حفظة الأسرار: تُدفن مع الكاهن والاعتراف يجب أن يكون علنياً ومباشراً
سامح فوزى
بعين يكسوها الحزن والندم على ارتكاب الخطايا، يتجه المسيحى إلى الكاهن، الذى يطلق عليه «أب الاعتراف»، كى يقر له بخطاياه ويعلن ندمه وتوبته، فيضع الكاهن يده الممسكة بالصليب على رأس المعترف، ويقرأ له التحليل الخاص، حيث يطلب من الله أن يغفر له خطاياه التى فعلها ويزينه بالفضائل والبعد عن العودة للخطية، فيتم محو كل الخطايا عند الله، ويخرج الشخص من عند الكاهن تعلو الابتسامة وجهه وتشرق عينه بعدما كانت ذبلت من كثرة الخطايا.
يُعد سر الاعتراف أحد أسرار الكنيسة السبعة، وينال به المسيحى غفران خطاياه، ولا يتم الغفران إلا بواسطة أب كاهن بسبب ارتباط الغفران بالذبيحة المقدسة التى لا يستطيع أحد وضع يده عليها إلا الكاهن فقط، ولذلك يعترف الإنسان للكاهن، لكى يضع خطاياه على الذبيحة، بالإضافة إلى أن المفروض أن يكون الكاهن إنساناً على علم، وبالتالى يستطيع إعطاء الحلول والإرشادات الروحية المناسبة لكل فرد.
يقول القس إبرام إيميل، وكيل البطريركية بالإسكندرية، إن سر الاعتراف يقوم على أساس الرغبة فى التوبة، مشيراً إلى أن هذا السر موجود فى الكنيسة الأرثوذكسية والكاثوليكية، ورغم بعض الاختلافات فى طريقة الممارسة، إلا أنه فى المجمل روح الاعتراف واحدة.
وأضاف «الأسرار تدفن مع الكاهن، ولا يمكن فى أى حال من الأحوال أن يخرجها أو يطلع أحد عليها، حتى لو كان الشخص ارتكب جريمة وأقر بها لأب اعترافه، فلا يستطيع ذلك الأب أن يشهد بذلك الاعتراف فى المحكمة.
وأكد أن الحالة الوحيدة التى يمكن لأب الاعتراف أن يبلغ بها أحداً فى حالة معرفته أن الشخص يعتزم على أذى نفسه بالانتحار، فيحاول حمايته بتوجيه أهله، لكن أى خطية حدثت وانتهت لا يبلغ بها أحداً.
وأشار إلى أنه يجب أن يكون أب الاعتراف ثابتاً طوال الحياة، حتى يكون على علم بظروف حياته الكاملة ومدى طاقته واستيعابه للإرشادات والتدريبات الروحية، من أجل خلاص نفسه، منوهاً بأنه يجب على الإنسان المسيحى الاعتراف على الأقل شهرياً، حتى يستطيع تقويم حياته الروحية.
وعن جانب المعترفين، تقول انتصار خليل، 44 سنة، إنها فى الاعتراف تشعر بجلوسها أمام طبيب نفسى من نوع خاص جداً، يعرفها جيدا ويعرف أعماق نفسها ودواخلها.
وأشارت «خليل»، لـ«الوطن»، إلى اعتقادها بأنه مهما كانت أخطاؤها فهو يعلم بها قبل أن تتفوه بها وتسردها فى حضرة الأب الكاهن، لكنها فى احتياج لكشفها أمامه بنفسها وبكل صراحة، حتى تتخلص من تأنيبها لضميرها كل حين.
وأوضحت أنه عندما تطرح أخطاءها بكل وضوح حتى لا تؤرقها بعد ذلك ثانية، فهى فى لحظة اعترافها تمحى فوراً من حياتها، ومن قلبها ومن أعماقها، فهى جالسة فى حضرة الله وليس الكاهن الإنسان.
ويقول سامح فوزى، 43 سنة، قبطى مهاجر بالولايات المتحدة الأمريكية، إنه فى الوقت الحاضر يرى أن العديد من الكهنة يحكمون على المعترف، ويأخذون موقفاً تجاهه، وهذا جعله يندم على إخبارهم عن قضايا محددة.
وأضاف «فوزى» لـ«الوطن»، بعض الكهنة للأسف لا يدركون أن المعترف يعترف للمسيح، وليس لهم كإنسان تحت الضعف مثلهم، مؤكداً أن سر الاعتراف مهم للغاية ويريح النفس من جميع الأتعاب والضيق، لكن بشرط إيجاد الكاهن الصحيح، وهو الأمر الذى يصفه بالصعب.
بينما يقول فيلوباتير عادل، 32 سنة، إنه يؤمن بالاعتراف مباشرة دون الاحتياج إلى وسيط، مضيفاً أنه لم يرَ آية فى الكتاب المقدس تطالب الإنسان المسيحى بالاعتراف أمام كاهن.
وأوضح أنه فى كل الدراسات التاريخية عن سر الاعتراف لا يوجد اعتراف لكاهن، مشيراً إلى أنه فى الكنيسة المسيحية الأولى كان الاعتراف علنياً وليس لفرد.
انتصار خليل
القس إبراهيم إيميل