مؤلف الكتاب الوحيد الذى تناول سيرته: «موال الشجن».. بحر من الأسرار والحكايات النادرة
أيمن الحكيم
على مدار 25 عاماً ظل الكاتب الصحفى أيمن الحكيم يبحث ويقرأ ويُفتش هنا وهناك، للخروج بتفاصيل وأسرار عن حياة «بليغ مصر»، فعلى الرغم من أنه لم يجتمع به قط إلا أنه توغل فى حياته الشخصية، وحاور المقربين منه على الصعيدين العملى والشخصى، وكان هدفه أن يرى المشاهد الوجه الآخر من حياة الموسيقار الذى تعرض للمآسى والظلم طوال حياته. «الحكيم» ألف كتاباً بعنوان «موال الشجن»، يتناول سيرة وألحان وأوراق بليغ حمدى ولم يكتفِ بذلك، إذ يحضر حالياً لمشروع أوبريت غنائى «سيرة الحب»، يستعرض الحياة الشخصية لبليغ وألحانه.
«(موال الشجن) يعد الكتاب الوحيد الذى خرج عن بليغ حمدى، وهذا شىء مؤسف لأنه يحتاج إلى كتب وأعمال تُخلد ذكراه»، هكذا تحدث «الحكيم» عن الموسيقار الراحل، مضيفاً: «بعد وفاته كنت من أوائل الصحفيين الذين حاوروا المطرب محمد رشدى للحديث عن ذكرياته معه، إذ كان يكن محبة كبيرة لبليغ، وعندما كانت تأتى سيرته كان يبكى، فهو الذى جعلنى انتبه أننا لدينا شخص بحجم هذا الرجل، ومن ثم ساعدنى لكى أصل إلى جميع الناس المهمين فى حياته، سواء الأبنودى ووردة وعفاف راضى، ووجدت فى ذلك فرصة ونواة لكتاب مهم يحكى قصة حياته».
وأضاف: «كان لى حظ بأن أحصل على أوراق بليغ الخاصة من مكتبه بالزمالك، الذى كان يمكث به فى أواخر أيام حياته، وألف بداخله معظم ألحانه، فعندما تُوفى صاحب العقار أقام قضية لاسترداد الشقة وكسبها، لأن بليغ لم يكن له وريث، ثم ألقى كل أوراقه وملابسه والعود الخاص به خارج الشقة، وأقترح علىّ أستاذ رشدى بأن نجمع أوراق بليغ، وأبلغنا شخصاً من عائلته بما اتفقنا عليه، وكان لدى فضول عن خواطره وعما كان يكتبه فى مذكراته، ووجدت أنه ترك ثروة كبيرة».
«الحكيم»: «رشدى» أول من ساعدنى على تخليد ذكراه.. و«سيرة الحب» أوبريت عن روائعه
وتابع: «حصلت على جدول من جمعية المؤلفين بجميع ألحان بليغ، فالثابت لديهم كان نحو 1500 لحن، ولكنه قدم ضعف هذا الرقم لأنه كان يقدم ألحاناً كثيرة فى عدد من الدول العربية مثل المغرب وليبيا والكويت، فبليغ هو رقم واحد فى عدد الألحان، وكل فترة كنت أجمع شيئاً جديداً عنه، وأصررت على إضافة الملف القضائى الخاص به فى كتابى، وكانت عن قضية (سميرة مليان) التى دمرته وانتحرت من منزله، فهو لم يكن لديه ذنب فى الأمر، لأنه كان نائماً وقتها ولا يعرفها».
وبحسب «الحكيم»: «حصلت على أوراق القضية والاتهامات التى وجهت ضده، وأقواله فى النيابة، لأنه حصل على حكم غيابى بالسجن لمدة عام، ما اضطره إلى السفر خارج البلاد بباريس التى قضى فيها 5 سنوات، عاشها فى حزن كبير حتى تم تسوية القضية، فالتجربة كانت مريرة بالنسبة له، وتلك الفترة دمرته على المستوى الفنى والصحى، لذلك رأيت أن توثيق القضية كان مهماً».
ويروى عن تفاصيل وفاته، بقوله: «بليغ توفى نتيجة لخطأ طبى، فهو كان يعانى من مرض فى الكبد، وأعطاه معالجوه حقنة عن طريق الخطأ، بشهادة من حوله وهذا من ضمن المآسى فى حياته، وبعد تقديمه آخر تتر له «اللى بنى مصر» للفنان على الحجار، كانت حياته مليئة بالدراما، وظهر ذلك أيضاً من خلال التسجيلات التى أعطانى إياها الإذاعى وجدى الحكيم، وكان يتعلق بعضها عن حديثه عن والدته والفنانة أم كلثوم ودور محمد فوزى فى حياته وعبدالحليم حافظ، وهذا جزء مهم فى الكتاب أيضاً».
وتحدث عن تفاصيل تقديمه لأوبريت عن حياته الشخصية: «جاءت فكرة الأوبريت أثناء عملى فى الكتاب، وكنت أود وقتها أن أنقل صورة مختلفة عنه بعمل فنى يصل إلى الملايين لأن المعظم لن يقرأ الكتاب، وقررت تقديم عمل فنى جديد على المسرح فى صورة محاكمة لبليغ، عندما عاد من باريس وتم استئناف الحكم الصادر ضده وحصل على البراءة، حيث يطلب شهادة أصدقائه مثل أم كلثوم وعبدالحليم حافظ والشيخ النقشبندى ومحمد رشدى والأبنودى، ويدخل الجميع ليقول كلمته عن «بليغ» كمذكرة للدفاع عنه، وفى الحقيقة هذه هى الطريقة المثلى الدفاع عنه، وهى الإجابة عن تساؤل، ماذا قدم للغناء؟ فالبطل فى المسرحية هى ألحانه، وسيتم عرضها على مسرح البالون، وهى من بطولة الفنان محمد الحلو الذى وافق على العرض دون أن يقرأ السيناريو».
وأشار «الحكيم» إلى أن المخرج جلال الشرقاوى وافق على إخراج مسرحية «بليغ» وتحمس لها، ولكنه انشغل بالعرض المسرحى «هولاكو» على المسرح القومى، متابعاً: «كان من الصعب تأجيل العرض لأن ذكرى وفاته تحل فى هذا الشهر، وتدخلت وزيرة الثقافة عندما علمت بفكرة العرض المسرحى وقررت بأن ينتجه قطاع الفنون الشعبية على مسرح البالون، وأن يخرجه رئيس القطاع عادل عبده، لتكون المسرحية جاهزة للعرض نهاية الشهر الحالى». وأكمل: «هناك علاقة خاصة تجمع بين بليغ والمخرج جميل مغازى، إذ قدما معاً برنامجاً اسمه (جديد فى جديد)، وهو مثل برامج اكتشاف المواهب حالياً، وسافر مع مجموعة من الشباب الموهوبين إلى (أبوظبى)، منهم محمد الحلو، لتصوير البرنامج، فبليغ غير المزيكا فى مصر وجعلها شعبية وأكثر بساطة وقرباً من الجمهور، واكتشفت من وقتها أن حياته مثل البحر، كل فترة يخرج بموجة جديدة وشىء مختلف لا نعرفه، فـ(بليغ لن ينتهى)».