إعداد قاعدة بيانات للتشريعات.. و"قانونيون": هناك أحكام صدرت بالخطأ
المستشار عمر مروان
أثار إعلان المستشار عمر مروان، وزير شؤون مجلس النواب، إعداد الحكومة قاعدة بيانات لكافة التشريعات والقوانين الموجودة في مصر، ترحيبا كبيرا لدي أساتذة القانون، والمستشارين والمحامين، الذين أكدوا أن عدم توفر قاعدة بيانات هو أمر لا يوجد في أي دول العالم الأخرى باستثناء مصر، مشيرين إلى أن غياب هذه القاعدة المعلوماتية، أدى إلي وجود عدد من الأخطاء، وتقلل من سرعة اتخاذ القرار، فيما أن توافرها يساعد علي تحقيق العدالة الناجزة التي تسعي الدولة لتحقيقها.
"قانونيون": هناك أحكام صدرت وفق قوانين انتهت
قال الدكتور رأفت فودة، أستاذ القانون جامعة القاهرة، إن ما أعلنه المستشار عمر مروان، من وجود اتجاه لدي الحكومة لإنشاء قاعدة بيانات دقيقة لكل التشريعات، يعد عملا رائعا، ينقص مصر مثل هذا العمل، الذي يوجد في كل دول العالم، قاعدة البيانات المتعلقة بالتشريعات، وهناك مواقع خاصة في مصر بها إحصائية بالتشريعات في مصر، وبيانات بالقوانين لكنها ليست كاملة، لافتا إلى أن المهم في قاعدة البيانات التي تسعي الحكومة لإعدادها تكون نافذة، فمن الممكن إعداد قاعدتين للبيانات، الأولي بالقوانين الموجودة منذ زمن، وأخري بالقوانين النافذة الحالية لأن هذه هي المهمة في العمل بالنسبة لأي جهة كانت، بالنسبة للوزير والمحافظ يطلع علي القوانين النافذة، ولا يأتي ويطبق قوانين عفا عليها الزمن، أو ألغيت، ويسري الامر بالنسبة للدساتير، مشددة علي ضرورة ألا يكون الهدف من هذا العمل تجاري، ولا تنشأ مواقع خاصة بها يدفع لها من أجل الاضطلاع، وتكون متاحة وسيتفيد منها كل القانونيين العاملين في الدولة، ويفيد في تعامل كل الجهات الحكومية.
رأفت فودة: غياب قاعدة بيانات بالتشريعات أدى لصدور قرارات خاطئة وباطلة مستندة لقوانين ألغيت
وأضاف فودة لـ"الوطن"، أنه يتمنى أن تكون مصر قادرة علي إنشاء مثل هذه القاعدة، ويستعينوا في ذلك بكل أهل الخبرة والرأي، لافتا إلى أن هذا العمل جاء متأخرا، ففي فرنسا علي سبيل المثال، عندما يريد القانونيين قانون ما، يدخلون علي موقع حكومي مجانا، ويحصل القانونيون علي القانون الذي يريدونه، فالدول كلها لديها نفس النظام، وأتمني أيضا أن القضاء المصري يعد مثل هذه القاعدة بالنسبة للأحكام، فهم جزئين متكاملين، أن تكون هناك قاعدة بيانات متكاملة للتشريعات السارية والنافذة والسارية بالفعل وكذلك اللوائح والقرارات الوزارية السارية، والتعديلات التي جرت عليها، من أجل من يتعامل معها ويستخدمها.
وتابع: "من المفضل أن يضيفوا إليها التعليقات الواردة في المذكرات التفسيرية الخاصة بهذه القوانين"، لافتا إلي أن هذا العمل سيفيد الباحثين والمتخصصين، والمحامين، والقضاء، للآن القضاة عند نظر الدعوي يطلبون صورة القانون، فنذهب لشراء صورة القانون، ونعطيها للقاضي للحكم في القضية.
وتابع، أن غياب هذه القاعدة، ساعد في ظهور قرارات خاطئة، وباطلة لأنها مستندة لقوانين ألغيت، ومن أصدر هذه القرارات لا يعرف أن هذه القوانين ألغيت، وهذه ظاهرة بديهية في كل الدول، وليست لدينا فقط، لكن الدول الأخري استطاعت أن تنقح، وتعلن الساري، والذي عفا عليه الزمن وألغي، وبالتالي عندما يتخذ وزير أو عميد كلية قرار، يكون مضطلع جيد علي ما ألغى، وما زال ساريا، وما اللائحة التي تطبق في الوقت الحالي.
وشدد علي ضرورة الاهتمام بالتشريعات القديمة أيضا ووجود قاعدة بيانات لها، كون هناك دعاوي قضائية أقيمت في فترة سريان هذه التشريعات قبل إلغائها، ويحكم فيها القاضي وفق القوانين القادمة، لأن العبرة بتاريخ الواقعة، مشيرا إلي أن وزارة العدل قادرة علي القيام بهذا العمل، وأن تطلب من كل الجهات التشريعات سواء الجديدة أو القديمة، والتعليقات عليها، فقسم التشريع في وزارة العدل يستطيع القيام بذلك، وهذا اختصاصها وعملها، لافتا إلي أن تنفيذ الفكرة، بيد وزارة العدل وحدها، مشيرا إلي أن هذا الأمر سيستغرق سنوات.
المستشار سامح عبد الحكم: القاضي يدفع من جيبه للحصول على المعلومات ومعرفة أحدث التشريعات.. و"فلاشة" موسوعة القوانين بـ 1000جنيه
وقال المستشار سامح عبدالحكم، رئيس محكمة الجنايات، إن هناك قاعدة بيانات في محكمة النقض، والمفترض أن تكون هناك قاعدة بيانات يضاف لها أي تشريع جديد يصدر، ويستفيد منها المواطن والمتقاضي والقاضي نفسه، لافتا إلي أنه من المفترض وجود مثل ذه القاعدة، وهو عمل يثمن ويقدر من الجميع، والمفترض أن تتوفر للجميع للاستعانة بها في كافة مراحل التقاضي، سواء في مسائل الأحوال الشخصية أو الجنايات أو في المواد المدنية والتجارية والاقتصادية، فيجب توفر بيانات كاملة يستفيد منها المتقاضي، وتكون مطروحة ومعلنة للكافة، لافتا إلي أن كثير من القضاة يضطلعون علي أحدث التشريعات والأحكام باستمرار، سواء أحكام الإدارية العليا أو النقض، ويحمل نفسه فوق طاقته لأنه يضطلع بمجهوده الشخصي، يشتري هذه الكتب والوسائل الإلكترونية الحديثة مثل الفلاشات وبعض الأقراص المدمجة، التي تتسع لجميع تشريعات النقض والتشريعات الحديثة، وتتجاوز الفلاشة الواحدة 1000 جنيه، وتباع في منافذ نادي القضاة ونقابة المحامين، والقاضي يتحمل هذه التكاليف من جيبه الخاص، هي عبارة عن موسوعة لكل تشريعات التقاضي، التجارية والاقتصادية، وهي التي أعدها بعض القضاة بمجهود شخصي.
وأضاف عبدالحكم لـ"الوطن"، أن تكلفة المعلومة ليست زهيدة، وغير متوفرة بسهولة، ومهم جدا أن يطرح هذا الأمر ويكون مبسط ومتوفر للكافة، لأن البحث عن المعلومة يستغرق وقت وجهد، وتوفرها بسهولة عبر الإنترنت، يفرق كثيرا، وخاصة وأن الخارج سبقنا كثيرا في هذه الأمور.
وأشار إلي أن القاضي قبل إصدار الحكم، تعرض عليه بأمر إحالة، وبقيد ووصف من النيابة العامة، التي بدورها لا تصدر ذلك إلا بعد الاضطلاع علي أحدث التشريعات، في المواد القانونية، وتصدر ذلك بناء علي التشريع الأحدث، مشيرا إلي أن وجود أحكام مستندة بالخطأ إلى قوانين قد عفا عليها الزمن أو انتهي تطبيقها، لا يتم بالنسبة للقضاء الجنائي، لأن الأمر يمر بأكثر من مرحلة قبل القدوم للقاضي، موضحا أن هذا الأمر قد يكون قد وقع بالنسبة لقضايا الجنح والمخالفات، التي قد يكون بها بعض الأخطاء الضعيفة
"أسامة عبيد": هناك أحكام صدرت وفق قوانين عفا عليها الزمن وانتهت
وقال الدكتور أسامة عبيد، أستاذ القانون الجنائي، وكيل كلية الحقوق جامعة القاهرة، إن ميكنة إجراءات الدعوي والتقاضي بشكل عام أمر في منتهي الأهمية، لأكثر من سبب، الأول "أننا نسعي لتحقيق فكرة العدالة الناجزة، وسرعة الفصل في القضايا، وهذه مسألة لن تتأتي في ظل وجود الكاتب التقليدي، والإجراءات الورقية ومحاضر الجلسات، والأحكام المكتوبة بخط اليد، فلو كنا نبحث عن فكرة العدالة الناجزة يتعين علينا أولا أن تكون لدينا ميكنة واضحة، لكافة التشريعات المتعلقة بالإجراءات القضائية بشكل عام"، مشيرا إلي أن وجود قاعدة بيانات ستساعد بشكل عام علي نشر الثقافة التشريعية والقانونية عند كثيرين، فأناس كثيرة لا تعرف أن هناك قانون صدر اسمه قانون تقنية المعلومات صدر منذ أشهر قليلة، ولا بد أن نطلع عليه.
وأضاف عبيد لـ"الوطن"، أنه كلما قل الاعتماد علي العنصر البشري واستبداله بالأساليب التكنولوجية، وقواعد المعلومات الإلكترونية، كلما قلت معدلات الفساد، فإذا كانت الدولة متجهة إلي مكافحة الفساد بهذا الشكل، فوجود أليات تقلل دور العامل البشري سيساعد كثيرا في تحقيق سياسة الدولة في مكافحة الفساد.
وأوضح أن هناك بعض الأحكام القضائية، التي تصدر استنادا إلي قوانين قد تكون ألغيت، فعندما تكون التشريعات موجودة علي قاعدة بيانات، يكون من السهل الوصول لها، سواء كان محامي، أو قاضي، أو المتقاضين أنفسهم، حيث يستطيع الوصول بسهولة، مضيفا: "عندما نترافع في بعض القضايا نقول والله فيه قانون جديد صدر في مصر بتاريخ معين، القاضي حينها يطلب إعطائه صورة منه، لذا فبدلا من ذلك، عندما تتوفر قاعدة البيانات، تتوفر له قناة اتصال، ويكون مضطلع علي كافة التشريعات، مثله مثل المحامي، وهو ما سيوفر الإجراءات بشكل كبير، ويجعل الأمر سهل في التواصل مع القضاة والنيابة العامة، وبدل من أن يفصل في الدعوي خلال عام، يفصل فيها خلال 3 شهور".
وأشار إلي أن هناك قوانين يكون قد صدر أحكاما بعدم دستوريتها، أو انتهي العمل بها، فلن يرفق مثل هذه القوانين في قاعدة البيات القومية، التي تسعي الحكومة لإعدادها، كما أعلن المستشار عمر مروان.