الشيخ فى مرآة السينما: مضلل يبيح المحرمات.. وداعٍ إلى الاستقامة والصلاح
ماجدة وشاهين
رجل طغت على قسمات وجهه ملامح الكبر، وكسا الشيب رأسه، لسانه ينطق دائماً بذكر الله، وأنامله لا تكف عن التسبيح، تلك الصورة غلبت على أدوار المشايخ فى السينما المصرية، التى تنوعت بين النماذج الإيجابية لرجل الدين دمث الأخلاق وصاحب الفضيلة، والسلبية لآخرين يتسترون فى عباءة الدين، ويخفون فى أنفسهم مشاعر الطمع والضلال.
الفنان يحيى شاهين أبرز من قدم الجانب المضىء منه بدور الشيخ «حسن» فى فيلم «جعلونى مجرماً»، ونقيضه فى فيلم «الأرض»، وأيضاً فيلم «الحدق يفهم» الذى تدور أحداثه حول الشيخ عاشور إمام مسجد عزبة كفر النور التى أصابها السيل، ويذهب إلى عزبة كفر مازن المجاورة لجمع التبرعات، فيعترضه قاطع طريق يستولى على ملابسه وينكشف فى النهاية، وهناك أيضاً الفنان شفيق نور الدين الذى قدم دور الواعظ فى فيلم «توبة».
«بدر نوفل» قدم صوره إيجابية عنه فى فيلم «التعويذة»، وأيضاً حافظ أمين فى «وكالة البلح»، كما تألق الفنان عمر الشريف خلال تقديمه شخصية الشيخ «حسن» فى فيلم «حسن ومرقص»، كما قدم الفنان عمرو سعد شخصية الشيخ الذى يخضع للسلطة من خلال فيلم «مولانا».
كما ظهر الشيخ بصور سلبية فى عدد من الأعمال السينمائية، مثل فيلم «التوت والنبوت»، «الزوجة الثانية» الذى قدم نموذجاً لإمام المسجد الذى يحلل الحرام لعمدة القرية، كما ظهر مشايخ الأزهر فى أفلام عديدة من بينها «بين القصرين» و«اللص والكلاب»، وفيلم «غرام الشيوخ».
«عبدالشكور»: «شاهين» قدمه كرجل مستقيم فى «جعلونى مجرماً».. و«صدقى» أضفى عليه قداسة فى «الشيخ حسن»
وقال الناقد محمود عبدالشكور: «السينما قدمت صورة الشيوخ فى قالبين مختلفين، الأول أظهره كفاسد يثير السخرية، والثانى كرجل الاستقامة والخير وصاحب السلوك القويم، مثل دور الفنان الراحل يحيى شاهين فى فيلم «جعلونى مجرماً» مع الفنان فريد شوقى، بالإضافة إلى دور الفنان حسين صدقى الذى أضفى على دور رجل الدين هالة من القداسة»، وأضاف لـ«الوطن»: «أعتقد أن السينما استطاعت أن تعرض صورة الشيخ بشكل وافٍ، ويرجع السبب وراء ذلك إلى توافر عدد كبير من الفنانين الكبار، الذين استطاع المؤلف والمخرج توظيفهم بشكل مناسب من خلال الأعمال السينمائية، حيث تم تقديم صورة رجل الدين بشكل كوميدى، وبرع فى تقديم تلك الشخصية الفنان عبدالمنعم إبراهيم فى أكثر من دور بأعماله».
أما السيناريست بشير الديك، فقال: «السينما المصرية تناولت الشيخ فى أدوار كثيرة، فمنهم من ظهر بصورة إيجابية يدعو الناس بالموعظة الحسنة، وآخرون ظهروا بصورة سلبية، ومن أشهر تلك النماذج الإيجابية شخصية الشيخ إبراهيم الذى كان يردد جملته الشهيرة (جواز عتريس من فؤادة باطل) فى فيلم (شىء من الخوف)، تلك الشخصية التى علقت بأذهان الجمهور لفترة طويلة، لأنه كان يدافع عن الحق»، وتابع: «من الطبيعى ألا تقدم السينما صورة الشيخ بشكل كامل من جميع النواحى الفنية، نظراً لأنه إنسان قد يُخطئ ويُصيب، والدين فى النهاية هو علاقة بين الشخص وربه، ويجمع بينهما ميثاق روحانى شديد الخصوصية، واستطاع المؤلفون والمخرجون توظيف تلك الصورة بشكل أثر فى حياة الجمهور».
وقالت الناقدة ماجدة خير الله: «الشيخ شخص من الممكن أن يكون عظيماً، وقد يكون فاسداً، على سبيل المثال فى فيلم «الزوجة الثانية» ظهرت صورة الشيخ «متولى المرابى»، وهو دور اشتهر به الفنان الراحل «حسن البارودى»، يحلل كل شىء ويساند الباطل ويبرهن على حديثه الكاذب بآيات من القرآن لخداع الآخرين، وهذا ما يطلق عليه «شيوخ السلطان»، وهناك نموذج لرجل الدين الصالح الذى جسده الفنان يحيى شاهين فى فيلم «جعلونى مجرماً»، عندما وجه نصيحة للرجل الذى ارتكب جريمة واختبأ بالمسجد، بأن يواجه خطأه»، وأضافت: «الشيوخ يتأثرون بالطبع بفساد المجتمعات، فبعضهم يروج لخرافات لا علاقة لها بالدين، وهذا أصبح موجوداً بالفعل فى المجتمع وظهر بصورة واضحة خلال فيلم «مولانا» للفنان عمرو سعد، الذى سلط الضوء على علاقة رجل الدين بالسلطة، واستخدامه فى تغييب وعى الناس».