موجة غلاء جديدة تضرب أسواق الخضراوات والفاكهة فى المحافظات.. والمواطنون: «هنجيب منين؟»
تصوير:
سمير وحيد
09:54 ص | الجمعة 19 أكتوبر 2018
ارتفاع جديد فى أسعار الخضر والفاكهة بمختلف الأسواق يثير استياء المواطنين
سجلت أسعار العديد من أنواع الخضراوات والفاكهة ارتفاعاً جديداً فى مختلف الأسواق بمعظم المحافظات، أمس، وامتدت موجة الغلاء الجديدة إلى المنافذ الحكومية، حيث ارتفعت الأسعار بها إلى معدلات أكثر من الأسواق الشعبية، الأمر الذى أثار حالة من الاستياء بين عدد كبير من المواطنين، لعدم قدرتهم على شراء احتياجات أسرهم، فى الوقت الذى أرجع فيه التجار سبب الزيادة الجديدة فى الأسعار إلى قلة المعروض، بالإضافة إلى تحكم تجار الجملة، الذين وصفوهم بـ«مافيا الاحتكار»، فى الكميات المعروضة بالأسواق، فى ظل ضعف الرقابة الحكومية على الأسواق. ففى محافظة الدقهلية، ارتفع كيلو «الطماطم» إلى أكثر من 10 جنيهات، بينما بلغ سعر كيلو «البطاطس» و«الفاصوليا الخضراء» نحو 12 جنيهاً، فيما سجل سعر «البامية» 15 جنيهاً للكيلو، وارتفع سعر كيلو «الفلفل» إلى 8 جنيهات، كما سجلت بعض أصناف الفاكهة ارتفاعاً ملحوظاً، حيث بلغ سعر كيلو «البلح» 7 جنيهات، و«الموز» 10 جنيهات للكيلو، وأعلنت المنافذ التى أنشأتها محافظة الدقهلية فى عدد من شوارع المدن الرئيسية عن البيع بنفس الأسعار، بعد فقدان السيطرة على أسعار السوق، لدرجة أن بعض المنتجات سجلت أسعاراً أعلى من أسعار السوق.
التجار يتهمون «مافيا الاحتكار».. و«فقير»: البيع فى المزارع بأقل من نصف الثمن.. ومواطنون يطالبون بإحكام السيطرة على الأسعار
سماح على، بائعة خضار، قالت إنها تحصل على الخضراوات من «سوق الجملة» بأسعار مرتفعة، مما يضطرها إلى البيع بسعر أعلى، وأشارت إلى أن «قفص الطماطم» وزن 20 كيلو ارتفع سعره إلى أكثر من 160 جنيهاً داخل السوق، وأنها تتحمل مصاريف إضافية فى نقل وفرز وتعبئة السلعة، وأضافت: «مش باكسب فى القفص إلا جنيهات قليلة»، وتابعت بقولها: «نفسنا الأسعار تقل، لأن المواطن اللى بيشترى كيلو دلوقتى، لو الأسعار قليلة هيشترى 5 كيلو، ودا كله حركة ومكسب لينا، ولكن التجار اللى بيتحكموا فى سوق الجملة هما اللى بيحددوا الأسعار».
أما «محمود صابر»، بائع خضار، فقد لفت إلى أن هناك بعض الأصناف انخفضت أسعارها، مثل «الكوسة» و«الباذنجان» و«القلقاس»، حيث لا يتجاوز سعر الكيلو منها 5 جنيهات، وهناك إقبال كبير من المواطنين عليها، ولكن بالنسبة لـ«الطماطم» و«البطاطس»، فأكد أن أسعارها عادةً ترتفع فى هذا التوقيت كل سنة، نظراً لظروف «العروة الزراعية»، التى تؤثر على المعروض منها فى الأسواق، وأضاف أن «بعض التجار يتحكمون فى سوق البطاطس المخزنة فى الثلاجات، ولا توجد سيطرة أو رقابة عليها، ولأول مرة نسمع أن كيلو البطاطس يصل إلى 12 جنيهاً». فى المقابل، قالت «حميدة السيد»، ربة منزل من مركز المنصورة، إنها توجهت لشراء احتياجاتها من منفذ البيع الذى أقامته المحافظة، لكنها فوجئت بارتفاع الأسعار به بصورة كبيرة، فقررت الذهاب إلى سوق قرية «كفر البدماص»، فوجدت نفس الأسعار، وأضافت أنها فضلت شراء السلع اللازمة لها من السوق نظراً لأنه يتميز بتعدد الأصناف المعروضة فيه، بالإضافة إلى وجود أكثر من سعر للصنف الواحد، بفارق جنيه أو اثنين، بحسب نوعية الخضار. وفى أسيوط، سجل سعر «الطماطم» 13 جنيهاً للكيلو، الأمر الذى أثار استياء العديد من المواطنين بسبب ما وصفوه بـ«الغلاء الفاحش»، وطالبوا أجهزة الرقابة التموينية بإحكام سيطرتها على الأسواق، وتطبيق الأسعار الاسترشادية، وعدم ترك المواطنين فريسة لأهواء التجار، وتساءل على عبدالسلام محمد، موظف: «هل يُعقل أن طبق السلطة الواحد يكلفنى أكثر من 20 جنيهاً؟.. هنجيب منين بس؟»، مشيراً إلى أن راتبه لا يتجاوز 2000 جنيه، وقال: «كل يوم الأسعار بتزيد، بينما المرتب محلك سر».
وبدأ «على عمر»، مدرس، حديثه لـ«الوطن» بقوله: «حسبى الله ونعم الوكيل، أسعار الخضار بقت نار، التجار بيتحكموا فينا ولا عزاء للمواطنين الغلابة»، مشيراً إلى أنه تجول فى السوق لأكثر من ساعة حتى يجد صنفاً واحداً من الفاكهة ليدخل به على أبنائه، ولا يؤثر على ميزانية البيت، ولكنه لم يجد سوى «الرمان»، الذى يُباع بسعر 5 جنيهات للكيلو، وطالب بإحكام الرقابة على الأسواق، والتأكد من أن الأسعار المعروضة هى الأسعار الاسترشادية المعلنة، وليست على «هوى التاجر».
وتساءلت «آمال سيد محمود»، ربة منزل، بقولها: «ماذا نفعل وكل شىء أصبح غالياً بشكل غير مبرر، لدرجة أن طبق السلطة وحده يكلف أكثر من 20 جنيهاً»، مشيرةً إلى أن كيلو «الطماطم» ارتفع سعره إلى 13 جنيهاً، وأضافت: «هل هذا معقول؟»، واعتبرت أن دور مفتشى التموين اختفى تماماً فى الأسواق، مما سمح للتجار بفرض الأسعار التى تحقق أكبر مكسب لهم، على حساب المواطنين. وبينما أكد عبدالرحمن مصطفى عبدالرحمن، مدرس، أن «التجار أصابهم الجشع»، وتساءل: «كيف لى أن أعيش ومرتبى لا يكفى لنزول السوق مرتين، وشراء مستلزمات البيت من لحمة وخضار؟»، فقد سعى «طه س»، بائع خضار بشارع «رياض»، إلى تبرير ارتفاع الأسعار، متهماً تجار الجملة بأنهم سبب هذا الارتفاع، ونتيجة لقلة المعروض من الخضراوات والفاكهة، خاصةً «الطماطم»، بالإضافة إلى «وجود قلة من الباعة الذين ليس لديهم ضمير، ويقومون بزيادة الأسعار حسب أهوائهم».
وفى دمياط، أكد رئيس جمعية منتجى الخضر والفاكهة بالمحافظة، حامد أبوشاهين، تلف أكثر من 80% من محصول الطماطم هذا العام لأسباب غير معروفة، أرجعها البعض إلى ارتفاع درجات الحرارة، وتابع فى تصريحات، لـ«الوطن»، قائلاً: «الطماطم نشفت على الشجر»، بعد توقف نموها فى شهر أغسطس الماضى، كما أن «الذبابة البيضاء» التهمت كميات كبيرة من المحصول، مشيراً إلى أنها «المرة الأولى التى تشهد فيها محافظة دمياط مثل هذه الكارثة»، على حد وصفه.
كما شكا عدد كبير من أبناء محافظة سوهاج من عدم قدرتهم على شراء احتياجات أسرهم من الخضر والفاكهة، بسبب ما وصفوه بـ«الارتفاع غير المسبوق» فى الأسعار، وقال «مايكل فرج»، صاحب محل لبيع الخضراوات بمدينة «المنشاه»، إن ارتفاع الأسعار أثر كثيراً على حركة البيع، ودفع العديد من المواطنين إلى العزوف عن الشراء، وأكد أمين عام «الفلاحين» بسوهاج، أحمد فقير، أن ارتفاع أسعار الخضراوات والفاكهة يرجع فى أحد أسبابه إلى ارتفاع أسعار المستلزمات الزراعية، إلا أنه قال إن أصحاب الشوادر وتجار الجملة يحققون مكاسب كبيرة، تصل إلى أكثر من ضعف ثمن المحصول عند شرائه من المزارعين، حيث يحصل التجار على «الطماطم» من المزارعين بسعر يتراوح بين 3 و5 جنيهات للكيلو، بينما يتم بيعه فى الأسواق بأسعار تتراوح بين 10 و13 جنيهاً، وهو الأمر الذى ينطبق أيضاً على كثير من أصناف الخضر والفاكهة.
وأضاف «فقير» أن الحل الوحيد للقضاء على منظومة «الشوادر»، التى ترهق المزارعين والمواطنين، على حد سواء، هو إيجاد شركات متخصصة تشترى المحاصيل من المزارعين، على أن يتم بيعها للمواطنين من خلال منافذ تخضع لرقابة محكمة، وفق أسعار محددة، مع إضافة «هامش ربح بسيط»، مشيراً إلى أنه «بهذه الطريقة يربح المزارع، ويستفيد المواطن»، كما سيتم القضاء على ظاهرة «الباعة الجائلين»، الذين يتسببون فى إعاقة حركة السير بالشوارع.