رمضان.. "فواعلي" بعملية "قلب مفتوح": "علشان عيالي ياكلوا"
رمضان فواعلي بـ"قلب مفتوح"
"يا مهون هونها الشيلة.. يا معدل عدلي الميلة وهيلا هيلا" يغنيها "الفواعلية" لتهوين العمل الشاق في رفع مواد البناء من أسمنت وزلط ورمل، منذ مطلع الفجر وحتى انتهاء العمل الذي يمتهنه الكثيرون بحثًا عن لقمة العيش، ويتحملونه بصعوبةٍ بالغة حتى بأجسادهم القوية الفتية، إلا أن صعوبة ومشقة العمل في "الفاعل" تتضاعف عشرات المرات على ذلك العامل، الذي يمتهنه على الرغم من أنه يحيا بعملية قلب مفتوح.
يحمل رمضان إبراهيم طلبة، معه دومًا ذلك الدفتر الأخضر، الذي يصرف من خلاله الأدوية التي يتناولها بلا انقطاع من معهد القلب القومي، والذي أجرى فيه عملية تركيب صمامين في عام 2010، على يد أحد جراحي المعهد "كان عندي لوز وأنا في ابتدائي، والمفروض آخد حقنة كل شهر بس طنشتها"، ليتطور الأمر لحمى روماتيزمية أدت لارتجاع في صمامين في القلب.
في قريته الصغيرة المجهولة "عتامنة المزارعة" في أعماق ريف محافظة الفيوم، نشأ الشاب الثلاثيني، فتيًا قويًا يدخل سباقات سرعةٍ في مدرسته ويكسبها جميعًا "صحتي كانت حلوة ومكنتش بخسر أي سباق.. كنت بقول لنفسي هيجيلي العيا منين" حتى أنه عمل "فواعلي" في عمر الـ 15 عاما.
حصول رمضان على دبلوم تجارة عام 1997 كان كفيلًا بتعيينه في أحد الشركات الحكومية في محافظة الفيوم، إلا أنه رفض تلك الوظيفة ولم يتسلمها "مرتبها كان أقل من المواصلات عشان بلدنا بعيدة" ليواصل العمل في "الفاعل" والذي رآه مجزيًا له.
دوام الحال من المحال، فالصحة التي كان يتمتع بها الشاب انهارت فجأة حين سقط مغشيًا عليه، ليكتشف إصابة الصمامين وضرورة إجراء العملية التي كان لزامًا عليه بعدها أن يترك العمل الشاق الذي يمتهنه "قعدت سنة مشتغلش.. بس رجعت للفاعل بعد ما سيبت بيت العيلة ومبقيتش عارف أصرف على بيتي وعيالي".
لم تكن العودة للعمل في "الفاعل" هينةٌ وسهلةٌ على رمضان، فلم يعد يستطع العمل أكثر من نصف الشهر على أقصى تقدير، والتخلص من آلام الظهر والصدر والقدمين في النصف الآخر "بقيت بحس إني باخد نفسي بالعافية وعضم صدري بيضيق كل ما اشتغل.. بس هعمل إيه".
يأتي من قريته في أعماق الريف، ويسكن في أحد أزقة محافظة الجيزة ليمارس عمله اليومي منذ مطلع الفجر وحتى منتصف النهار، ويستلم "اليومية" التي لا تتخطى 120 جنيهًا، ينفق منها يوميًا 40 جنيهًا، ويرسل ما تبقى لزوجته وأبنائه الأربعة، والذي بالكاد يكفيهم لمواصلة الحياة "التوكتوك اللي بيوصل العيال للمدرسة بياخد لوحده 120 جنيه في الشهر"، حيث يدرس اثنان من أبنائه في المراحل الأساسية للتعليم.
"كنت باخد إعانة من الشؤون الاجتماعية 250 جنيه في الشهر ووقفت بدون سبب" لتزداد صعوبة الحياة على رمضان، الذي لا يملك أرضًا زراعية في قريته الريفية، كما أنه لا يستطيع أن يكون له "مشروع تجاري"، لعدم امتلاكه رأس مال يكفيه، والشركات الخاصة لا تقبل به لظروفه المرضية "نفسي أرتاح، إعانة شهرية أو كشك حتى من الحكومة آكل منه عيش".