المجاملات تغتال أحلام المنياوية لاكتشاف المواهب المدفونة في كرة القدم
الكابتن جمال سالم لاعب المنيا السابق
المجاملات وتسليط الضوء على القاهرة دون الأقاليم هي الصخرة التي تحطمت عليها أحلام محافظات الصعيد في اكتشاف المواهب الكروية المدفونة والتي لا تحظى بأي رعاية واهتمام، ووقعت فريسة للسماسرة والوكلاء.
ويرى مدربون ولاعبون سابقون أن كرة القدم أصبحت صناعة واستثمارًا، ولا بد من تغيير الثقافة السائدة لدى اتحاد الكرة، لأنها "قوة ناعمة لو أحسن تنميتها سوف تضع مصر في المقدمة وسط المحافل الدولية والعالمية".
طالب الكابتن جمال سالم، لاعب سابق في نادي المنيا، بعودة مشروع الهدف، لاكتشاف المواهب وتنميتها، مؤكدًا أن إدارة ملف كرة القدم التي تعد قوي ناعمة تبرز الشعوب في المحافل الدولية، في مصر لا تحكمه قواعد وأسس معروفة، وأفسدته المجاملات والعشوائية والسطحية، حتى مجالس إدارات الأندية تسير وفق الأهواء والمصالح الضيقة، وجاري اختيارها من خلال العلاقات الشخصية ولا تخضع لأي محاسبة، ولا تسعى إلى تنمية مواردها.
وقال جمال سالم، إن الصعيد يعد منجمًا زاخرًا بالمواهب الكروية، وبه نماذج أفضل موهبة من اللاعب محمد صلاح، الذي ذاعت شهرته حينما وجد الفرصة وحظى باهتمام، فالصعيد أرض خصبة لاكتشاف نجوم ستحقق طفرة لمستقبل الرياضة في مصر.
وأضاف سالم، "كل ما يحتاجه فقط الاكتشاف المبكر للمواهب والرعاية والإنفاق في حدود المعقول، وهذا يحتاج إلى إطلاق مشروع قومي لتغيير ثقافة الرياضة في مصر"، منوهًا إلى أن الصعيد أفرز العديد من النجوم في كرة القدم في الثمانينيات والتسعينيات حينما كان هناك اهتمام بدوري المدارس، وكأس الرئيس، ودوري القطاعات والمناطق ومنتخبات الصعيد التي كانت تنافس بقوة، وأوجه لومًا شديدًا لإدارات الأندية التي لاتهتم بقاعدة الناشئين، ويمكن أن نطبق تجارب من دول أخرى حتى نفرز أفضل مواهب رياضية تضع مصر في مكانة عالمية.
وقال الكابتن أحمد أبوبكر، مدرب كرة قدم ولاعب نادي المنيا سابقًا، إن كرة القدم أصبحت الآن صناعة واستثمار لا يعتمد على وجود الموهبة عند اللاعب فقط، فيجب أن يتمتع بالسرعة والقوة قبل الموهبة، فاللاعب البطي مهما كان موهوبًا فالنهاية يستحوذ خصمه علي الكرة بسبب السرعة، وافتقادة لموهبة الاستلام والتسليم أثناء اللعب، وللأسف فأن هناك مجاملات يعاني منها معظم أصحاب المواهب، قبل مرحلة البراعم والناشئين، لكن بعد تلك المرحلة يكون المدرب حريص علي اختيار أفضل العناصر لأنه يبحث عن النجاح.
وأضاف أبوبكر، أن كل المنتخبات العربية خرجت مبكرًا من بطولة كأس العالم لأن لاعبوها يفتقدون القوة والسرعة، رغم وجود مواهب نادرة، وأطالب بعودة الكشاف القروي الذي كان يجوب الأندية ومراكز الشباب بالقري والنجوع لاكتشاف المواهب المدفونة، وكذا عودة مشروع الموهبين بمديريات الشباب والرياضة، وإعطاء الفرصة لكل مراكز وأندية القري للاشتراك دون مقابل، وشن حملات دعائية بوجود مراكز تدريب موهبين ودعمها بكافة الامكانيات حتي يثتني لأي شخص يري في نفس الموهبة إظهار نفسه، خاصة وأن الكرة أصبحت استثمار واقتصاد لكن مازالنا غير مقتنعين بذلك، فالمانيا نجحت في إعداد منتخب قوي حصل علي بطولة الأمم الأوربية بالاعتماد علي البراعم وتأهيلهم، ولابد أن نبدء في مصر من الصفر حتي نحي تلك اللعبة الشعبية الأولي في العالم، ويجب أيضًا أن تهتم مراكز الشباب بعمل تجمعات لكل المراحل العمرية لممارسة كرة القدم لإفراز المواهب وتنميتها فكل نادي ومركز شباب لديه القدرة علي إخراج لاعبين أكفاء دون تكلفة، بدلًا من إهدار موارد الأندية في وقت الحاجة والاضطرار لشراء لاعبين.
مصطفى عمر عبد الرازق، 23 عامًا، "باك لفت" بفريق مغاغة، معروف بين أبناء قرية زهرة التي يعيش فيها بـ"العالمي" لأن لديه موهبة غير عادية في كرة القدم، ويحكي مشواره القروي، قائلًا إنه بدأ اللعب وعمره 12 عامًا بمركز شباب قرية البرجاية التي تبعد 3 كيلومترات عن قريته، وحينما بلغ 14 عامًا أجرى اختبار بنادي بترول أسيوط والتحق به، ثم انتقل لتليفونات بني سويف، الذي صعد للممتاز حينذاك، وشارك في كل المباريات لكنه فوجئ في الموسم الجديد باستبعاده، ثم انتقل للفريق الأول بنادي منفلوط بأسيوط، وكان يلعب حينذاك في الممتاز "ب"، وتركه بسبب فقر الإمكانيات المادية، وانتهى به المطاف بنادي مغاغة.
وقال"مصطفى"، إن القرى والعزب والنجوع تضم مواهب لا حصر لها لكن ابنائها لا يجدون أي مساعدة في البدايات ويضلون الطريق ويضيع مجهودهم بسبب وجود مجاملات، أو عدم قدرة الأسرة على توفير الإمكانيات لسفره للأندية التي تقع خارج المحافظة لإجراء اختبارات، حتى بعد الالتحاق بأندية يقع اللاعب فريسة للسماسرة ومعظمهم من قدامى اللاعبين، وحينما ينتقل اللاعب لنادي أفضل في الصعيد لا يجد تسليط ضوء إعلامي ويصطدم بفقر الامكانيات وعدم حصوله على حقوقه المادية، وعدم وجود ملاعب مهيئة، وتأمين المباريات، ووجود لوائح وضوابط خاصة بمكافآت اللاعبين سواء في الفوز أوالتعادل، كما أن القائمين على المنتخبات الوطنية لا يشغلوا بالهم بالبحث عن المواهب المدفونة خصوصًا في الصعيد، وأحيانًا يحصل اللاعب على فرصته من خلال علاقات وليس بسبب الموهبة، لذلك يجب على الدولة التدخل بإنشاء مدارس لكرة القدم، والاهتمام بالنشئ داخل مراكز الشباب، بدلًا من ترك الأمور للأكاديميات الخاصة التي تعتمد على المجاملات وتبحث عن المكاسب المالية السريعة، وللأسف فأن كل الأضواء تسلط على القاهرة دون باقي المحافظات، حتى المعسكرات والتجمعات التي يقيمها اتحاد الكرة لا يشركون فيها أحدًا من أبناء الصعيد.