بالصور| "محمد" يترك الحدادة لري عطش تلاميذ المدارس: "الصنعة مش جايبة همها"
محمد وسط الطلبة
أمام أحد مجمعات المدارس في حي بولاق الدكرور، يقف شاب أسمر خلف عربة صغيرة تحمل أوعية بداخلها مشروبات باردة، وسط الطلاب من مختلف المراحل الدراسية، الذين يلتفون حوله للحصول على أحد مشروباته المثلجة، التي تقيهم حر أول أيام الدراسة.
محمد شعبان، صاحب الـ24 عامًا، بائع العصائر على العربة الصغيرة التي يخرج عليها صباح كل يوم، راجيًا أن يكون رزقه أوفر وأكثر من الأيام السابقة، لم يعمل بهذه المهنة إلا منذ عامين فقط، بعد أن كان يعمل "صنايعي" في أحد مهن مجال المعمار: "كنت حداد مسلح وشغال زي الفل، بس الشغل قل ومبقاش زي الأول".
الشاب العشريني، الذي أتى من أحد قرى محافظة بني سويف باحثًا عن الرزق، سافر للعمل في السعودية بـ"الصنعة" التي تعلمها منذ صغره، وبعد عامين من الغربة عاد بخفي حنين، دون أن يجمع من المال ما كان يطمح به قبل سفره، ليبدأ من جديد رحلة البحث عن العمل الذي يكفل له حياة كريمة.
محمد: "في الأجازة بلف على رجليا لحد نص الليل وأيام الدراسة بخلص العصر وأنا واقف مكاني"
مهنة "محمد" لم تعد كما كانت قبل سفره إلى السعودية، فغلاء أسعار الحديد وزيادة العاملين بـ"الصنعة"، جعل العمل قليل و"اليومية" ثابتة لا تتحرك إلا قليلًا، بما لا يناسب ارتفاع الأسعار: "مبقاش فيه شغل زي الأول والحال وقف".
مهن أخرى جرب فيها الشاب حظه، لعل الأحوال تكون أفضل من صنعته السابقة، إذ عمل مبيض محارة ونجار مسلح، إلا أن "اليومية" لم تكن تكفي مصاريفه اليومية، ليترك كل مهن مجال المعمار، ويتجه صوب العمل كبائع جائل، يعمل على عربة صغيرة يدفعها أمامه، مناديا على عصائره.
"في الأيام العادية بطلع الساعة 7 الصبح وأرجع البيت الساعة 12 بليل"، تحدث محمد عن الفترة التي يقضيها يوميًا خلال الإجازات، يدور على قدميه في الشوارع، يبحث عن رزقه فيمن يريد أن يشرب عصيرًا باردً يحميه من لهيب الشمس وحرارتها.
مع بدء المدارس يختلف الحال كثيرًا، إذ يقف الشاب بعربته أمام المدرسة منذ الثامنة صباحًا، لا يبرح مكانه، ولا يضطر للف في الشوارع على قدميه، إذ يبيع كل ما لديه "بعد العصر بالكتير"، فالطلبة أيام المدارس لا تجادله ولا تساومه في أسعار العصائر، كما يحدث في الأيام العادية: "المدارس رزقها واسع".