«نور»: فكرنا فى تعريف «أهل النيل» بمطبخنا.. وردود الفعل كانت مفاجأة
نور إبراهيم
لم يخطر ببالها أنها ستمتلك، ذات يوم، مطعماً لتقديم المأكولات الليبية، حيث إنها درست الحقوق وتخرجت فيها، ولم تكن تعلم أى فن من فنون الطبخ الليبى، ليس هذا فحسب ولكن لم تكن على دراية بكثير من المأكولات التراثية الشهيرة هناك.
تقول نور إبراهيم، التى قادتها الصدفة، على حد قولها، إلى إنشاء مطعم للجالية الليبية بالقاهرة، بمنطقة عباس العقاد، والتى تعد أصغر فتاة ليبية تعمل بمجال المطاعم: «عشت عمرى كله فى طرابلس مفكرتش أعيش فى أى مكان غيرها، لكن ما حدث موخراً أجبرنى أنا وغيرى على ترك ديارنا، ولم تكن هناك دولة أفضل من مصر التى أحسن شعبُها استقبالنا».
وتوضح «نور» أن «بداية دخولها فى بزنس المطاعم جاء عن طريق صديقة ليبية لها، تجيد الطبخ، أقنعها أحد أقاربها بالسفر إلى القاهرة، وإنشاء مطعم ليبى للجالية الموجودة بمصر»، وبالفعل حدث ما خطط له هذا الرجل، وجاءت صديقة «نور» إلى مصر، واتضح أن هذا الرجل أراد فقط سرقتها ليس كما قال إنه يسعى لإنشاء مطعم مأكولات ليبية، فتدهورت حياتها ولم يكن لديها خيار سوى العودة إلى ليبيا، ولكن كيف لها أن تعود وهى لا تملك من المال ما يكفى للعودة، فقررت أن تقوم بطهى أكل ليبى فى شقتها بالقاهرة، إلى أن قابلتها «نور» صدفة، وقصت لها تلك السيدة قصتها، وأنها تعانى من أزمة مالية حادة: «لقيت حالتها المادية سيئة جداً، وفى نفس الوقت كنت بدأت أفكر أعمل بزنس خاص بيا، لكن ماكنتش استقريت على نوعه هيكون فى أى مجال، لما عرفت حكايتها، فكرت أشتغل فى مجال المأكولات وأعمل مطعم ليبى، وهى تشتغل معايا بمجهودها، لأنها تجيد الطبخ، حتى تتمكن من جمع ما يكفيها من أموال للرجوع إلى ليبيا». وتواصل أصغر سيدة تعمل بمجال بزنس المطاعم فى مصر حديثها قائلة: «بدأنا نجهز المطعم فى ٢٠١٣، كانت مساحته فى البداية ٧٠ متراً، وكان رأس المال وقتها ٣٠ ألف دولار، وده كان مبلغ قليل وقتها، فطبعاً خلصنا كل فلوسنا فى التجهيز لدرجة أننا كنا بنشتغل بإيدينا علشان مفيش فلوس، وبدل ما نخلص تجهيز فى شهر، فضلنا نجهز لمدة ٦ شهور، لأن الفلوس كانت خلصت».
أصغر فتاة تعمل فى بزنس المطاعم: ورثت حب التجارة عن والدتى.. وأتمنى تقديم صورة جيدة عن مأكولاتنا لأشقائنا
وتؤكد «نور» أن لديها هواية البزنس حيث إنها ورثتها عن والدتها، التى كانت تعمل فى الأنشطة التجارية: «حب أمى للتجارة حببنى فيها، وكان عندى هدف إنى أكمل مسيرة والدتى، وكمان لأن صعب الإنسان يعيش بدون هدف»، مرجعة العمل بمجال المطاعم بالتحديد إلى رغبتها فى تقديم صورة جيدة للشعب المصرى عن تراث المأكولات الليبية، بالإضافة إلى رغبتها فى خدمة أبناء الجالية، ومحاولة إنصاف المطبخ الليبى الذى عانى لسنوات من الإهمال والنسيان وعدم تسليط الضوء على ما يشتهر به من مأكولات لذيذة، على حد وصفها: «شغلنا بيعتمد على التعاون بينا مفيش كلمة ده شغال عندى، لأن ده يعتبر عيب واللى بيتعامل كده مع العمالة، بيتقال عنه إنه مُحدث نعمة». بهذه الكلمات أوضحت نور إبراهيم أنه من شروط نجاح أى عمل تجارى أن يكون قائماً على التعاون بين أفراده، ولا يمارس أحد أى دور تسلطى على غيره، معتمداً على مقولة «أصله شغال عندى»، حيث اعتبرت أن من يقول هذه الكلمة يصنف بينهم على أنه يعانى من مشاكل نفسية وأنه مُحدث نعمة.
«ممنوع الشيشة فى الطابق الثانى، ومباحة فى الطابق الأرضى» تعلنها «نور»، لزبائن مطعمها الذى يتكون من طابقين، الأول كافية، ومباح فيه الشيشة بأنواعها والثانى مطعم عائلى، بالإضافة إلى ركن خاص بالحفلات والمناسبات الخاصة والعامة، مضيفة: «أكتر مشكلة واجهتنى هى العمالة، كان صعب عليا تكون العمالة كلها ليبية، والتعامل مع المصريين كان صعب فى البداية، لكن بعد كده بدأت أتأقلم معهم، وحالياً شغال معايا مصريين وسوريين وليبيين ومعظمهم دارسين سياحة وفنادق». وعن تعامل المصريين معها تقول: «فى البداية كنت حاسة بغربة، وده وضع طبيعى، لكن شوية شوية بدأت آخد على جو مصر، وأتعرف على طباع شعبها، وقدرت أتأقلم معهم، لدرجة إن يوم ركنت سيارتى غلط، فخرج واحد مصرى، قال لى ألفاظ مش كويسة، مرديتش عليه، اللى رد واحد مصرى، وطبعاً ده يدل على طيبة الشعب واحتضانه لأى غريب».