بالفيديو|"بلكونة" برج سكني مخالف تنهي حياة شاب بكفر الشيخ.. وأسرته تطالب بحقه
انهارت "بلكونة" من برج سكني مخالف في كفر الشيخ لقى عبدالحميد فرج مصرعه إثر سقوطه من البلكونة بالطابق الـ12
على سرير بسيط داخل حجرة لا تتعدى مساحتها 4 أمتار، بجوارها "كنبة"، أعدتها لنوم أطفالها، و"حصيرة" ليرتاح ابنها، بعزبة الحامدية التابعة لمركز كفرالشيخ، تجلس هناء عبدالحميد إبراهيم، البالغة من العمر 42عاما، باكية على فراق نجلها الأكبر عبدالحميد فرج، البالغ من العمر نحو 20 عاما، والذي لقي مصرعه إثر سقوطه من أعلى بلكونة بالدور الـ12 في برج سكني مخالف، أثناء عمله على "ونش"، تتشح والدة الشاب وجدته بالسواد، رافضة تلقى العزاء قبل أن تحصل على حقه، بعدما حررت محضرا تتهم فيه المهندس والمقاول وصاحب العمارة ورئيس حي كفرالشيخ بالإهمال ووفاة ابنها.
وبصوت يملؤه الحسرة على فراق نجلها تقول والدته، إنها مُصابة بـ"سرطان" في البنكرياس، وتتلقى علاجا في مستشفيات جامعة طنطا، وكان العائل لأسرتها عقب إصابة والده بعددا من الأمراض المزمنة منها "الضغط والسكر والإنزلاق الغضروفي" ما جعله غير قادر على العمل بشكل مستمر، وأن نجلها خرج من الصف الثاني الثانوي، ليتولى الإنفاق على أسرته المكونة من 6 أفراد لأنهم لا يملكون من حطام الدنيا شيئا، مضيفة أنه كان يعمل لتوفير أموالاً لإجراء أشعة لها بـ1600جنيها، قبل خضوعها لعملية جراحية لإستئصال للورم السرطاني، إلا أن القدر لم يمهله.
تضيف والدة المتوفي: "ابني كان يعمل على ونش، ويقوم بتحميل مواد البناء عليه، وإنزالها فوق العمارات، شغال باليومية، علشان يقدر يجيب نفقات علاجي ويوفر فلوس لإجراء عملية جراحية لشقيقته الصغرى بعدما سقط عليها ماء مغلي وأصيبت بتشوه في الذراع، وتحتاج لعملية جراحية لتجميل الأجزاء المشوه تتعدى ثمنها الـ40 ألف جنيها، وإحنا كنا ساكنين بالإيجار، ولما الدنيا لخبطت معانا وأصيبت بالسرطان، ووالده لم يستطع العمل اضطررنا للجلوس في غرفة واحدة في منزل أهلي توفيرًا للإيجار، لأن محدش بيصرف علينا غيره، وفي يوم 13سبتمبر الجاري، اتصل علينا شخص وأبلغنا بوفاته، جريت على مشرحة مستشفى كفرالشيخ العام وجدته عبارة عن قطع لم أتمالك نفسي سقطت مغشياً علىً".
توضح والدة الشاب المتوفي: "قالولي ابنك وقع بلكونة الدور الـ12 سقطت بيه، كان بيشيل شيكارة الأسمنت من صندوق الونش، سقطت بيه البلكونة، البرج السكني ده مخالف، وهو كان بيصرف علينا، عنده 20 عاما، رايح الجيش في شهر 10، وقبل ما يموت بيومين قالي نفسى أتصور معاكي يا ماما، كان حاسس أنه هيموت، راح في شربة مياه، بسبب مقاول ومهندس من معدومي الضمير، أنا كنت متحملة المرض علشان بيدخل ويطلع عليا، كنت بطلع اجمع القطن في أراضي الناس علشان أربيه هو وأخواته، واتصدم لما عرف إني أصيبت بالسرطان قالي متزعليش دا ابتلاء من ربنا وأنا هعوضك ياماما، كل اللي أنا عاوزاه حق ابنى، حررنا محاضر بتتحفظ".
إلى جوارها على السرير تجلس نجلتها البالغة من العمر 10 أعوام ، المُصابة بتشوه في ذراعها عقب سقوط مياه ساخنة عليه، تبكي لفقدان شقيقها الذي كان متحملاً لمسؤوليتها، وبوجه تملؤه البراءة والحزن تتذكر الطفلة شقيقها، قائلة: "كان أحن أخ، بيجيبلي الأدوات المدرسية، ويذاكرلي، وكان بيشتغل علشان يعملي عملية تجميل، علشان العيال لما بيشوفونق بيقولولي يا أم دراع مسلوخ، وكمان دراعي مبقدرش اشيل عليه الشنطة فبيوصلني للمدرسة، أنا مش عاوزة أروح المدرسة السنة دي علشان هو مش موجود، ومحدش هيذاكرلي، ولا هيوديني المدرسة، وخلاص مش هعمل عملية".
لم يتوقف الحزن في الحجرة الصغيرة، فكل ركن من أركانها يحمل ذكرى للشاب المتوفي، دولاب بسيط يضع به ملابسه إلى جوار ملابس أسرته، "حصيرة" كان يضع عليها مخدة ليرتاح قليلاً بعد يوم عمل شاق، هكذا تشير جدته سامية محمد، البالغة من العمر 80 عاما، تجلس على عتبه باب الغرفة الصغيرة منتظرة عودة حفيدها، تتذكر حوارها معه في ذلك اليوم الذي لم يعد فيه قائلة: "اليوم ده قبل ما يخرج جه قبل أيدي.. وقالي هجيبلك علاج الضغط، وأنا راجع ياستي، ومشي بس أنا كان قلبي مقبوض، والساعة 2 ظهرا لقيتهم بيبلغوني، حفيدك مات، مصدقتش قولتلهم دا حد بيهزر معايا، وروحت شوفت حفيدي في المستشفى، لما دخلت عليه سقطت على الأرض ولم أدري إلا وأنا في جنازته، شالوني علشان أروح أوصله للتربة، كان أغلى حفيد عندي، بيروح يجيبلي علاج في نص الليل، وبيشتغل باليومية علشان يصرف على أسرته، راح في شربة مياه، عاوزين حقه، إحنا كبرناه وكان بيصرف على أمه وأبوه وأخواته، بقول للرئيس السيسي، عاوزة حق ربنا بس ياريس، ورعاية أسرة فقيرة".
قال محمد عبدالحميد، خال الشاب المتوفي، إنه حرر محضرا في الشرطة حمل رقم 5561 إداري قسم أول كفرالشيخ، والعمارة التي شهدت وفاة نجل شقيقته تقع بحي الضرائب العامة بمدينة كفرالشيخ، ورخصتها 6 أدوار فقط إلا أن صاحبها أنشأ 12 دورا ومجلس المدينة استخرج له قرار إزالة منذ 6 أشهر، إلا أنه لم يُنفذ، واستمر صاحبها في البناء المخالف للرخصة وللمواصفات الفنية، وأثناء عمل نجل شقيقتي على ونش سقطتت به بلكونة الدور الـ12 لأن العمارة تفتقد للأساسات السليمة، وطالبنا بالتحقيق مع المهندس المسؤول عن بناء العمارة، والمقاول، لأن هذا إهمال متعمد، ونريد ضبط وإحضار المسؤولين عن العمارة، وفوجئنا بصاحبها يرسل لنا رسائل تهديد للتنازل عن المحضر إلا أننا نطالب بالتحقيق.
المهندس على عبدالستار، رئيس مركز ومدينة كفر الشيخ، قال لـ"الوطن"، إن صاحب العمارة معه رخصة بالدور الأول والثاني علوى فقط بـ9 أمتار، لكنه بنى 12 دوراً بالمخالفة، وصدر له أكثر من 45 قرار إزالة لأن كافة أدوارها مخالفة، وعندما علمت بالواقعة تأثرت كثيراً لوفاة شاب في عمر الزهور.