"فرارجية" عن حظر بيع الطيور الحية: "هنعيش إزاي؟".. ومواطنون: "هنربي"
أحد محلات الطيور
أقفاص مملوءة بمختلف أنواع الطيور، تتراص أمام المحال التي لا تتوقف الحركة داخلها وخارجها، بين عامل يذبح وآخر ينظف ويقطع، وثالث يسلم للزبون كيسا مملوءا بطلبه، ومواطن يتابع بعين صقر عملية إعداد ذبيحته، للاطمئنان على نظافتها بنفسه.
المشهد قد يختلف خلال أيام، والعملية ذاتها قدر تصبح من الماضي، بعد انتهاء مهلة الشهرين التي وضعتها وزارة الزراعة لبدء تطبيق قرار حظر بيع وتداول الدواجن الحية، على أن يتم الإتجار أو الذبح وفقًا للشروط والإجراءات، وفي الأماكن والمجازر التي يصدر بتحديدها قرار من الوزير المختص بالزراعة.
"مش هلاقي حاجة أعملها لما القرار يتطبق"، هكذا وصف عمر صلاح، صاحب محل طيور، حاله بعد تطبيق القرار المنتظر، فالزبائن لن ترضى ببديل لذبح الطيور أمام أعينها، ولن تثق بأي حالٍ من الأحوال في الطيور الجاهزة والمثلجة "دي الفراخ لو باتت عندي لتاني يوم مابعرفش أبيعها".
الشاب الذي أتى من المنيا منذ 10 سنوات لفتح محل الطيور خاصته بأحد شوارع محافظة الجيزة، لن يستطيع أن يعود للعمل في مسقط رأسه من جديد بعد تطبيق القرار: "لو كان ينفع من الأول ماكنتش سبت بلدي وجيت هنا أصلًا"، كما أن القرار يضر العاملين معه في المحل من أشقائه وأبناء عمومته "المحل فاتح بيوت عيلة كاملة، همشيهم وأجيب تلاجة مكانهم؟".
أصحاب محال الطيور: بيوت كتير هاتتقفل بسبب القرار
إحدى زبائن عمر اتفقت معه، فالسيدة الأربعينية لا تحب الطيور المجمدة أو غير الطازجة "بحب أشوف الفرخة بتتدبح قدامي، ولو طبقوا القرار بجد هشتري لحمة أو أرجع أربي الفراخ في البيت زي زمان".
"فرارجي" آخر في شارع فيصل بمحافظة الجيزة يُدعى أسامة سليمان، يقف في المحل خاصته يمارس عمله، برفقة والدته التي تعلم المهنة على يديها، ولا يعلم أحدهما ماذا سيفعل عقب تطبيق القرار بعد شهرين "مش عارفين هانعمل إيه ونعيش إزاي"، فالعائلة قضت 12 عامًا تمارس المهنة ذاتها يوميًا، ولا تعرف سبيلًا للرزق غيرها.
"الزبون لازم ينقي الفرخة بنفسه وتتدبح قدام عينيه"، هكذا عبر أسامة صاحب الـ32 عامًا عن صعوبة العمل في المهنة بعد تطبيق القرار، فالزبائن اعتادوا مشاهدة الطيور تذبح أمام أعينهم، وهو ما اتفقت معه والدته: "الزبون بيبقى عاوز ورك واحد ويخلينا ندبحله فرخة عشان مش هياخد حاجة مركونة".
القرار المنتظر تطبيقه ربما يجعل العائلة التي لا تعرف مهنةً إلا العمل في ذبح الطيور وبيعها لا تجد سبيلًا للرزق "مش هنلاقي ناكل عيش وهنقفل المحل خالص"، فالذبح في المجزر أمر مستبعد بالنسبة لهم "هاندبح هناك ونجيب البضاعة نركنها ومش هتتباع".
زبائن: مش هناخد فرخة مش مدبوحة قدامنا
سيدة خمسينية تجلس داخل المحل تنتظر الحصول على الطيور التي يذبحها ويجهزها أسامة، بينما تتابع العملية بشغف تعبر عن رفضها القاطع الحصول على تلك الدواجن داخل أكياسٍ جاهزة أو مجمدة دون متابعة عملية تنظيفها بنفسها "مش هشتري فراخ أصلا وهرجع أربي في بيتي، ده أنا اللحمة حتى مش بشتريها غير من حد واثقة فيه"، فحفظ الطيور في الثلاجة يُفقدها قيمتها الغذائية وطعمها المميز، حسبما قالت السيدة.
والدة أسامة تلتقط طرف الحديث من زبونتها الخمسينية لتكشف أثرًا للقرار ربما يحدث من وجهة نظرها: "الناس هتبطل تشتري طيور خالص وأسعار اللحمة هترفع بعد ما الطلب يزيد عليها"، فبعيدًا عن البطالة التي يسببها القرار، سيقبل العازفون عن شراء الطيور على اللحوم التي حتمًا سترتفع أسعارها، ما يتسبب في أزمة أخرى.
أحمد محمود، جاء من بني سويف منذ 15 عامًا، واشترى محل الطيور الذي يعمل فيه حاليا، يؤكد أنه لن يذبح في المجازر "هافضل شغال في الطيور الحية لحد ملاقيش بضاعة تجيلي"، فزبائنه لن ترضى بأي حالٍ من الأحوال بشراء طيور ملفوفة داخل أكياس، يرونها مجمدة.
"حتى لو دبحت في المجزر أودي الناس اللي شغالة معايا فين؟" سؤال عبر به الرجل عن مشكلةٍ أخرى ستواجه القرار، تتعلق بالعمالة التي ستفقد أعمالها ووظائفها في محال الطيور الحية، والتي لا تعرف عملًا آخر، ولم يتعلموا مهنةً أخرى "يوفرولنا شغلانة بديلة وبعدين يقفلوا المحلات".