يوميات إنسانية لطبيب في حملة "فيروس سي": من وسائل رحمة الله بالأرض
الدكتور محمد ممدوح
"مراقبة الله في مهنته، وصون حياة الإنسان، والسعي لإنقاذها من الهلاك والمرض والألم والقلق، باذلا رعايته الطبية للقريب والبعيد".. لم يكن القسم الذي ردده الدكتور محمد ممدوح الطبيب الصيدلي، مجر شعار بل حافظ عليه، فكان من وسائل رحمة الله في الأرض.
ومنذ انطلاق المرحلة الأولى من مبادرة القضاء على فيروس "سي"، والكشف عن الأمراض غير السارية، لم يعرف النوم طريقه، فنجده مع دقات السابعة، يتجه إلى وحدته الصحية لحرصه على أن يؤدي عمله على أكمل وجه دون تقصير.
وبابتسامة تعلو وجهه دائما تبعث الطمأنينة في نفوس كل من يتقدم لتوقيع الكشف الطبي، يستقبل الطبيب العشريني المواطنين داخل وحدة مطول الصحية التابعة لمحافظة الفيوم، وفي أقل من نصف ساعة قد يتبدل الحال - مدة التحليل - فبعد ظهور نتائج أحد المواطنين بأنه مصاب بـ"فيروس سي" أو أحد الأمراض غير السارية، يسيطر الحزن على المصاب ومن يرافقه، لكن يد ممدوح وزملاءه تتسابق لاحتوائه وطمأنته بأن العلاج لم يعد مستحيل، "متعاونين على البر والتقوى".
وسط زحام الكشف داخل الوحدة على الفيروس تتخلل المواقف الإنسانية اليوم، لا ينساها الطبيب الصيدلي، فلا يغيب عن باله سيدة أربعينية تقدمت للكشف وهي مصابة بمرض السرطان، ووقفت بعد أخذ العينات تدعو الله باكية بألا تكون مصابة بفيروس "سي"، فجسدها لم يعد قادرا على المقاومة، وفور إعلان نتائج التحليل يلتقط الجميع أنفاسهم، وهي تسقط ساجدة شكرا لله لنجاتها، بحسب ممدوح.
يرى الطبيب العشريني، أن هناك حالة كبيرة من الوعي لدى المواطنين بطبيعة المرض عن الأعوام السابقة، إلا أن حرصه على الحالة النفسية للمواطنين، وتحديدًا كبار السن المصابين فلا يخبرهم بنتيجة التحاليل عند إصابتهم ويكتفي بإخبار المرافق للحالة.
"ما شاء الله النساء في الفيوم الأكثر إقبالا على الكشف من الرجالة والغريب إن أكتر الناس اللي بكيت كانت اللي بتكتشف إن عندها ضغط وسكر عكس اللي اكتشفوا إن عندهم فيروس سي، ويمكن السبب لأن الفيروس علاجه بقى سهل ومتاح"، بهذه الكلمات أكد ممدوح أن السيدات هن الأكثر إقبالا على المبادرة، مستدركا أن الشباب مواليد 2000 حينما يتقدمون للكشف نجدهم غير مدرجين بالكشوف، متمنيا أن يكون العام المقبل هناك اهتمام بالفئات العمرية الصغيرة.
وعن أكثر المواقف المضحكة التي تعرض لها ممدوح، خلال مبادرة الكشف عن فيروس "سي"، فكانت عندما راجع بيانات المواطنين التي أجرت تحليل فيروس "سي"، فوجد من ضمن القائمة اسم سيدة تدعي "محترمة"، فعلى صوته وسط الحضور قائلا: "إيه ده معقولة فيه واحدة اسمها محترمة؟"، فرد عليه رجل يقف خلفه: "خير يا أستاذ أنا جوزها"، متابعا: "أنا في الأول قلت ربنا يستر ولما بصيت ورايا لقيت الكل بيضحك وكمان جوزها ضحك والحمدلله مطلعش عندها حاجة".