مؤسس «الوحدويين التونسيين»: جنازة عبدالناصر غيرت مسار حياتى.. وعمرى كان 13 عاماً ورأيت الناس يبكون فى الشوارع
الدكتور الناصر المدورى رئيس جمعية الوحدويين الناصريين فى تونس
قال الدكتور الناصر المدورى، رئيس جمعية الوحدويين الناصريين فى تونس، إنه ما زال يتذكر جنازة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، قبل 48 عاماً من الآن، موضحاً أنه وقتها كان صبياً عمره 14 سنة فقط، وشعر بحزن كبير مثل غيره من أبناء الشعب العربى، كما أن هذا اليوم ساهم فى تغيير مسار حياته.
أضاف «المدورى»، فى حواره لـ«الوطن»، أن تجربة «عبدالناصر» عبرت عن الحلم العربى، وناضلت فى مواجهة أعداء الأمة، مشيراً إلى أن انقسام التيار الناصرى فى البلدان العربية حالياً يمثل معضلة كبيرة، ووجه رسالة إلى الناصريين والقوميين العرب لنبذ الانقسامات والخلافات قبل الدعوة لإصلاح أنظمة الحكم.. إلى نص الحوار:
فى رأيك، ما هى القيمة التى ما زال يمثلها الرئيس الراحل عبدالناصر؟
- بعد 48 سنة على رحيله، ما تزال الملايين من أبناء شعب مصر وأبناء الشعب العربى فى كل الساحات والأقطار ترفع صوره كلما ثارت أو انتفضت على الظلم والفقر والتبعية، إنه عنوان كرامة العرب وعنوان حلمهم وناصر الحرية فى كافة أرجاء المعمورة. هذه هى القيمة التى ما زال يمثلها الزعيم «عبدالناصر»، وما زال يعبر عنها، ليس فى مصر وحدها، ولكن فى كل الأقطار العربية التى تعانى حالياً من أوضاع سيئة، ولذلك ينظر الكثير من العرب إلى تجربة «ناصر» نظرة استلهام وحب.
وكيف تقيم تجربة «عبدالناصر» خلال الخمسينات والستينات على المستوى القومى؟
- تجربة عبرت عن الحلم العربى. كانت مرحلة نضال مرير ومواجهة مع أعداء الأمة العربية، أى مع التحالف الاستعمارى الصهيونى الرجعى من أجل الانطلاق الفعلى فى تحرير الأمة العربية من الهيمنة والاستعمار، وتوحيدها وبناء اقتصادها على أسس الديمقراطية والاشتراكية، وفيها تحققت انتصارات وانكسارات سياسية وعسكرية.
الناصرية إذاً بخلاف ما قد يتصوره البعض ليست فترة حكم «عبدالناصر» وإنجازاته فى مصر، وليست تجربة رائدة مثل غيرها من التجارب المسماة وطنية فحسب، بل هى تتجاوزها جميعاً، إذ هى زبدة المشروع النهضوى القومى العربى.
لكن فى رأيك، برغم كل ما تمثله تجربة «عبدالناصر»، ما هى أسباب تراجع أو ضعف التيار العربى الناصرى القومى حالياً فى العديد من البلدان العربية؟
- أسباب القوة أو الضعف فى التيارات الفكرية والسياسية فى عصرنا الحديث أصبحت تحددها اليوم بدرجة كبيرة القدرات المادية والإعلام والتحالفات، أو بالأصح الارتباطات الدولية، لا سيما بالدول الاستعمارية المعادية أصلاً للمشروع القومى، فلا غرابة أن ينفرد التيار القومى الناصرى فى بعض البلدان بالفقر وأن يتعرض للحصار والتشويش على كل المستويات، سواء إعلامياً أو سياسياً، وحتى الملاحقة الأمنية من الأجهزة الإقليمية الحاكمة، أو الاغتيال والتصفية عن طريق أجهزة المخابرات الأجنبية والقوى المعادية الرجعية، على غرار المناضل القومى الناصرى محمد البراهمى فى تونس فى 2013.
«الناصر المدورى»: إذا كتبت خطاباً لـ «جمال» الآن فى قبره سأقول له: «نحن على عهدك يا زعيم الأمة»
هل تتذكر جنازة «عبدالناصر» قبل 48 سنة من الآن؟
- نعم، أتذكرها بلا شك. كانت جنازة رهيبة مفعمة بالحزن العميق والألم والدموع. شعرت بالحزن العميق، كان عمرى آنذاك 14 سنة، وما زلت أتذكر كل التفاصيل الحزينة والصادمة. كان الجميع فى حالة حزن، الناس يبكون فى الشوارع على فراق زعيمهم. لكنها كانت أيضاً بالنسبة لى وأنا فى هذا العمر الصغير بداية الطريق الذى قررت أن يكون مسار حياتى.
وكيف كانت جنازة «عبدالناصر» بداية الطريق لك لتحديد مسار حياتك؟
- قررت منذ هذا اليوم مواصلة النهج الذى بدأه جمال عبدالناصر. كنت صبياً، لكنى كنت أشعر بتحمل المسئولية. وأخذت عهداً بالمشاركة بقدر ما استطعت فى بناء الحركة العربية الواحدة لقيادة الثورة العربية حتى تحقيق الحلم العظيم الذى كان يحلم به ويدافع عنه جمال عبدالناصر.
إذا كان لك أن ترسل للرئيس «عبدالناصر» خطاباً الآن، ماذا تقول له كمواطن عربى يعيش الظروف الحالية التى يمر بها الإقليم؟
- سأقول له: رغم كل الصعاب ورغم كل الألم، وبعد 48 عاماً من رحيلك، نحن على النهج الذى وعدناك أن نواصل عليه، وسنبقى على هذا النهج، نتمسك بمبادئنا وحلمنا ونؤمن بقضيتنا إلى أن يرث الله الأرض وما عليها أو نستشهد مثلك. وسيبقى، يا زعيم الأمة الغائب الحاضر، شعارنا دائماً وشعار جمعية الوحدويين الناصريين، التى أتشرف بقيادتها، هو الوفاء للمبدأ والثبات على النهج.