مقاتل «مشاة»: ظللت أقاتل لساعات وأنا جريح.. ولم أنتبه لإصابتى إلا بعد عودتى لثكنتى
نجيب عوض روفائيل
قال اللواء نجيب عوض روفائيل، أحد أبطال حرب أكتوبر 1973، وأحد مقاتلى سلاح المشاة الأشداء، إن «أبطال سلاح المشاة دائماً ما يجسدون روح الشجاعة والإقدام، فهم باكورة الموجات التى تنطلق فى الحروب، لمواجهة العدو وجهاً لوجه».
وأضاف «روفائيل» لـ«الوطن»: «خلال الحرب كنت فى نطاق الجيش الثالث الميدانى، وتحديداً فى منطقة جنوب البحيرات التى كانت من النقاط القوية على الجبهة»، موضحاً أن «الاستعداد القتالى الفعلى بدأ بعد حرب الاستنزاف، حيث مررنا بعدة مراحل للتجهيز منها مرحلة الصمود لإعداد القوات والتجهيز الهندسى للشاطئ الغربى للقناة ثم مرحلة الردع ثم مرحلة الحسم».
وعن مهمته خلال الحرب قال «روفائيل»: «مهمتى كانت التقدم إلى أماكن تمركز قوات أو وحدات الجيش الإسرائيلى فى منطقة تمركز كتيبتى، وأهم ما كنا نسعى له هو التقدم إلى الناحية الشرقية بقدر المستطاع ورفع العلم المصرى على كل نقطة نتقدم إليها، لتحقيق تراجع لقوات وجيش العدو، وكنا نحارب بغضب نحمله بداخلنا خلال 6 سنوات من مرارة الهزيمة، وبشجاعة وبسالة، لذلك نال العديد من زملائى الشهادة وكان يجب على البقية الثأر لمن رحلوا بشرف دفاعاً عن تراب هذا الوطن».
اللواء «روفائيل»: رأيت صاروخاً يتجه نحوى فظننت أنها لحظة «رد الجميل والاستشهاد».. لكنه اختطف أعز أصدقائى.. والجندى المصرى يجمع صفات الذكاء والقوة والإرادة
وأضاف روفائيل أنه «فى هذا الوقت كُلفت بمعاونة باقى أفراد جيشنا العظيم لتطوير الهجوم باتجاه الجنوب، ناحية رأس سدر والطور وشرم الشيخ للوصول لأكبر نقطة حصينة وهى عيون موسى، وقمت أنا وزملائى بالتقدم نحوها، مرحلة بعد أخرى، حتى وصلنا إلى المنطقة المستهدفة فى عيون موسى حيث تقدمنا نحوها بحذر، وفى هذا التوقيت خرجنا من منظومة الدفاع الجوى الذى تحول إلى دفاع أرضى فكانت الغارات شبه يومية».
وأوضح «روفائيل» أنه عندما أصيب لم يكن يشعر أنه مصاب، واستمر يقاتل لساعات، وعن تفاصيل الإصابة قال: «أثناء الحرب وفى أيام الصمود وتحديداً يوم 14 أكتوبر 1973 قامت قوات العدو الإسرائيلى بقصف المنطقة التى استردتها قواتنا المسلحة، وأطلق العدو صاروخاً لاستهدافى أنا وزملائى فى الموقع، وكنت أرى الصاروخ يتجه نحونا بعينى فعلمت أنها لحظة رد الجميل والاستشهاد، ولكنه نزل على مقربة منا بمسافة 20 متراً تقريباً، ولم أصدق للحظات وانتبهت سريعاً وقمت باستكمال مهمتى ولكننى فقدت أحد أعز أصدقائى، حيث كان أكثرهم قرباً من موقع نزول الصاروخ فأصيب البطل واستُشهد على الفور، وما كان منى إلا أن انطلقت لاستكمال المهمة والانضمام إلى باقى الصفوف وفقاً للخطة المعدة، وعقب رجوعى للكتيبة بعدها بساعات اكتشفت إصابتى بالعديد من الشظايا المتفرقة فى أنحاء جسدى».
وعن الذكريات التى ما زال البطل يحملها بين ثنايا الذاكرة، قال «روفائيل»: «إن كل الذكريات ما زالت محفورة فى ذاكرتى، وكلما أتذكرها أستشعر مدى الحب والتعاون والتواصل الاجتماعى والإنسانى بين أفراد الجيش، من الجنود والضباط وصف الضباط، فلا تفرقة بين أحد، والجميع كان لديه إنكار للذات، وتجمعهم المحبة والتسامح والانتماء، خصوصاً أن من أبرز وأهم صفات الجندى المصرى على مر التاريخ كونه يجمع بين الذكاء والقوة والإرادة».