وزير روسى يتوقع «اتفاقية للتجارة الحرة» بين مصر والاتحاد الأوراسى العام المقبل
زيارة الرئيس «السيسى» إلى روسيا أكدت حرص البلدين على التعاون فى شتى المجالات
توقع وزير التنمية الاقتصادية الروسى مكسيم أرشكين، أمس، أن تسفر المفاوضات مع مصر بشأن تحرير التجارة مع الاتحاد الاقتصادى الأوراسى، الذى يضم روسيا، عن توقيع اتفاقية بهذا الشأن خلال عام 2019. وقال: «المباحثات مع الجانب المصرى بشأن التجارة الحرة من المفترض أن تبدأ قبل نهاية العام الحالى، ونسعى لبلوغ نتيجة إيجابية فى هذا الإطار خلال العام المقبل». ورداً على سؤال فيما إذا كانت اتفاقية التجارة الحرة مع مصر ستدخل حيز التنفيذ فى 2020، علق «أرشكين» قائلاً: «دعونا لا نستبق الأحداث، نسعى لتوقيع الاتفاقية العام المقبل». وعن آفاق التعاون مع القاهرة، وصف الوزير الروسى مصر بـ«البوابة لدخول الأسواق الأفريقية»، معتبراً أن مصر سوق واعدة، متوقعاً أن يتطور الاقتصاد المصرى بشكل ديناميكى فى الأعوام المقبلة، موضحاً أن روسيا مهتمة بتوقيع اتفاقية للتجارة الحرة مع مصر نظراً لوجود مشروع لبناء منطقة صناعية روسية فى منطقة السويس، حيث تطمح الشركات الروسية فى الاستفادة من اتفاقية التجارة الحرة من خلال تطبيق رسوم جمركية مخفضة عند دخول مستلزمات هذه المنطقة، بما فى ذلك الآلات، إلى مصر.
مشغل سياحى روسى: عودة رحلات الشارتر إلى مصر ستؤثر على تركيا.. و«الاستعلامات»: زيارة «السيسى» لروسيا تتويج لتطورات إيجابية هائلة فى مسيرة العلاقات منذ 2014
فى سياق متصل، رجح المدير التنفيذى لشركة السياحة الروسية «إينتوريست» سيرجى تولشين، أمس، أن افتتاح رحلات الطيران العارض مع مصر «الشارتر»، قبل حلول العام الجديد، سيؤدى إلى انخفاض الطلب على الاتجاه التركى لموسم الصيف 2019 فى أبريل ومايو. وقال، لوكالة «سبوتينيك» الروسية: «فى الأشهر الأولى بعد افتتاح مصر، سينخفض تدفق السياح إلى وجهات شاطئية أخرى، أولاً وقبل كل شىء إلى الإمارات المنخفضة التكلفة والهند وفيتنام وتايلاند»، مضيفاً: «موقفنا من هذا إيجابى، والمنافسة تسهم فى انخفاض الأسعار، ونتيجة لذلك، بالطبع سوف يستفيد السياح».
فى الوقت ذاته، نقلت وكالة أنباء «نوفوستى» الروسية عن مصدر فى مجال الطيران المصرى، قوله إن «المطارات المصرية مجهزة بالكامل بالتكنولوجيا الحديثة وتفى بجميع معايير السلامة الدولية»، موضحاً أنه تم تنفيذ مشروع تحديث واسع النطاق فى جميع المطارات، وشمل تدريب الموظفين الجدد وتوفير أحدث التقنيات لمراقبة الركاب وتفتيش الأمتعة، وتم تغيير نظام المراقبة بالفيديو داخل المطارات، وزاد زمن تسجيل كاميرات الفيديو من 7 أيام إلى 30 يوماً. وأشار المصدر إلى أنه تم التحقق من أمن مطارات شرم الشيخ والغردقة مراراً من قبَل الخبراء الروس والوفود الأوروبية، وجرى التركيز على جميع التعليقات التى قالها الخبراء الأجانب، ووافقت الوفود على التدابير الأمنية المطبقة فى هذه المطارات، مشيراً إلى أن جميع المطارات المصرية جاهزة لاستقبال السياح الروس، وليس فقط مطارا شرم الشيخ والغردقة.
فى سياق منفصل، أعلنت «الخدمة الفيدرالية الروسية» للتعاون العسكرى والتقنى، أمس الأول، أنه فى المستقبل القريب سيتم التوصل إلى اتفاق بشأن إعادة تأهيل حاملتَى الهليكوبتر المصرية من طراز «ميسترال». وأوضح رئيس الخدمة الروسية، دميترى شوجاييف، أنه يتم التفاوض لإمداد حاملتَى الطائرات المروحية «Ka-52»، وأحدث معدات الاتصالات، مضيفاً: «نحن نتفاوض، وهذا موضوع جاد، فهو فى المرحلة النشطة».
وقالت هيئة الاستعلامات إن «زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى الأخيرة لروسيا تختلف فى وقائعها ودلالاتها ونتائجها عن الزيارات السابقة للرئيس السيسى على مدى الأعوام الأربعة الماضية، وذلك لسبب جوهرى، هو أنها كانت بمثابة حصاد لمجمل ما حققته هذه الزيارات، وتتويج لتطورات إيجابية هائلة وخطوات كبيرة تحققت فى مسيرة العلاقات المصرية - الروسية منذ عام 2014، كما أنها تعبير عما طرأ من تطورات إيجابية ملموسة على مكانة مصر الإقليمية والدولية، ومدى الثقة فيها وفى دورها وأهميتها وقيادتها، نتيجة ما حققته من استقرار سياسى وأمنى، ومن تطوُّر وإصلاح وانطلاق اقتصادى، ومن دور إيجابى يتعاظم تأثيره وتتأكد حكمته فى مختلف القضايا على المستويات الإقليمية والدولية».
ورصدت الهيئة، فى تقرير لها، أمس «عدداً من البوادر الإيجابية الودية من الجانب الروسى التى عبّرت عن مدى الترحيب والتقدير الذى تحمله روسيا لمصر ولزعيمها، بدأت هذه اللمحات قبل أسبوع من الزيارة عندما استبق الرئيس الروسى فلاديمير بوتين الزيارة بالحديث عن حرصه على إهداء الرئيس السيسى بعضاً مما يفخر به من إنتاج روسيا الزراعى، خاصة التفاح الروسى فى مناسبة زيارة بوتين لأحد المشروعات المتطورة فى هذا المجال».
وأضاف تقرير «الاستعلامات»: «ثم كانت الدعوة الروسية للرئيس السيسى لإلقاء كلمة أمام مجلس الفيدرالية الروسى، وهو الغرفة الأعلى للبرلمان هناك، كأول رئيس لدولة أجنبية يمنح هذه الفرصة. ثم تعددت أشكال الود والضيافة رفيعة المستوى من الرئيس بوتين للرئيس السيسى فى مدينة سوتشى، سواء فى الجولة المشتركة فى الطرقات وعلى كورنيش المدينة، أو فى حلبة سباق السيارات، أو اصطحاب الرئيس الروسى للرئيس السيسى فى سيارته التى قادها بنفسه وعبَّر عن سعادته بشرح مزاياها كمنتج روسى لضيفه الكبير، كما كان الاهتمام السياسى والإعلامى الروسى فى أعلى درجاته طوال أيام الزيارة».
وأشار التقرير إلى أنه «فى المقابل، أعرب الرئيس السيسى عن سعادته البالغة بلقائه بالرئيس الروسى فلاديمير بوتين بمنتجع سوتشى، وقالت الصفحة الرسمية للرئيس السيسى عبر مواقع التواصل الاجتماعى: سعادتى بالغة بلقاء صديقى الزعيم الروسى فلاديمير بوتين بمنتجع سوتشى الرائع، وتناقشنا فى عدة موضوعات مهمة وتبادلنا الرؤى حول أبرز الملفات الدولية والإقليمية. كما أعرب الرئيس السيسى، خلال القمة، عن شكره العميق لنظيره الروسى بوتين على حفاوة الاستقبال، مؤكداً أن المباحثات تعكس روح التعاون والتنسيق بين البلدين، والممتدة إلى نحو 75 عاماً».
وأكدت الهيئة، فى تقريرها، أن «الزيارة نقلة استراتيجية فى العلاقات بين البلدين على الصعيد السياسى والاستراتيجى، حيث سجلت تطوراً هائلاً تمثَّل فى خطوات عديدة فى مقدمتها التوقيع على اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة والتعاون الاستراتيجى بين مصر وروسيا والتى ستنقل علاقات البلدين الثنائية نقلة كبيرة خلال الفترة المقبلة، وهو مستوى متميز من العلاقات بين الدول يعكس عمق التفاهم المشترك والرغبة المتبادلة فى تعزيز هذه العلاقات إلى آفاق بعيدة».
من جانبه، أكد الرئيس السيسى «قوة العلاقات التاريخية الوثيقة التى تربط بين مصر وروسيا، معرباً عن بالغ سعادته، بالزخم الكبير الذى اكتسبته العلاقات المصرية - الروسية، على مدار الأعوام الأربعة الماضية، والإنجازات التى تحققت فى مختلف المجالات».
وفى كلمته أمام المجلس الفيدرالى الروسى، أكد الرئيس السيسى أن «العلاقات الوطيدة بين مصر وروسيا، التى نحتفل هذا العام بمرور 75 عاماً على تأسيسها، دائماً ما تميزت بالعمق والخصوصية، وهو ما تجلَّى فى وقت الأزمات والشدائد، فقد كانت روسيا دائماً، شعباً وحكومةً، أول مَن قدَّم يد العون لمصر لاستعادة الأرض المحتلة، كما أن مصر لن تنسى مساهمة روسيا فى معركتها للبناء والتعمير، حينما ساعدتها على بناء السد العالى، وغيره من المشروعات الكبرى، خلال حقبة مهمة من تاريخها الحديث».
وأشار الرئيس السيسى إلى أن «هذه المواقف التاريخية الداعمة، ستظل دائماً عالقة فى أذهان المصريين، وأن هذا الإرث القيم من التعاون المشترك، سيظل محل تقدير بالغ من الشعب المصرى»، مشدداً خلال الكلمة على «أن الزخم الذى تشهده مختلف مجالات التعاون بين مصر وروسيا، على مدار السنوات الخمس الأخيرة، لهو خير دليل، على ما تنطوى عليه علاقات مصر وروسيا من عمق ورسوخ، وهو الأمر الذى انعكس فى مستوى التنسيق والتشاور المستمر، بين المسئولين فى البلدين، وفى إطلاق الحوار الاستراتيجى بينهما».
كما أشاد الرئيس السيسى، وفق التقرير، بمستوى التعاون بين مصر والاتحاد الأوراسى «فى ضوء قرب انعقاد الجولة الأولى للمفاوضات بين الجانبين للتوصل إلى اتفاق تجارة حرة، بما يُسهم فى زيادة ومضاعفة معدلات التبادل التجارى وتنمية الاستثمارات المشتركة، وبما يحقق المصلحة المشتركة للجانبين، خاصة فى ضوء تطوير البنية التحتية فى مصر، لا سيما فى مجالات الغاز والكهرباء والطاقة والموانئ وشبكة الطرق الحديثة.
وعلى المستوى الاقتصادى، قال تقرير هيئة الاستعلامات إن «الجانب الاقتصادى كان من بين أبرز جوانب زيارة الرئيس السيسى لروسيا، حيث أكد البيان الرسمى أن مباحثات الرئيسين تناولت أهم ملفات العلاقات الثنائية ودفعها فى إطار العلاقات الاستراتيجية المتميزة بين مصر وروسيا، وتوسيع التعاون المشترك فى مجالات الاقتصاد والتبادل التجارى والاستثمار والقطاع السياحى وتوطين الصناعة».
وأشار «السيسى»، خلال المؤتمر الصحفى المشترك مع «بوتين»، إلى «مشروع التعاون الضخم بين البلدين، المتمثل فى اتفاقية إنشاء المحطة النووية فى الضبعة، وهو المشروع الذى يعد دون شك، عنواناً لنقلة نوعية فى مستوى التعاون بين البلدين، بالإضافة إلى مشروع المنطقة الصناعية الروسية فى شرق بورسعيد، الذى ينقل التعاون الاقتصادى بين البلدين، من مرحلة التبادل التجارى إلى مرحلة التعاون فى التصنيع، والذى أثق أنه سيفضى إلى طفرة حقيقية، فى حجم ونوعية الاستثمارات الروسية المباشرة فى مصر».
من جانبه، قال «بوتين»، خلال المؤتمر، إن الجانبين ناقشا بالتفصيل التعاون فى مجال الطاقة، وخاصة مشروع بناء محطة الضبعة النووية بمصر، التى تبنيها شركة «روس آتوم» الروسية، مشيراً إلى أن اللقاء بحث فرص التعاون العسكرى.
وعن المنطقة الصناعية الروسية فى قناة السويس، قال «بوتين» إنه فى إطار المشروع سيتم ضخ استثمارات بقيمة 7 مليارات دولار، وستؤمّن المنطقة قرابة 35 ألف فرصة عمل جديدة. وعلى صعيد التجارة بين البلدين، قال «بوتين» إن التبادل التجارى شهد زخماً بين البلدين خلال الفترة الماضية، فقد ارتفع خلال العام الماضى بأكثر من 60%، وخلال الأشهر الستة الأولى من العام الجارى بنسبة 28%.
وكشف الرئيس السيسى، فى المؤتمر الصحفى، عن اتفاقه مع الرئيس «بوتين» على إعلان عام 2020 عاماً ثقافياً بين مصر وروسيا، قائلاً: «نأمل أن يشهد هذا العام العديد من المناسبات الاحتفالية التى تعكس التواصل الثقافى والحضارى والفنى بين البلدين والشعبين الصديقين».