حقوقيون عن الأمير "زيد": فترة المفوض السامي بالأمم المتحدة كانت عصيبة
الأمير زيد بن رعد الحسين, المفوض السامي السابق للأمم المتحدة لحقوق الإنسان
ودع الأمير الأردني زيد بن رعد الحسين، أمس الجمعة، منصب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، والذي بدأه منذ 1 سبتمبر 2014، لينهي بذلك 4 سنوات من الشد والجذب وتبادل الانتقادات بينه وبين عدد من دول العالم.
لا يمكن أن يتفق الناس على شخص، أو رأي، أو وجهة نظر واحدة، كذلك كان الحال بالنسبة للمفوض السامي الذي انتهت ولايته كأول عربي مسلم يتولى هذا المنصب الرفيع."الوطن" تعرض في السطور التالية، شهادات لأشخاص تعاملوا مع "زيد" خلال السنوات الأربعة الماضية، والتي شهدت تصاعد النزاعات المسلحة، وتنامي خطر الإرهاب، فضلًا عن انسحاب الولايات المتحدة من المجلس الدولي لحقوق الإنسان، ووصول الشعبويين للسلطة في عدد من الدول الأوربية والولايات المتحدة.
أمين «العربية لحقوق الإنسان»: لم يكن مؤهلًا للمنصب.. والمفوضية تراجعت في عهده
المحامي الحقوق علاء شلبي، الأمين العام للمنظمة العربية لحقوق الإنسان، قال لـ"الوطن"، إن "زيد" على المستوى الشخصي، ممتاز، وصاحب أخلاق، لكن المفوضية تراجعت في عهده، لأنه كان يتحرك من منظوره هو لحقوق الإنسان، ويعتقد أن هذا هو الصحيح.
وأضاف "شلبي": "المفوضية هي الرئة التي تتنفس منها منظمات حقوق الإنسان حول العالم، لكن إمكانياتها تراجعت، ولم تكن في عهد الأمير زيد على نفس القدر من الكفاءة، وهذا راجع لعدم السعي نحو التطوير المستمر".
وتابع الأمين العام للمنظمة العربية: "لا يوجد شك أن المفوض السامي المنتهية ولايته قد تولى مهام منصبه في فترة حرجة تتصاعد فيها حدة الحروب والنزاعات المسلحة والإرهاب، عالميًا، وأنه كان واقعًا تحت ضغط أنه أول عربي ومسلم يشغل هذا المنصب الحساس، وأراد أن يقدم صورة، مفادها أن المسلمين والعرب ليسوا ضد حقوق الإنسان، لكن في الوقت ذاته، لم تكن لديه الخبرة الكافية، فقد كان سفيرًا لبلاده في الأمم المتحدة، ولم تكن حقوق الإنسان من اهتماماته الرئيسية".
وأشار "شلبي" إلى أن المفوض السامي، المنتهية ولايته، قدّم ما يستطيع، وفقًا لإمكانياته، لكننا كمنخرطين في العمل الحقوقي لم نر أية محاولات لتنمية الكفاءات في عهده، وهذا تسبب في مشكلة هو شخصيًا قد عانى منها. وأكد أن هذه المشكلة هي مشكلة المنظمة الأممية ككل، والتي تحتاج إلى الدقة في اختيار الشخص المناسب للمكان المناسب، لافتًا إلى أن السنوات الأخيرة شهدت تمدد مؤسساتي كبير داخل الأمم المتحدة في الملف الحقوقي، لكن في الوقت ذاته هذه المؤسسات افتقرت للكفاءة والتأثير.
رئيس «المصرية لحقوق الإنسان»: مواقفه كانت صارمة في دعم ومساندة حقوق الإنسان
وقال الدكتور حافظ أبوسعده، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، إن "زيد" جاء في ظروف صعبة جدًا إقليميًا ودوليًا، وحاول إلى أقصى درجة أن يسعى لتحقيق أهداف الأمم المتحدة، لكنه صُدم بأكثر من عقبة؛ على رأسها تصرفات الولايات المتحدة الأمريكية، التي انسحبت من مجلس حقوق الإنسان الدولي، ومساندتها الدائمة لدولة الاحتلال، واعتراضها على تشكيل لجنة تحقيق في انتهاكات إسرائيل بحق الفلسطينيين.
وأضاف "أبوسعده"، لـ"الوطن": "أداء المفوض السامي المنتهية ولايته أصبح عليه ملاحظات من بعض الدول الغربية، ودخلت بعض الدول العربية أيضًا على الخط، خاصة تلك التي احتجت على تصريحاته، لكن رغم الضغوط التي تعرض لها الرجل، إلا أن مواقفه كانت صارمة في دعم ومساندة حقوق الإنسان".
وأشار إلى أن "زيد" يتمتع بخلفية علمية وثقافة عالية: "هو رجل قانون دولي من الطراز الرفيع، وأحد أسباب توليه المنصب هو دوره الكبير في اتفاقية روما بالمحكمة الجنائية الدولية، فقد كان رئيسًا للجنة المعنية بتعريف جريمة العدوان، ولعب دورًا مهمًا، أشبه بدور الدكتور شريف بسيوني، البروفسير المصري في القانون".
وأكد "أبوسعده"، أن هناك 3 شخصيات عربية أثرت بشكل كبير في القانون الدولي؛ أولهم الدكتور بطرس بطرس غالي، الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة، و"بسيوني"، والأمير زيد بن رعد، مُشددًا على أن أداءهم له انعكاسه على المنطقة العربية، والعالمين العربي والإسلامي.
وأوضح "أبوسعده"، الذي تعامل كثيرًا مع المفوض السامي المنتهية ولايته، في أروقة الأمم المتحدة بالعاصمة السويسرية جنيف، أن "زيد"، ساعده وفريقه في ملف اللاجئين العرب في أوربا: "كان له دور كبير في دعمنا في مواجهة اليمين المتطرف، وحماية السوريين بالتحديد، من التعرض لأية انتهاكات عنصرية في أوروبا".
مسؤول الشرق الأوسط بالمفوضية: تجربته جعلت المواطن العربي يهتم بالشأن الحقوقي وفتحت الباب أمام الكفاءات العربية مستقبلًا
من جانبه، قال رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالمفوضية السامية لحقوق الإنسان، محمد النسور، إن الفترة التي تولى فيها "زيد" لا شك أنها كانت صعبة، ولا زالت، على مستوى المنطقة العربية وعلى مستوى العالم أيضًا، وشهدت تطورات دولية كثيرة، بالإضافة لظهور تنظيم داعش الإرهابي، وتصاعد خطر الإرهاب.
وأضاف "النسور"، في تصريحات لـ"الوطن": "هذه الفترة شهدت أيضًا تغليب مسألة المواجهات الأمنية لخطر الإرهاب، على ملف الحقوق والحريات، في الوقت الذي كان ينادي فيه المفوض السامي للنظر للأمر من زاوية مختلفة، تمحورت حول أن احترام حقوق الإنسان ركيزة أساسية من ركائز تحقيق الأمن".
وأوضح رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أن "زيد" كان يرى أن هناك خللا جوهريا في التعاطي مع الجماعات الإرهابية، والذي نجده مقصورًا على التعاطي الوقتي والأمني، ما تسبب في فشل العالم في القضاء على الظاهرة، لأنه أغفل أهم العوامل للمواجهة الشاملة، وتضافر الجهود سواء مواجهة التطرف بالفكر أو التربية على حقوق الإنسان، ووجود فكرة المواطنة والدولة المدنية.
وأشار "النسور" الذي كان قريبًا من "زيد" طوال فترة ولايته، إلى أن السنوات الأربعة الماضية شهدت تطورات على مستوى أوروبا والشرق الأوسط والعالم كله، وعلى الرغم من أن المفوض السامي المنتهية ولايته أزعج الكثير من الحكومات بسبب انتقاده لقادة بعض الدول، إلا أنه في الأسبوع الماضي جميع ممثلي الدول الأعضاء وقفوا وصفقوا لأكثر من 5 دقائق، تقديرًا لجهوده، وتحدث ممثلو 75 دولة، بما فيها دول انتقدها أكثر من مرة، بالثناء عليه، مؤكدا أن كل من سيتولى هذا المنصب، سيجد استياء، وعدم ارتياح من الحكومات، لأنه يمثل صوت الضحايا، والاستياء نوعان؛ إما استياء رسمي من الحكومات التي يذكرها في تصريحاته، أو من المجتمع المدني إذا شعر بالتقصير من جانب المفوضية.
وقال "النسور" إن هناك تحدٍ كبير واجه "زيد"، كونه أول عربي ومسلم يتولى هذا المنصب الحساس، وبعض الدول تعاطت معه بجنسيته، وليس وظيفته كمسؤول أممي، مشددًا على أن هذه التجربة ربما من الأشياء الإيجابية فيها أنها جعلت المواطن العربي يهتم بالشأن الحقوقي، وأنه خلق انطباعًا لدى المجتمع الدولي، أن أي شخص عربي لديه القدرة على تأدية مسؤولياته في أي مكان، وأي وظيفة، وأنه يفتح الباب أمام الكفاءات العربية مستقبلا.
اقرأ المزيد:
-
الأمم المتحدة
-
الأمير زيد
-
الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة
-
الجماعات الإرهابية
-
الجنائية الدولية
-
الأمير زيد بن رعد الحسين
-
المفوض السامي السابق للأمم المتحدة لحقوق الإنسان
-
حقوق الإنسان
-
أول عربي مسلم
-
الأمين العام للمنظمة العربية
-
علاء شلبي
-
المنظمة الأممية
-
حافظ أبوسعده
-
المنظمة المصرية لحقوق الإنسان
-
مجلس حقوق الإنسان الدولي
-
رجل قانون دولي
-
بطرس بطرس غالي
-
محمد النسور
-
مسئول الشرق الأوسط
-
زيد بن رعد الحسين
-
المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان
-
1 سبتمبر 2014