داوود عبدالسيد: أريد أن يتذكر الجمهور أفلامى و«مش مهم يفتكرنى».. و«السينما التجارية» حولت المخرج إلى «سائق تاكسى»
داوود عبدالسيد أثناء حواره لـ«الوطن»
لم يكن يوماً عادياً فى حياة الشاب الصغير الذى لا يزيد عمره على 15 عاماً، فهو اليوم الذى ستتغير فيه حياته للأبد، زيارة لم تكن مخططة برفقة ابن خالته العاشقة للفن إلى استديو جلال، دخل إلى العالم الذى يصنع فيه السحر، ويستند إلى أحد حوائط الديكور المدهون حديثاً، الذى لم يترك أثره علامة على ملابسه فقط، بل سيطبع أثراً عميقاً على روحه، وتكون بمثابة البوصلة التى تقوده لمصيره، ويعيش حياته منذ ذلك الوقت بقلب المخرج الفيلسوف المبدع العبقرى.
لا يعتبر داوود عبدالسيد مخرجاً يروى قصصاً وحكايات فى عالم يمتزج فيه السحر والخيال بالواقع، أو يقدم أعمالاً عميقة تحتمل قراءات مختلفة وجديرة بالمشاهدة أكثر من مرة، أو ساهم فى صنع جزء هام من تاريخ السينما المصرية بالرغم من أعماله المحدودة من ناحية الكم لا تتجاوز الـ9 أفلام، ولكنه صنع عالماً خاصاً استثنائياً وشديد الخصوصية يعيد تقديم الحياة من خلالها، وأسس لسينما المؤلف ودعم وجودها بإخلاص كنوعية هامة من السينما فى مواجهة تجارب تجارية بحتة، وخلال الحوار نتطرق إلى أعمال المخرج داوود عبدالسيد، وتجاربه الأولى، ورؤيته للمجتمع واحتكاكه بالرقابة.
نعيش مهزلة حقيقية.. ولو أردت مشاهدة أحد أفلامى على DVD لن أستطيع.. وأطالب بأرشيف لحفظ التراث السينمائى وترميمه
تقديم فيلم يجمع بين الجودة الفنية والقبول الجماهيرى معادلة صعبة، كيف استطعت تحقيقها فى أول أعمالك «الصعاليك»؟
- حاولت تحقيق تلك المعادلة فى كل أفلامى، وكانت ضمن أولوياتى فى أعمالى السينمائية، فكنت أرغب فى أن تكون أفلامى قابلة للمشاهدة أكثر من مرة، ليس بمعنى أن يكون صالحاً للمشاهدة بمرور السنوات واختلاف الفترات الزمنية فقط، فهناك أفلام تُشاهد مرة واحدة ولا يشعر من يشاهدها برغبة فى مشاهدتها مرة أخرى، وهناك أفلام تكون أشبه بقطعة موسيقية جميلة نرغب فى الاحتفاظ بها وتكرار سماعها كثيراً.
كيف ترى أعمالك الأولى عندما تشاهدها الآن؟
- بالطبع تكون لدىّ ملاحظات، أنا لست نرجسياً.. لا يحدث أن أقرر مشاهدة فيلم من أعمالى مرة أخرى، قد يحدث ذلك بالمصادفة عندما أجد فيلماً يعرض فى التليفزيون وأقرر أن أشاهد جزءاً منه أو أكمل مشاهدته للنهاية، لا أحب مشاهدة أعمالى لأنى أرى عيوبى من وجهة نظرى الآن، قد تكون تلك العيوب كانت مميزات فى وقتها، ولا يعنى ذلك أيضاً أنى لا أقدر أفلامى، قد يعيد الجمهور مشاهدة أعمالى ولكن أنا لا أفعل ذلك، خصوصاً أننى شاهدتها عشرات المرات أثناء عملى عليها.
مخرج شاب يخوض تجربته الأولى فى فيلم من تأليفه وإخراجه وإنتاجه بمشاركة مجموعة من الأصدقاء، هل واجهت صعوبة فى إقناع نور الشريف الذى كان نجم شباك وقتها ببطولة «الصعاليك»؟
- لم أواجه أى صعوبة، نور الشريف رحمة الله عليه كان ممثلاً شديد الانفتاح، وكان مهتماً بتقديم تجارب جديدة ليس فقط بالنسبة لـ«الصعاليك» و«البحث عن سيد مرزوق»، ولكن بالنسبة لأعمال أخرى كثيرة ليست من إخراجى، وأثناء عملى على الفيلم لم أجد صعوبة فى قبول محمود عبدالعزيز للدور، حيث كان نجماً ناجحاً فى ذلك الوقت، فالأمر كان فى منتهى البساطة والسهولة.
قال الفنان نور الشريف من قبل إن فيلم «البحث عن سيد مرزوق» ظُلم سينمائياً، هل تتفق مع هذا الرأى؟
- من المؤكد أن الفيلم ظُلم، ولكنى لا أبحث عن أعذار لنفسى، فأقول إننى قد أكون ارتكبت أخطاء، وقد أكون أنا المسئول عن ذلك، فظلمه يعنى أنه لم يشاهده عدد كبير من الجمهور، أحياناً يعاد اكتشاف أفلام عند إعادة عرضها على شاشات التليفزيون، ولكن المشكلة الآن أنه ليس لدينا تليفزيون، فالقنوات المصرية لا تهتم بذلك، والقنوات العربية تختار أفلاماً تجارية، وهنا لا أتحدث عن فيلمى فقط، فهناك أفلام كثيرة يجب وضعها تحت دائرة الضوء مرة أخرى، وهذا يحتاج رؤية القائمين على تلك القنوات.
«البحث عن سيد مرزوق» يحمل العديد من التأويلات والقراءات، فهناك من يراه الإله أو الشيطان أو السلطة العليا المتحكمة، هل كان ذلك مقصوداً أثناء الكتابة؟
- الأفلام تروى على عدة مستويات، القصة هى المستوى الأول وبعد ذلك قد تكون هناك أبعاد أخرى، المهم بالنسبة لى أن يتم استيعاب العمل على المستوى الأول وهو الحكاية، أحياناً تكون هناك إشارات وأفكار أعمق يأتى بها من يريد من خلال المشاهدة، ولكنى أيضاً لا أقدم كتاباً تعليمياً يجب أن أفسر ما وراء الفيلم، والاختلافات تعود إلى قراءة كل مشاهد، فهناك من يرى أن الفيلم يتحدث عن سلطة المال، فليس هناك صواب أو خطأ، الفكرة هى وجود أسانيد داخل العمل تبرر وجهة نظر المشاهد الذى افترضها.
لم يكن «الصعاليك» هو السيناريو الذى كنت ترغب فى أن يكون أول أعمالك السينمائية، بل كان سيناريو بعنوان «كفاح رجال الأعمال»، ما سبب تعذر تقديمه؟
- طوال الوقت هناك مشروعات تتعثر فلا يكون أمام صانعها إلا أن يبحث عن مشروع آخر للتنفيذ، بالنسبة لـ«كفاح رجال الأعمال» كنت أرغب بالفعل أن يكون فيلمى الروائى الطويل الأول، والفيلم بالفعل كان له منتج وتم ترشيح نجم لبطولته، ولكن كانت هناك مشكلة لا أعرف أبعادها تحديداً، هل كان النجم متردداً فيما يتعلق ببطولة الفيلم، أو هناك شىء ما بين المنتج والنجم، لا أعلم، طوال الوقت كان هناك سلسلة من التأجيلات المستمرة حتى فاض الكيل، ووقتها قيل لى إن ذلك بسبب انشغال النجم، فطلبت منه استبداله بممثل آخر، وعندما أصر على النجم، قررت الانسحاب نهائياً، وبعد «الصعاليك» وجدت إنتاجاً لـ«البحث عن سيد مرزوق»، وسقط «كفاح رجال الأعمال».
«سارق الفرح» تنبأ بمخاطر الكبت الجنسى فى مجتمعنا.. وأتعجب ممن يصنفون الجنس ضمن «التابوهات» المحرمة رغم أنه أصل الوجود
أنت ابن حى مصر الجديدة الذى شكل خلفيتك الثقافية والاجتماعية، ولكنك دخلت إلى عوالم المهمشين وعبرت عنهم بسلاسة ووضوح، كيف استطعت فعل ذلك؟
- أنا جزء من المجتمع، وطوال الوقت أتفاعل مع أفراده، لست منعزلاً فى طبقة بعينها، خصوصاً فى مرحلة عمرية متقدمة يكون الاحتكاك بالحياة على نطاق أوسع، فالكاتب يستخدم خبرته الحياتية كأداة لخوض مناطق مختلفة وفهمها، والخيال له جزء آخر فى تلك المعادلة، بالإضافة إلى جمع المعلومات، فأحياناً يتطلب إجراء بحث وهو أمر موجود فى السينما الأمريكية يقوم به الكاتب أو أحد مساعديه ليستطيع الكتابة فى موضوع معين.
وهل اعتمدت على الخيال فى فيلم «أرض الخوف»؟
- عندما بدأت كتابة سيناريو «أرض الخوف»، سألت نفسى ما الذى أعرفه عن تجارة المخدرات؟ واكتشفت أن معلوماتى عن تلك التجارة هى التى عرفتها من المسلسل الإذاعى «سمارة» الذى كنت أستمع إليه فى طفولتى، لتكون المحصلة فى النهاية لا شىء، لأن ما أعرفه لن يساعدنى فى كتابة السيناريو، وبالتالى لم يكن أمامى سوى استخدام خيالى، فلم أكن فى حاجة إلى معايشة تجار مخدرات حتى أستطيع بناء شخصية درامية مثل «هدهد»، (الشخصية التى جسدها الفنان عبدالله غيث ضمن أحداث الفيلم)، تاجر المخدرات المتدين، هذا التصور قائم على معرفتى بنوع معين من البشر قد نصادفهم فى أى مجال، وهنا يأتى المزج بين ما أعرفه والخيال، بالطبع استعنت برجال شرطة لمعرفة معلومات محددة حول أسعار الحشيش والهيروين.
فاتن حمامة رفضت سيناريو «دستور يا سيدة» لـ«يوسف إدريس» رغم أنه أكثر أهمية من فيلم «أرض الأحلام»
قدمت عملين مأخوذين عن أصل روائى هما «الكيت كات» عن «مالك الحزين» لإبراهيم أصلان، و«سارق الفرح» عن قصة قصيرة لخيرى شلبى، ما الذى يحكم اختياراتك للروايات التى تحولها إلى أفلام؟
- القراءة بالنسبة لى استماع، أذكر عندما انتهيت من قراءة آخر صفحة فى رواية «مالك الحزين»، عدت إلى الصفحة الأولى مجدداً، فالعالم الذى تدور فيه أحداث الرواية كان جذاباً بالنسبة لى، وحين انتهيت من قراءتها للمرة الثانية وجدت أمامى معالجة لفيلم، ومن هنا كانت بداية مشروع «الكيت كات».
ولكنك أضفت مجموعة كبيرة من التعديلات فى الأحداث والشخصيات، لا سيما أن هناك مناطق أخرى تحذف عند عملية التحويل من الأدب إلى السينما؟
- لا يوجد ما يسمى بتقديم الرواية كما هى، تقديم الرواية بحذافيرها أسطورة قد تحدث فى بعض الأعمال، عادة العمل الذى يؤخذ كما هو ليتحول إلى فيلم يكون غير جيد روائياً، فلا بد من وجود تغييرات كثيرة، «الكيت كات» مختلف تماماً عن بناء رواية «مالك الحزين»، والعلاقات بين الشخصيات مختلفة، وبالنسبة لـ«سارق الفرح» لم يكن بها هذا الكم من الأحداث الموجودة فى الفيلم، حيث كانت تنتهى القصة بقيام (عوض) بسرقة أحذية وملابس شقيقه الذى يعمل طبالاً، ولكنى أضفت مجموعة من الأحداث فضلاً عن الشخصيات التى لم تكن موجودة من الأساس.
بالنسبة لـ«الكيت كات»، محمود عبدالعزيز فى ذلك الوقت كان نجماً يتم تصنيفه كـ«جان»، كيف رأيته فى دور «الشيخ حسنى»؟
- عندما تعاونت معه فى المرة الأولى فى فيلم «الصعاليك» لمحت فيه موهبة ممثل كبير، ومعرفتى بإمكانياته التمثيلية خاصة تلك المنطقة الكوميدية الظريفة لديه فى الأداء، بالإضافة إلى معرفتى بشخصيته الحقيقية، فكان بالنسبة لى الجزء الصحيح الذى ملأ الفراغ، أتذكر أنى أحضرت له شيخاً كفيفاً ليكون قريباً من الشخصية، عندما شاهدته فى عزاء ذهبت إليه، وهو الشيخ نفسه الذى كان يقرأ القرآن فى العزاء بآخر الفيلم فى جنازة «عم مجاهد»، وأعتقد أنه قام ببحث أكبر من ذلك، فمحمود عبدالعزيز كان نجماً كبيراً ويعرف كيف يكون الشخصية، وهو ما ظهر فى الشكل النهائى لها فى الفيلم.
خلال فيلم «سارق الفرح» أشرت إلى تحول الكبت الجنسى إلى العنف، وهو لم يكن واضحاً فى ذلك الوقت بقدر الفترة الحالية، هل تنبأت بذلك أم المؤشرات كانت واضحة؟
- الأمر كان قراءة للواقع والبشر ومشاعرهم الإنسانية، فمن المنطقى أن يقود الكبت الجنسى إلى العنف، ويتطور حتى يصبح سبباً رئيسياً للتحرش، وأى شخص لديه قدر من الشعور بسلوك البشر كان يستطيع توقع ذلك وقتها، ولكن الوضع الآن «زى الزفت»، حقيقة الأمر نحن لدينا علاقات كثيرة ومتعددة بين الجنسين فى مختلف الطبقات فى الجامعات، الأقاليم والمناطق الشعبية، ورغم ذلك هناك كبت جنسى، يجب أن يرتبط الشباب والبنات فى أى نوع من العلاقات سواء الحرة أو الزواج، هناك ظروف اقتصادية سيئة نحاول تجاوزها ولكن لا أفهم العقبات الاجتماعية الموضوعة أمام الشباب فيما يتعلق بالطلبات المبالغ فيها فى الزواج، المجتمع يجيد تعقيد الأمور لأقصى درجة ويرفض دخول البنات فى علاقات جنسية بينما يسمح للأولاد، وفى نفس الوقت يضع شروطاً ضخمة للزواج فى ظل ظروف اقتصادية لا تسمح للبعض بعيش يومهم وليس للزواج الذى أصبح رفاهية.
الجنس من التابوهات المحرمة إلا أنه حاضر دائماً فى أعمالك، كيف تفسر الخوف المستمر منه؟
- لا أفهم فكرة أن الجنس تابوه وأعتبرها فكرة مضحكة، وإذا كان المجتمع يرى ذلك، فعليهم أن يراجعوا الله فى غريزة الجنس المخلوقة داخل الإنسان، الجنس ممارسة طبيعية كالطعام والشراب، الجنس هو الأصل فى الحياة، والتخويف الدائم منه يأتى بداعى الرغبة فى السيطرة على المجتمع، عندما تريد السيطرة على شىء ما يجب قمعه، ويتم ذلك بطرق مختلفة، الدين عندما يضع نواهى تكون بشكل أخلاقى بهدف تنظيم الحياة، وبالتالى يتم استخدام الدين فى ذلك، وهى شبيهة بالعلاقة التى جمعت المخبر والحرامى فى فيلم «مواطن ومخبر وحرامى»، وهو ما يقوم به السلفيون، وعندما يتم قمع الجنس من الطبيعى ألا يفكر الإنسان إلا فيه.
لديك تجربة سردية مميزة، ومع اختلاف نماذج البناء الدرامى لكل عمل احتفظت بلمستك المميزة، هل العمل هو الذى يتحكم فى شكل البناء ويفرض قالباً دون غيره؟
- هناك حالة من التطور المستمر فى مستوى الكتابة، ففى المقارنة بين التجربة الأولى والتجارب التالية بالطبع ستتضح فوارق، فما يحدث يكون نوعاً من التركيز على طريقة معينة للحكى مقابل استبعاد طرق أخرى، فى بعض الأوقات عندما أشاهد عملاً لى أقول لنفسى إننى استخدمت طريقة تقليدية، بالإضافة إلى أن كل تجربة تفرض شكلاً مختلفاً وفقاً للمضمون عن التجربة الأخرى، ولكن فى النهاية هناك أسلوب شخصى، فلو أن شخصين كتبا نفس الموضوع سيخرجه كل منهما بأسلوب مختلف.
«يوم الدين» و«أخضر يابس» يعبران عن الجانب الحى للفيلم المصرى.. و«فوتوكوبى» متقن الصنع وجيد على مستوى السيناريو
قدمت أعمالاً تعد صياغة وسطى ما بين سينما النجم وسينما المخرج فى تجاربك مع فاتن حمامة وأحمد زكى ومحمود عبدالعزيز، هل واجهت صعوبة فى الحفاظ على هذا التوازن؟
- الأمور كانت بسيطة للغاية ولم تحمل تعقيدات، فاتن حمامة فنانة عظيمة وممثلة كبيرة وعندما تقوم ببطولة فيلم من الطبيعى أن تكون لها شروط فيما يتعلق بشكل الشخصية التى تقدمها، فكان أول ما عرضته عليها قصة «دستور يا سيدة» للكاتب العبقرى يوسف إدريس، ورفضتها رغم أنها قد تكون أهم بكثير من «أرض الأحلام»، إلا أنها خافت بالطبع من التجربة، وأرى الآن عرضى ذلك سذاجة، ولكن أنا لا أسمح بتدخلات فى عملى، ووجهة النظر فى الفيلم هى وجهة نظر الكاتب والمخرج فقط، ومن حق الممثل قبول العمل أو رفضه، ولكن بمجرد موافقته لا يحق له التدخل فى وجهة نظرى، بالطبع هناك مناقشات ولكن فى النهاية الأمر يعود لى، فالمخرج أشبه بالمايسترو الذى يقود فرقة موسيقية.
قال أحد المخرجين، «الآن المخرج هو الذى أصبح تحت إدارة الممثل وليس العكس»، كيف ترى هذا الوضع؟
- هذا الأمر يحدث فى نوع من السينما التجارية، وليس فى السينما بحالتها الصحيحة، أرى الأمر بشكل كاريكاتيرى فالمخرج يتحول إلى «سائق تاكسى»، عندما يوقفه المنتج أو الممثل ويتفق معه على مبلغ معين مقابل إيصاله إلى مكان ما، لا يهمه الأشخاص الذين يركبون معه، فالمنتج قام بتأجير «التاكسى» فى تلك الفترة، ولا يحق للمخرج الاعتراض على شىء.
اعتمدت على خيالى فى «أرض الخوف».. ولم أكن أعرف شيئاً وقتها عن تجارة المخدرات.. و«هدهد» شخصية مستوحاة من نماذج ألفتها فى الحياة
كنت ضمن لجنة اختيار الفيلم المصرى المرشح للأوسكار عن فئة أفضل فيلم غير ناطق بالإنجليزية، هل ترى تجارب واعدة من بين الأفلام التى شاهدتها اللجنة؟
- فى الحقيقة هناك 4 تجارب، منها فيلم «تراب الماس» فهو فيلم تجارى ولكن به صناعة وحرفية أيضاً واحترام للمشاهد، و«فوتوكوبى» عمل متقن الصنع، وجيد على مستوى السيناريو، كما قدم فيه الفنان محمود حميدة «دور هايل»، بالإضافة إلى فيلمين أرى أنهما محلقان، وهما «أخضر يابس» و«يوم الدين»، فهما يعبران عن الجانب الحى فى السينما المصرية الآن، والتيار الحقيقى المقابل للأفلام التجارية التى أصبحت مثل الجثث، والأزمة بالطبع أن نسبة الأعمال الجيدة ليست كبيرة، السينما المصرية مؤهلة لتقديم تجارب أفضل بكثير من التجارب التى تقدم الآن فى السينما التجارية.
يعد «يحيى» قاسماً مشتركاً بين «أرض الخوف» و«رسائل البحر» و«قدرات غير عادية»، بعيداً عن تشابه الاسم، هل نستطيع اعتبار تلك الشخصيات «ثلاثية للتجربة الإنسانية» أو تطوراً لرحلة الإنسان فى الأرض؟
- سينما المؤلف لا تعنى أن يقوم المخرج بكتابة سيناريو الفيلم، ولكن تعنى أن الأفلام تعبر عن رؤيته فى الحياة، وذلك لا يعنى أيضاً أن المخرج يتحدث عن حياته، فالمؤلف يكون متورطاً وغارقاً فى رؤية، وهذا هو الذى يصنع تلك التشابهات، الاسم لا يهم، الفكرة أن هناك بطلاً يدخل عالماً مختلفاً كل مرة، حتى فى فيلم «مواطن ومخبر وحرامى» يجد «سليم» أو المواطن نفسه يدخل فى حياة لا يعلم عنها شيئاً، لم يكن يعرف أن هناك أحداً مكلفاً بمراقبته.
كيف ترى شكل التكريم الأمثل لك؟
- أريد أن ينسانى الجمهور ويتذكر أفلامى فقط، لا يهمنى أن يظل يتذكرنى، ولكن ما يهمنى فعلاً أن يظل يشاهد أعمالى، فعندما نظمت سينما «زاوية» عروضاً للأفلام، حصلت على 4 نسخ من فيلم «الكيت كات» كل منها طول مختلف، فهناك نسخة ساعتان و5 دقائق، وأخرى ساعتان و10 دقائق، أو ساعة و50 دقيقة، إذا رغبت فى مشاهدة أحد أفلامى على «DVD» بجودة عالية غالباً لن أجد، لأننا نعيش فى مهزلة، ففى كل مكان فى العالم هناك أرشيف، ومن المنطقى أن يكون لدينا أرشيف سينمائى يضم كل الأفلام المصرية وغير المصرية بنسخ جيدة، وينظم عروضاً وبرامج سينمائية للأفلام، بالإضافة إلى ترميم النسخ القديمة، ولكن ذلك لا يأتى ضمن اهتمامات الدولة فى الوقت الحالى فهناك حالة واضحة من التقصير.
داوود عبدالسيد أثناء حواره لـ«الوطن»