الأزمة مع قطر.. هل تلين المواقف أم تبتعد المسافات؟
أمير قطر والرئيس التركي..صورة أرشيفية
منذ أزمة مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي وكثير من التحليلات والكتابات تتحدث عن إمكانية حدوث انفراجة في الأزمة مع قطر، نتجية الضغوط التي تمر بها المملكة، وهي التي دوما ما رفضت أي ضغوط مورست عليها لأجل تقديم تنازلات أمام "الدوحة" بطبيعة الحال إلى جانب باقي دول الرباعي العربي: مصر والإمارات والبحرين.
فضلا عن أن هناك بعض التصريحات السعودية فهمت على أنها خفوت في حدة اللهجة السعودية المعتادة تجاه "الدوحة"، ربما تكون جسرا للتقارب عبر ما يسمى بـ"التحالف الاستراتيجي"، الذي تدعو الولايات المتحدة غلى تشكيله، لكن قابلها ردود تشير إلى تعنت وتشدد قطري في شروط المصالحة.
وضع يطرح عدة أسئلة للنقاش تحاول "الوطن" الإجابة عليها، والتي يأتي على رأسها:
- هل تتجه تطورات الأزمة إلى تقارب بين "الرباعي العربي" و"الدوحة"؟
- هل يتوافر لدى القطريين النية لتقديم تنازلات بدورهم تساهم في إنهاء الأزمة؟
- هل هناك فصل في التعاملات الأمنية عن غيرها من التعاملات ما يسهل مباحثات تشكيل "التحالف الاستراتيجي؟
أسئلة بلا شك الإجابة عليها ترسم ملامح المرحلة المقبلة للأزمة مع قطر، يحاول التقرير رصدها في النقاط التالية:
* شواهد من الموقف السعودي:
ثمة شواهد تم رصدها خلال الأيام الماضية جعلت كثيرين يؤكدون أن ثمة انفراجة قريبة تدريجية، وأولها التصريح الذي حمل إشادة بالاقتصاد القطري من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان حين قال، خلال لقاء ضمن مؤتمر "مستقبل الاستثمار" الذي استضافته العاصمة السعودية "الرياض"، إن "دول محيطة بنا تسير بنجاح في خططها الاقتصادية، بما فيها قطر"، مضيفا أن "قطر تمتلك اقتصادا قويا، ورغم خلافنا معها، لكنها ستكون مختلفة بعد 5 سنوات".
ثم أتت تصريحات من وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، في كلمته خلال منتدى الأمن الإقليمي بالبحرين، بأن دول مجلس التعاون الخليجي ضمنت عدم تأثر التعاون العسكري والأمني بينها بالخلافات السياسية مع قطر، مضيفا أن "هناك عددا من الضباط القطريين في القواعد العسكرية في البحرين، والعكس صحيح بوجود ضباط خليجيين بقاعدة العديد القطرية".
وأضاف "الجبير" أيضا أن "الرياض تؤيد بقوة تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي"، الذي تقترحه الولايات المتحدة، وتابع، "عقدنا اجتماعات في السعودية مؤخرا مع كل دول مجلس التعاون ومع مصر، والمناقشات مستمرة وتركز على وضع إطار عمل"، أي أن "الدوحة" لم تستبعد من تلك المحادثات.
محلل سعودي: ولي العهد لم يغازل قطر.. و"التحالف الاستراتيجي" هدفه إبعاد "الدوحة" عن إيران
"ليست مغازلة من ولي العهد لقطر"، هكذا علق عضو مجلس الشورى السعودي السابق الدكتور محمد بن عبدالله آل زلفة، في اتصال هاتفي لـ"الوطن"، على تصريحات ولي العهد السعودي، قائلا إن "الأمير محمد تحدث عن الاقتصاد القطري في غضون خمس سنوات وليس في الوقت الحالي، لأن قطر متأثرة للغاية بإجراءات المقاطعة، وبطبيعة الحال لن تستمر الأزمة لخمس سنوات مقبلة ولن تصمد قطر لخمس سنوات مقبلة أمام تلك العقوبات".
واعتبر "آل زلفة" أن قطر جزء من أمن الخليج العربي و"التحالف الاستراتيجي" مهم لدول الخليج ولأمن المنطقة، لكن السعودية تريد أن تخرج "الدوحة" من "التحالف مع إيران"، لأن "الدوحة" حاليا في نفس محور إيران وتركيا، والتحالف يمكن أن يكون فرصة لإخراج قطر من هذا التحالف.
وشدد السياسي السعودي كذلك على أنه لن يكون هناك أي تراجع عن مطالب الرباعي العربي المقدمة إلى قطر لحل الأزمة، قائلا: "لا تراجع عن ضورة أن توقف قطر دعم وتمويل الإرهاب، وبث الفتنة في الدول العربية".
*الموقف الأمريكي:
سعت الولايات المتحدة منذ بداية الأزمة إلى تهدئة الأجواء بين قطر والدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب، لكنها لم تأخذ موقفا من "الدوحة" يرضي "الرياض والقاهرة وأبوظبي والمنامة"، ما أثار كثيرا من الشكوك حول موقف "واشنطن" والمبادرات التي قدمت منها للحل وباءت بالفشل.
لكن مع تصريحات ولي العهد السعودي، خلال منتدى الاستثمار، علق السفير الأمريكي لدى الكويت، لورانس سيلفرمان، في تصريح لصحيفة "الراي" الكويتية، قائلا إن حديث ولي العهد "كان إيجابيا بشكل عام"، لافتا إلى أن بلاده "ترغب بشدة في رؤية دول الخليج موحدة".
وشدد "سيلفرمان" على أن "وحدة الخليج ضرورية ومهمة لجميع دول الإقليم بسبب التحديات التي تواجهها المنطقة خصوصا من إيران"، مضيفا أن "الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قال خلال زيارة الأمير الشيخ صباح الأحمد لواشنطن إن الوقت قد حان لعودة قطر لمنظومة دول الخليج".
* الموقف القطري:
إلا أن الموقف القطري المعلن يبدو أنه لم يراوح مكانه بعد، حيث شدد وزير الدفاع القطري خالد العطية على أن أي حل للأزمة الخليجية مع دول الجوار رهن بثلاثة شروط. وقال "العطية" في محاضرة تحت عنوان "قراءة في الأزمة الخليجية" في افتتاح مؤتمر أزمة الخليج في قطر، أمس، إن "أي حل للأزمة يجب أن تسبقه شروطا قائمة، على الاعتذار للشعب القطري"، ثم رفع ما وصفه بـ"الحصار المفروض على قطر" منذ الخامس من يونيو 2017، وثالت الشروط: "الجلوس إلى طاولة الحوار".
وكانت دول مصر والسعودية والإمارات والبحرين قررت في يونيو 2017 مقاطعة قطر دبلوماسيا وسياسيا واقتصاديا، رفضا لسياسات "الدوحة" التي تقول الدول الأربع إنها داعمة للإرهاب والتخريب في الدول العربية، وهي الاتهامات التي ينفيها النظام القطري دوما.
كاتب صحفي كويتي: السعودية تتعرض لضغوط وعلينا انتظار موقف مشترك لـ"الرباعي العربي"
"لن تتضح الصورة حول الأزمة إلا بإعلان سعودي إماراتي مصري بحريني مشترك حول الأزمة"، هكذا علق الكاتب الصحفي الكويتي الأستاذ فؤاد الهاشم على التطورات السابقة، وقال ، في اتصال هاتفي لـ"الوطن"، إن "المملكة العربية السعودية تتعرض لضغوط شديدة الفترة الماضية نتجية تداعيات قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي".
وأضاف "الهاشم"، "التصريحات السعودية يجب أن تفهم في هذا السياق، ولكن مسألة الحديث عن تقديم تنازلات إلى قطر في الوقت الحالي لا يمكن الجزم بذلك إلا عندما نرى هناك حديثا من وزير الخارجية المصري أو من وزير الخارجية الإماراتي أو من وزير الخارجية البحريني".
وقال "الهاشم"، "الدوحة لم تقدم أي شئ، وفي تصريحات وزير الدفاع القطري ما يؤكد أن نظام الحمدين يواصل تعنته، والتطورات التي تحدث في المنطقة حاليا تؤكد أن الفترة المقبلة ستكون حبلى بكثير من الأحداث غير المتوقعة".
ويبدو بالفعل أن المنطقة العربية ستشهد كثيرا من التطورات في أزماتها خلال الفترة المقبلة، على صعيد القضية الفلسطينية أو الأزمة الأزمة السورية، وربما الأزمة مع قطر ليست بعيدة عن ذلك.