وفد مصري في جولة بهولندا للتعرف على تجربتها العمالية لتعزيز النمو
جانب من زيارة الوفد المصري برئاسة هاني ابراهيم
نظم وفد مصري جولة دراسية من أجل التعرف علي تجربة التنظيمات العمالية الهولندية في كيفية تعزيز الاستقرار الاجتماعي والمساهمة في النمو الاقتصادي ومواجهة التحديات التي تفرضها متغيرات السوق.
وشارك بالجولة التي نظمها مركز المحروسة وبدعم من السفارة الهولندية بالقاهرة، مجموعة من القيادات والخبرات العمالية تمثل قطاعات التدريب والتنمية البشرية والكيماويات والبتروكيمايات والعلوم الصحية والمهنيين والحرفيين والعمالة غير المنتظمة والمرأة العاملة.
وأكد هاني إبراهيم مدير مركز المحروسة، أن هدف الجولة الدراسية هو استشكاف التجارب والخبرات الهولندية في كيفية التعامل مع المتغيرات الاقتصادية التي تواجه قطاع الأعمال في لحظات الضعف الاقتصادي، والتي تؤدي إلي إعادة هيكلة الشركات ومؤسسات الاعمال العام والخاص وينتج عنها إما تقليص أعداد العمال أو بيع وتصفية أنشطة هذه الشركات وتسريح العمال كافة وهو ما يؤدي إلي زعزعة الاستقرار الاجتماعي بزيادة أعداد البطالة وإنخفاض دخل الأسر التي يعولها هؤلاء العمال.
ومن خلال الجولة الدراسية تعرف المشاركين علي تجارب التنظيمات والاتحادات العمالية الهولندية في كيفية إعداد العمال والموظفين وتدريبهم للنمو المهني والترقي الوظيفي أو تمكينهم من التحول المهني "professional transition"، وهو مصطلح لم يتداول كثيرا في مصر ويقصد به تغيير المسار المهني من وظيفة في قطاع اقتصادي معين إلي وظيفة جديدة في قطاع مهني أخر يكون أكثر استيعابا للعمالة التي خسرت وظائفها نتيجة المتغيرات الاقتصادية.
وفي مقابلتهم مع السيد روب هنيجو رئيس إتحاد المهنيين الهولندي، الذي يضم في عضويته نقابات الشرطة المدنية ونقابة الدبلوماسيين ونقابات الإدارات المتوسطة والعليا في الجهاز الإداري للدولة تعرف الوفد المصري علي سياسات الاتحاد الهولندي في دعم التحول المهني لموظفي الجهاز الإداري للدولة، فيقول لعقود طويلة كان الأمان الوظيفي هو المسيطر علي العاملين بمؤسسات الدولة، ومنذ 2008 وبعد الأزمة المالية أصبح من الضروري التحول إلي الأمان المهني، إذ يحصل الموظف على دورات تدريبية ترفع من قدراته وتجعله دائما مستعدا لترك وظيفته والإلتحاق بأخرى لتمتعه بالمهارات والخبرات اللازمة.
ويضيف هنيجو، أن نظام العمل الحكومي في هولندا حاليا يعتمد علي العقود قصيرة ومتوسطة المدي ولا يستعين بالعقود طويلة المدي إلا للخبرات والكفاءات المتميزة التي يحتاجها.
وفي ثاني محطة للوفد المصري تم زيارة المجلس الاقتصادي الاجتماعي SER وهو أحد أهم وأعرق المؤسسات المعنية بالسياسات الاقتصادية والاجتماعية ويتكون من ثلاث مجموعات تمثل الاولي منظمات أصحاب الأعمال والمجموعة الثانية تمثل النقابات والإتحادات العمالية والمجموعة الثالثة تمثل الخبراء والذي يطلقون عليهم مصطلح "حراس الصالح العام" وتضم في عضويتها الرئيس التنفيذي للمجلس الاقتصادي الاجتماعي ومدير البنك المركزي الهولندي ومدير المكتب الوطني لتحليل السياسات الاقتصادية.
يتولي المجلس الاقتصادي الاجتماعي عدة مهام منها تقديم المشورة للحكومة والبرلمان فيما يخص كافة التشريعات والسياسات والخطط المتعلقة بالشئون الاقتصادية والاجتماعية سواء علي مستوي هولندا أو الاتحاد الأوربي وبعض القضايا الدولية مثل قضايا التغيرات المناخية وتأثيراتها الاقتصادية.
كما يتولى تنظيم جلسات حوار بين الأطراف المعنية بالقضايا ذات الطابع الاقتصادي الاجتماعي وأيضا مساعدة المنظمات النقابية ومنظمات أصحاب الأعمال والمؤسسات الاقتصادية والاجتماعية مثل حماية المستهلك من تطوير تشريعاتها ولوائحها التنفيذية الخاصة بها.
يقول الدكتور ماركوس بوس مدير قطاع الشئون الاقتصادية بالمجلس أن الضرورة لتعزيز الاستقرار الاجتماعي في هولندا وبناء آلية للحوار البناء بين مختلف قطاعات الدولة هو ما أدي إلي تأسيس المجلس عام 1950، حيث كانت هولندا تعاني من دمار شامل بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، فالمجلس ظهر ليكون منصة حوار يتناقش عليها الأطراف المتنازعة ويصلون إلي قرارات مشتركة تؤدي إلى بناء واستقرار الدولة ومن ثم تجذب الاستثمارات الخارجية وتمنح المجتمع جودة الحياة التي يستحقها، وهو ما ساعد هولندا على النمو والتطور عبر العقود السبعة الماضية.
وفي اللقاء مع الاتحاد الهولندي للنقابات العمالية FNV ومؤسستها الخاصة بالتمويل وعلاقات الدولية FNV Mondiaal، استمع الوفد المصري لتجربة الاتحاد الهولندي في تعزيز مكون التدريب والتطوير المهني للعاملين سواء بالقطاع الخاص أو العام حتي يتمكنوا من مواكبة متطلبات سوق العمل وتغير العلاقات المهنية حيث أصبحت حركة العمل أكثر مرونة وتندثر حاليا علاقات العمل الثابته وطويلة المدى، كما ركزت ليونا ماكان مسئولة المشروعات بالإتحاد الهولندي على فهم الوضع الاقتصادي المصري وكيف يمكن دعمه من خلال استقرار علاقات العمل وتمكين منظمات أصحاب الأعمال وممثلي التنظيمات العمالية من فهم الطبيعة المتغيرة للاقتصاديات العالمية وتطلبها لمهارات متجددة وأيضا أنواع جديدة من عقود العمل التي تتسم بالقصيرة أو المتوسطة في أغلبها وهو ما يستلزم من النقابات العمالية تغيير أنماط عضويتها لتواكب هذا التغيرات المتسارعة في الأسواق الدولية.