"السخرية والضحك" سلاحه الوحيد الذي واجه الحياة بهما، وبقيتا له بعد مماته، فمن بين ملايين المصريين المغلوبين على أمرهم، جاء إسماعيل ياسين حاملا نفس ملامحهم وأحلامهم، حاول أن يجد مكانا لنفسه في الفن والحياة معا.
انتمى إسماعيل ياسين للطبقة الفقيرة التي ظهرت نهاية الأربعينات، التي كانت أفلامها تنتصر لهذه الطبقة الشعبية، ليس دفاعاً عن الفقير كما يبدوا للوهلة الأولى، وإنما محاولة لتلمس واقع جديد كان يتكون مثل الجنين، قبل أن يولد مع ثورة يوليو.
ولعب إسماعيل ياسين في فيلم "المليونير" دورين متناقضين، ليؤكد أن "جميز" المنولوجست الفقير أكثر قدرة على التعامل مع الحياة أكثر من شبيهه الثري "عاصم الاسترلينى"، وكأنه يشير بطرف خفى إلى أن المجتمع يقوم على أسس ظالمة، حسبما ذكر الكاتب أحمد يوسف فى تقرير له نشرته صحيفة "العربى" عام 1999.
فكانت أفلامه متواضعة المستوى لا تخلوا من التلاعب الذكي في شخصية البطل سئ الحظ، الذى يجيد السخرية من كل ما هو زائف، وكان ابتعاده عن الوسامة التقليدية أحد وسائله للاقتراب من جماهيره التي لم تشعر للحظة واحدة أن إسماعيل ياسين نجم تحيطه الأضواء كما هو معروف عن النجوم، لذلك سرعان ما احتل اسمه سلسلة طويلة من عناوين الأفلام، مثل إسماعيل ياسين "في الجيش" و"الطيران" و"الأسطول"، وهي تلك الأفلام التى لا تبتعد كثيراً عن البطل سئ الحظ، الذى ينقذه نبله وطيبته من صراعه مع منافسيه.
وكانت المأساة الحقيقة فى حياة وفن إسماعيل ياسين، هي أن "صناعة السينما المصرية لم يبلغ النضج بعد، فكانت دائما تستهلك النجوم فى توليفات مكررة تخلو من الإبداع"، فظهر إسماعيل ياسين بهذا الشكل المعهود وسقطت أفلامه المهمة من الذاكرة مثل فيلم "العقل والمال"، ومع ذلك فقد احتفظ بمكانته لدى الجماهير، لأنه يمثل دور "الفهلوى" الكامن فى أعماقنا الذى يخفى خلف الضحك إحساسا عميقا بالآلم والشقاء، فالهزل عند إسماعيل ياسين لم يكن إلا تعويضاً عن مأساة كامنة.
تعليقات الفيسبوك