«سيماف» قصة صمود صاغت ونفذت 25 ألف عربة بأيدى «ولاد البلد»
العمل على قدم وساق داخل المصنع للارتقاء الدائم بأكبر قلاع لصناعة القطارات
أسوار عالية مشيدة على أكثر من 250 ألف متر مربع من الأراضى، تحوى بداخلها العشرات من الورش العاملة على صناعات متعددة، بدءاً من استقبال ألواح المعادن وتشكيلها، وورش كهربائية، وحتى النجارة، مع العشرات من المسارات لقطارات السكك الحديدية لتنقلها بين الورش المختلفة، مروراً بورش للاختبار، ونقل القطارات إلى شبكات المترو، والهيئة القومية لسكك حديد مصر لتخدم مئات الآلاف من المصريين يومياً، دون أن يدركوا أن هذا الإنجاز صُنع بأيدى المصريين.
داخل المنطقة الصناعية بحلوان، يقبع ألف ومائتا عامل وعاملة، داخل أسوار وورش مصنع مهمات السكك الحديدية «سيماف»، ليطوعوا «الحديد والنار»، لتصنيع وعمرة القطارات، بهدف تلبية المطالب المحلية، بالإضافة لمطالب الدول الشقيقة والصديقة فى العالم العربى وأفريقيا، وحتى دول آسيوية، فيما يتعلق بقطارات وعربات الركاب، والمترو، والترام، والبضاعة، وصولاً لعربات توليد القوى.
ونجح «سيماف» فى تصنيع وإنتاج قرابة 25 ألف عربة قطارات سكك حديدية ومترو بمختلف أنواعها، وكذلك قرابة 50 ألفاً من «البواجى»، وهى أجزاء رئيسية تحمل أجسام القطارات، وتربطها بـ«العجل»، ليستطيع أن يسير على السكك الحديدية المختلفة التى يعمل عليها، وذلك حسب وثائق «المصنع»، التى استعرضها مسئولو «سيماف» خلال جولتنا بداخله.
أول «مكيفة» خرجت من ورشهم قبل 34 سنة.. تعاون مع 100 شركة ومصنع على أرض النيل.. والمكونات 100٪ محلية
وعقب إنشاء المصنع، بتوجيهات من الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، فى خمسينات القرن الماضى، شهد عمليات تطوير متتالية، مع فتح قنوات اتصال مع الشركات العالمية العاملة بمجال تصنيع القطارات، فى عملية هدفت من خلالها قيادة المصنع فى الأعوام الـ50 الأخيرة، إلى نقل الخبرات فى هذا المجال الحيوى إلى العمالة المصرية، التى تم تدريبها داخل وخارج مصر، مع تنظيم لقاءات تدريبية متتابعة لنقل الخبرات بين العمالة القديمة والجديدة داخل «المصنع».
وتكشف وثائق «سيماف» عن وجود تعاون مع 8 دول صناعية كبرى فى السنوات الماضية فى مجال «القطارات»، بداية من أمريكا، وألمانيا، وفرنسا، والصين، واليابان، وكوريا الجنوبية، والمجر، ورومانيا.
بداية عمل «المصنع» تركزت فى الأساس على عربات البضائع، حيث بدأها المصنع عام 1961، أى قبل قرابة 57 عاماً، عبر إنتاج 600 عربة بضائع، وكانت حمولتها 10 أطنان فقط، إلا أن أعماله فى هذا المجال لم تتوقف حتى الآن، حيث إنه يعمل على إنتاج عربات لنقل المعدات حتى وزن 75 طناً، وعربة بوزن 40 طناً سواء بجوانب متوسطة أو عالية، وعربات لنقل البازلت والزلط بطاقة 40 طناً، وعربات لنقل الفوسفات بطاقة 75 طناً، وعربات صهاريج لنقل المواد البترولية بطاقة 40 طناً، وأخرى صندوق، وللأمونيا، وصولاً لعربات نقل بضائع ثلاجة بطاقة 40 طناً.
وبحسب «الوثائق»، فقد كانت أول عملية تصنيعية لقطارات نقل الركاب داخل مصر، منذ 48 عاماً، حيث كان هناك تعاقد بين وزارة النقل والمواصلات والمصنع على إنتاج 30 عربة قطار، ليتواصل العمل فى إنتاج عربات الدرجة الثانية، والأولى، والثالثة العادية، والثانية المميزة، وعربة ركاب الضواحى، حتى وصل المصنع إلى تصميم عربات قطارات بنسب تصنيع محلية تُقدر بـ100%.
وتشير «الوثائق» إلى بداية عمل مصنع مهمات السكك الحديدية لأول مرة فى تصنيع عربات قطارات تعمل بنظام «التكييف» منذ 34 عاماً، حين تم التعاقد على إنتاج 120 عربة من القطارات، لتعمل بالفعل فى السكك الحديدية، ثم تتوالى التعاقدات بعدها، ليتم إنتاج عربات درجة أولى مكيفة، وثانية مكيفة، وما عُرف مؤخراً بعربات الـ«VIP»، وصولاً لعربات البوفيه المكيفة.
374 وحدة «سكة ومترو» منتجة خلال ولاية الرئيس الأولى.. وصادراته حازت ثقة المجر وسيريلانكا والسودان
وينتج «المصنع» عربات توليد قوى، وهى عربات تُلحق بالقطارات المكيفة ليستطيع إنتاج طاقة كهربائية تمكن من تشغيل أنظمة التكييف بالقطارات، حيث بدأ إنتاجها محلياً عام 1983، وتصاعدت نسبة المكون المحلى فيها، حتى أصبح المصنع يستطيع أن يصل لنسبة تصنيع محلية تُقدر بـ100%، عدا ماكينات توليد القوى، وتلفت الوثائق إلى أن أول إنتاجية لقطارات مترو الأنفاق بمصر كانت عام 1985، بالتعاون مع شركة «ألستوم» الفرنسية، ليتواصل العمل فى إنتاج قطارات المترو فى خطوطه الثلاثة.
ويعمل المصنع، حسب «الوثائق»، بالتكامل مع 100 شركة ومصنع محلى، بداية من شركات ومصانع الهيئة العربية للتصنيع ذاتها، العاملة فى مجال الفرامل، والتصادمات، والتجهيزات الداخلية، وهى شركات معتمدة من الشركات العالمية العاملة بتلك المجالات، ووزارة النقل والمواصلات، وكذلك يتم التعاون مع شركات الحديد والصلب فى توفير خامات العمل بالمصنع، وشركات الهيئة القومية للإنتاج الحربى فى توفير الكيماويات اللازمة للعمل، والبويات، والغازات، وصولاً لشركات قطاع الأعمال العام لتوفير المطروقات والمسبوكات، وخامات غير حديدية أخرى، وكذلك شركات ومصانع قطاع خاص فى توريد زجاج، ومطاط، وغيرها من المكونات التى يحتاجها «سيماف» فى إنتاج عرباته.
ولم يقتصر سوق عمل «سيماف» على مصر فقط، ولكن صدّر عربات ركاب لصالح هيئة سكك حديد السودان «درجة أولى»، وعربات توليد قوى لصالح السودان أيضاً، وعربات بضائع لصالح دولة سيريلانكا، وهيكل «بوجى» عربة ركاب لشركة «جانز» المجرية، كنواة للتعاون فى مشروع توريد بواجى عربات الركاب، وغيرها من الدول.
وخلال الفترة الرئاسية الأولى للرئيس عبدالفتاح السيسى، تشير الوثائق إلى تصنيع وتوريد قرابة 374 عربة قطارات داخل «سيماف»، مُقسمة بواقع 212 عربة مكيفة من الاستانلس لصالح الهيئة القومية لسكك حديد مصر، بما يعادل 23 قطاراً، التى تضم عربات درجات أولى وثانية وبوفيه، و«VIP»، كما تم تصنيع وتوريد 20 عربة «توليد قوى»، ليتم طلب 5 عربات أخرى من «المصنع».
وعمل المصنع على تصنيع وتوريد 7 قطارات مكيفة للخط الثالث من مترو الأنفاق، خلال عام 2014، مكونة من 56 عربة قطار، كما تم عمل 9 قطارات مكيفة جديدة للخط الأول لمترو الأنفاق بإجمالى 81 عربة، وتم تسليم آخر قطار فيها عام 2016. وتُشدد «الوثائق» على تطبيق سياسة الهيئة العربية للتصنيع فى المصنع، عبر الالتزام بأعلى معايير للجودة فى الطرازات التى ينتجها، وحصوله على عدد من شهادات الجودة العالمية، فضلاً عن امتلاكه لأجهزة متقدمة، منها جهاز قياس ثلاثى الأبعاد لـ«البواجى»، وماكينات تعمل بـ«X-RAY»، للكشف على العيوب الداخلية.