طريق طويل ممتد، على يمينه مستشفى أطفال مصر، وعلى يساره مبانٍ قديمة، الكثير منها متهالك بشكل كبير لدرجة تصل إلى خلو بعض هذه العقارات من السكان وانهيار البعض الآخر. السير فى الشارع أمر يُعيقه وجود التكاتك بشكل كثيف وعشوائى، حيث تسير فى جميع الاتجاهات، حتى العكسية، ولا تحمل جميعها لوحات معدنية، وتتخذ من أمام محطة مترو السيدة زينب موقفاً عشوائياً لها.
السير خطوات بسيطة خلف مستشفى أطفال مصر يكشف عن أكوام من القمامة، تنتشر بشكل كثيف خلف السور الخلفى للمستشفى، أمامها تقع ورشة خالد محمد، 36 عاماً، سمكرى سيارات، يقول إنه يعمل بجوار المستشفى منذ أكثر من 10 أعوام، عايش خلالها فترة وجود صندوق قمامة خلف المستشفى، كما أنه عاصر مرحلة إحاطته بسور لحمايته من المخلفات التى يلقيها المواطنون خلفه.
ويعانى «خالد» من انتشار الروائح الكريهة والذباب، الذى يؤثر بشكل كبير عليه وعلى عماله، وأمام ورشته وبجوار المستشفى أيضاً يوجد تل من الأتربة التى تجمعت بسبب هدم عقار بواسطة الحى: «كوم التراب ده بسبب عمارة وجنبها فرن عيش، الحى أزالها بسبب إنها كانت آيلة للسقوط، لكن بالرغم من كده الحى ساب الردمة دى لحد ما الناس غطتها بالزبالة، الوضع بقى صعب، خصوصاً إن الجيران اعتبرت إن ده مقلب، وبقى كل الناس بتيجى من كل مكان ترمى فيه».
«خالد»: «الصندوق اختفى.. ودلوقتى بتترمى بشكل عشوائى».. و«محمد»: «الريحة فظيعة»
ويتساءل حسن محمد، 36 سنة، سمكرى سيارات، وأحد سكان المنطقة: «إزاى دى تكون مستشفى بتعالج أطفال، ويكون المنظر جنبها بالشكل ده؟ وغلبنا شكاوى، ومفيش فايدة، الأول كان فيه صندوق، بعد كده رفعوا الصندوق، طيب ما ده يشجع الناس ترمى زبالتهم جنب سور المستشفى، من فتره أفتكر كانوا عملوا سور شبك حديد، وبعد شوية انقطع، ومن بعدها محدش فكر يشوف حل للمشكلة دى».
وأمام منزل قديم، أجزاء كثيرة منه مهدمة، وبه شروخ واسعة، والتى يزيد اتساع البعض منها على ٣٠ سم، وقف ماهر حسن، 57 سنة، عامل دوكو، يروى تفاصيل يوم إخلاء الحى للمنزل، ويقول: «البيت لما وقع من سنة، الحى قطع المياه والكهرباء، وطلب مننا إثبات إننا كنا ساكنين فيه، ومن وقتها مفيش أى جديد».
وتابع قائلاً: «كل الناس مشيت وسابت البيت، وإحنا قاعدين مستنيين رد الحى علينا»، وبعد قرار الإزالة قطع الحى المياه والكهرباء عن العقار: «بنجيب ميّه من بره، والكهربا موصلين من عمود قصادنا، وبندفع لأن العداد لسه موجود، أتمنى الحى يهتم بموضوعنا فعلاً، ويوفر شقق تانية لينا، أو على الأقل ينفذ قرار الهدم، ولا هما مستنيين لحد ما يقع علينا وخلاص».
وقرب منطقة العشش بشارع بورسعيد، وقف محمد رمضان، عامل، 28 عاماً، ومعه أحد أصدقائه محاولاً إزالة كمية كبيرة من القمامة التى تجمعت حول مسكنه، بسبب قيام الحى بهدم أحد العقارات منذ ما يقرب من عامين، ما دفع بعض «الزبالين» إلى وضع المخلفات التى يتم تجميعها من المناطق المجاورة فى هذه المساحة الفارغة، ما تسبب فى تحويلها بعد ذلك لمقلب قمامة، ويقول «محمد»: «الزبالة بتملا المكان ده، وطبعاً حشرات وناموس، والحل الوحيد علشان أخلص من الموضوع ده، هو إنى أولع فيها، هعمل إيه، وطبعاً لما بتولع محدش بيطيق يقعد هنا، لأن الريحة بتكون فظيعة وبتفضل كتير»، وتابع: «عندى ابنى لسه مولود بقاله شهرين، دايماً بيكح، فقلت يمكن الزبالة هى السبب، وكلمت صاحبى وقررنا ننضف المكان ده، ونعبيه فى شكاير، ونرميه بقى فى أى مكان، ده غير بقى المجارى اللى دايماً بتضرب فى الشارع، بسبب إن مفيش صيانة ليها من فترة طويلة، وكل ما نشتكى ييجوا يسلكوها وبعدها على طول تتسد تانى».