الذين ولدوا ساعة الحرب: 45 عاماً احتفالاً بالنصر والميلاد
«محمد» برفقة أبنائه
أعمارهم من عمر الانتصار المجيد، ولدوا فى التوقيت ذاته، وسمعوا التفاصيل والحكاوى من المقربين عن يوم ميلادهم الذى وافق يوم الحرب، وبينما تحتفل مصر بيوم الـ6 من أكتوبر سنوياً فى ذكرى انتصارها فى عام 1973، يحتفلون هم بعيد ميلادهم بذات اليوم، ويعلنون فى كل مكان أنهم «فأل خير» لمصر.
فى اليوم السادس من أكتوبر عام 1973 كانت مصر على موعد مع الحرب، وكانت حميدة عمران على موعد مع وضع جنينها، وفى تمام الـ2 ظهراً وعقب لحظات من انطلاق الطائرات المصرية، كان الصغير يركل بطن أمه استعداداً للخروج، ولأن مركز الحسينية بالشرقية شهد مذبحة بحر البقر قبل ذلك التاريخ بـ3 أعوام، فإن الأهالى خرجوا بأبنائهم إلى الحقول خوفاً من تكرار الأمر: «أمى خرجت من البيت وكانت عمالة تصوت، الناس افتكروا صويتها من الخوف عشان إحنا قريبين شوية من القناة وكانت الطائرات قريبة جداً مننا، بس هى كانت بتصوت علشان هتولد».
«محمد»: أمى كان نِفسها تسمينى «ناصر» .. و«نادية»: بأحكى لأولادى عن يوم ميلادى
يحكى محمد الصادق، الذى سمع الحكاية أكثر من مرة سواء من الجيران أو الأقارب على رأسهم الأم، أن ولادته تمت داخل ترعة صغيرة جافة: «بقوا الستات حوالين أمى مداريينها وواحدة شايلانى على حجرها». مزاح بصبغة اللوم ألقاه الجيران على مسامع الأم، كما حكت لابنها قبل وفاتها: «الستات فضلت تقولها جتك نيلة مش لاقية يوم غير ده تولدى فيه»، وبعد أيام من الحرب قررت الأم تسمية الطفل «ناصر»، إلا أن الوالد كانت له رغبة أخرى: «سمانى محمد، وأقنع أمى إنه سمانى ناصر، بعدين لما شافت شهادة الميلاد عرفت، بس فضلت تنادينى ناصر»، مؤكداً أنه يحكى لأولاده الـ3 الصغار قصة مولده على الدوام.
فى اليوم ذاته وفى محافظة المنوفية، كانت نادية علام على موعد مع الخروج إلى الحياة، ويومها كانت معظم المحلات والصيدليات مغلقة: «الناس قعدت فى بيوتها، وتابعوا اللى حصل بالراديو، أما أبويا فكان بيدور على حاجات للداية ومش لاقيها». تحكى «نادية»، التى لم يغفل زوجها يوماً عيد ميلادها: «أسهل يوم ممكن حد يفتكره، وبحكى لأولادى عنه».
يتذكر عصام جمعة حكاوى أمه عن ذلك اليوم، حين ولدته فى الـ2 والنصف ظهراً، فى بيت العائلة بمركز مشتول السوق بمحافظة الشرقية: «اتولدت فى يوم انتصار عظيم»، وبينما كانت أمه تعانى من آلام الولادة، كان والده ضمن المجندين فى الحرب، وأصيب بشظية فى قدمه.
لم يسجل «عصام» من مواليد السادس من أكتوبر، إنما سجل فى اليوم التالى، ما ترك فى نفسه بعض المرارة: «بحكى للناس دايماً حقيقة إنى اتولدت يوم 6 مش 7 زى ما هو مكتوب».