ذكريات جندي شارك بـ"ثغرة الدفرسوار": "كانت أجمل أيام حياتي"
محمد مرعي
في عام 1971، انضم إلى صفوف الجيش المصري جنديا احتياطيا، عمره 21 عاما، عقب تخرجه من كلية التجارة لجامعة القاهرة، ولم يكن محمد مرعي يدري وقتها أن البلاد على مشارف حرب مجيدة، تسجل في التاريخ وتغير مصير البلد فيما بعد، خاصة أنه كان واحدا ممن حاربوا الجنود الإسرائيليين في "ثغرة الدفرسوار".
التحق مرعي بسلاح المشاة في الجيش الثالث الميداني، قبل الحرب بعامين، جنديا احتياطيا في الكتيبة المتمركزة وقتها بالكيلو 109، قضاهما بشكل عادي للغاية، ولم يكن يتوقع هو وزملائه أن تشهد مصر حربا، حتى قبل ساعات من يوم 6 أكتوبر 1973، حيث أبلغوا بالاستعداد ورفع حالة الطوارئ لإمداد الجيش بالجنود، وهو ما أثار ريبة وقلق الجنود، و"نمنا كأننا صاحيين ومركزين".
وعقب ظهر العاشر من رمضان، بدأت الطائرات المصرية في الحركة بشدة، وصدرت البيانات العسكرية، تأكد مرعي وزملاؤه بالكتيبة شن البلاد حربا لاستعادة سيناء من قبضة الإسرائيليين، لتعم "فرحة لا تقدر بثمن"، حد وصفه، بعد أن نزع الخوف من قلوبهم "ماكناش نعرفه"، وتبدل مكانه الحماس والرغبة الشديدة بإنهاء المهمة الجليلة لتحرير سيناء، التي تعتبر جزءا عزيزا من أراضي الوطن.
وبالتزامن مع تمركز الجنود بكتيبتهم القريبة من العين السخنة، حدثت "ثغرة الدفرسوار"، ونشبت اشتباكات محدودة مع الجنود الإسرائيليين، دافع فيها المصريون ببسالة عن أراضيهم، وانتهت بفشل الجيش الإسرائيلي في ذلك، ومن ثم إعلان وقف الاشتباك: "كان عندهم خوف فظيع لا يوصف، بطريقة مش متخيلنها، لأنهم كانوا بيقولوا إنهم جيش لا يقهر وحاجات تانية كتير طلعت مش حقيقة، اتأكدنا وقتها من نصرنا، وإن الجندي المصري خير أجناد الأرض".
في تلك الأثناء، وتحديدا عام 1972، عين الشاب العشريني، في إحدى شركات الجيش للأصواف، حتى عام 1975، والتي عمل بها لفترة بسيطة بعد تركه الجيش، قبل أن يحصل على فرصة عمل بالسعودية، محاسبا في مؤسسة النائب العربي السعودي، لأعوام عدة، ثم عاد إلى القاهرة مرة أخرى واشترك مع عدد من أقاربه ودشنوا شركة للاستيراد والتصدير.
رغم مرور 45 عاما على انتهاء الحرب، لم تخف وميضها بقلب الرجل الستيني، الذي حصل على تكريمات وأنواط وشهادات تقدير لمشاركته في حرب أكتوبر المجيدة، يحرص على تزيين جدران منزله ومكتبه بها، وظلت مشاهد النصر واشتباكه مع الجنود الإسرائيليين واستقبال أهله وأقاربه والمواطنين بالشوارع له بالزغاريد والسعادة الجارفة، حاضرة في ذهنه بشدة طوال الوقت.
"عمري ما أنساه.. دي أجمل أيام حياتي مشاركتي بالحرب والجيش"، بهذه الكلمات يصف مرعي، 66 عاما، حبه الشديد للقوات المسلحة وتقديره لوجوده بين الجنود المشاركين بحرب أكتوبر 73، فلم يغفل زرع حب البلاد وحرب أكتوبر في نفوس أبنائه وأحفاده، فيحرص على جمعهم في منزله في ذكرى أكتوبر من كل عام، ويسرد لهم الكثير من القصص والذكريات التي تخص الحرب المجيدة.