لان اغلب منتجاتهم مرتفعة السعر ولا يوجد جودة بها.
ودعا "جعفر" إلى الاستغناء عن بعض نوعيات الأسماك ولعب الأطفال ومستحضرات التجميل، وهي سلع لا تدخل ضمن دائرة اهتمامات المستهلك البسيط، ويتم انفاق مبالغ كبيرة جداً علي استيرادها، ويحقق القائمون علي هذه التجارة ارباحاً خيالية تصل في بعض الأحيان إلي 100% من السعر الأصلي وبالتالي يمكن منع استيرادها.
ومن جهته، قال المهندس علاء السقطي عضو مجلس إدارة الاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين، إنه بالرغم من تعويم الجنيه الا ان مصر لازالت غائبة عن العديد من الاسواق التصديرية، وأرجع الأسباب الى انه لايزال يسيطر على رجال الاعمال المصريين مخاوف من الاستثمار فى افريقيا لزيادة حجم المخاطرة بالمقارنة مع دول مثل "تركيا - الصين - الهند"، لان استثماراتهم محمية بقوة القانون، مضيفاً: "احنا مش شاطرين فى التفاوض".
ودعا "السقطي"، الحكومة وضع خريطة تفصيلية لاحتياجات هذه الدولة ومدى استفادة مصر منها، داعياً إلي تنظيم زيارات للأسواق الافريقية، لمعرفة نقاط القوة والضعف هناك ومدي احتياج الأسواق الأفريقية للمنتجات المصرية، مطالباً بوجود مستثمرين جادين لديهم القدرة على التحدي وتحسين جودة المنتج المصري، في ظل منافسة شرسة من دول شرق أسيا وأخرى غربية، لافتاً إلى ضرورة الاستفادة من الثروات الطبيعية والمواد الخام في هذه الدول، وعدم انتظار الدولة لأن تأخذه من يده للتعامل مع تلك الأسواق.
كان الجهاز المركزي للإحصاء قد أعلن عن ارتفاع العجز بالميزان التجاري خلال شهر مايو الماضي بنسبة بلغت12.6%, حيث بلغت قيمة العجز 3.84 مليار دولار، مقابل3.42 مليار دولار لنفس الشهر من عام 2017، وذكر أن قيمة الصادرات ارتفعت بنسبة 1.4% حيث بلغـت 2.48 مليار دولار خـلال شهــر مايو الماضي، مقابل2.44 مليار دولار لنفس الشهر من العام السابق، لارتفاع قيمة صادرات بعض السلع، كما ارتفعت قيمـة الواردات بنسبة 7.9%، حيث بلغـت6.32 مليار دولار، مقابل5.86 مليار دولار لنفس الشهر من العام السابق وذلك لارتفاع قيمة واردات بعض السلع.