أزمة فيلم"أسرار عائلية" تعيد طرح التساؤل حول مسئولية الرقيب وحرية الإبداع
تسببت الأزمة الجارية حالياً بين الرقابة وصناع فيلم «أسرار عائلية» فى إعادة طرح التساؤل عن مسئولية الرقابة على المصنفات الفنية، وفق القانون الذى يلقى على عاتقها حماية قيم المجتمع والمستوى الرفيع للعمل الفنى وتجنب ما يكون مبتذلاً منه، وتعارض ذلك فى أحيان كثيرة مع حرية الإبداع التى ينادى بها المبدعون، خاصة بعد ثورتى يناير ويونيو، ومطالبة الكثيرين بتحويل هيئة الرقابة لجهاز للتصنيف العمرى فقط، دون أن يتدخل بالمنع أو الحذف فى محتوى الأعمال الفنية.
الناقد على أبوشادى، الرئيس الأسبق للرقابة على المصنفات الفنية، يتحدث فى البداية قائلاً: «السؤال الذى ينبغى طرحه فى البداية فيما يتعلق بحرية الإبداع هل هو إبداع بالفعل وهل هو عمل حقيقى وجاد يستحق الدفاع عنه، أم أنه يقدم قضية شائكة بهدف الجذب الجماهيرى فقط، وهذا لا يمكن تحديده قبل مشاهدة الفيلم، ولكن فى النهاية يظل منصب الرقيب يعتمد على المواءمات التى لا تتعارض مع طبيعة الظرف المجتمعى، فما يمكن أن يسمح بعرضه اليوم قد يمنع غداً، ويظل تمرير أى فيلم قرارا شجاعا للرقيب ولكن ذلك يعتمد على ضرورة تقديم هذه الأفكار التى تتجاوز حدود المألوف، وعليه ينبغى على الرقيب إحداث نوع من المواءمة بين منظور المبدع وطرحه لأفكاره ونيته فى تقديم عمل هادف وبين طبيعة الظرف المجتمعى والشارع الذى قد لا يتقبل مثل هذا الطرح الجرىء».
وأضاف: «للأسف كثيراً ما يتم تداول مزايدات تتعلق بحرية الإبداع والربط بينها وبين الثورة، وهذا فى رأيى لا يجوز، فالثورة لم تقم من أجل تقديم البذاءة الفنية أو الفوضى فى الأعمال الفنية، لذا أتصور أنه فى حالة فيلم «أسرار عائلية» ينبغى أن يتم تنظيم عرض خاص للنقاد والصحفيين حتى يتمكنوا من تكوين رؤية ووجهة نظر حول موضوع الفيلم وتحديد موقفهم من الدفاع عنه أو الانحياز لموقف الرقابة، وذلك حدث من قبل مع فيلم «بحب السيما» الذى وقف الجميع فى صفه ضد المنع أو الحذف إيمانا بقضيته التى يطرحها».
فى حين يؤكد المخرج مجدى أحمد على أنه على الرقابة أن تميز بشكل واضح بين الأفلام التى تقدم مشاهد وألفاظا مبتذلة، وبين تلك التى تقدم قضايا جادة وجريئة، لافتاً إلى أن الغرض النهائى من العمل هو الفيصل فى الحكم على أى عمل فنى من وجهة نظر الرقابة، إذا ما كان يهدف لتقديم فكرة جديدة ومتميزة أم يسعى إلى الابتذال فى المطلق، وأشار إلى أن المشكلة هى أن الأفلام المبتذلة بالفعل هى التى تمر من الرقابة ودلل على ذلك بأفلام العيد.
وأضاف: «أنا بوجه عام ضد الرقابة بشكلها الحالى وأن يكون هناك من ينوب عن المجتمع فى تحديد ما يصلح للعرض، أو أن تكون هناك وصاية عليهم، ولكن بما أن ذلك هو القانون الحاكم فى اللحظة الحالية فلا بد من العمل به حتى يتم تغييره ولكن مع مراعاة التمييز بدقة بين الأفلام المتميزة والمبتذلة».