"الدستورية" تقضي بعدم دستورية فقرة في قانون الوزن والقياس والكيل
المحكمة الدستورية العليا
حكمت المحكمة الدستورية العليا، في جلستها المنعقدة اليوم، برئاسة المستشار الدكتور حنفي علي جبالي، في الدعوى رقم 202 لسنة 32 قضائية "دستورية"، بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (19) من القانون رقم 1 لسنة 1994 في شأن الوزن والقياس والكيل، والتي تنص على أن "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تجاوز سنة وبغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تجاوز ثلاثمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من استعمل أو حاز بقصد الاستعمال لغرض البيع أجهزة أو آلات أو أدوات وزن أو قياس أو كيل مـزورة أو غير صحيحة أو مدموغة بطريقة غير مشروعة مع علمه بذلك.
ويفترض علم الحائز بذلك إذا كان من المشتغلين بالتجارة أو من الباعة أو من المشتغلين بصناعة أو إصلاح تلك الأجهزة أو من الوزانين المرخـص لهم أو من أمناء شئون البنوك أو المخازن ما لم يثبت العكس.
وأقامت المحكمة حكمها على سند من أن افتراض براءة المتهم من التهمة المنسوبة إليه يقترن دائمًا من الناحية الدستورية - ولضمان فعاليته - بوسائل إجرائية إلزامية تعتبر وثيقة الصلة بالحق فى الدفاع. وتتمثل فى حق المتهم فى مواجهة الأدلة التى قدمتها النيابة العامة إثباتًا للجريمة، والحق في دحضها بأدلة النفي التي يقدمها.
لما كان ذلك؛ وكان النص المحال، وعن طريق القرينة القانونية التي افترض بها ثبوت القصد الجنائي، قد أخل بهذه الوسائل الإجرائية بأن جعل المتهم مواجهًا بواقعة أثبتتها القرينة فى حقه بغير دليل؛ ومكلفًا بنفيها خلافًا لأصل البراءة، ومسقطًا عملاً كل قيمة أسبغها الدستور على هذا الأصل؛ وكان أصل البراءة، والحق في الدفاع هما ذروة سنام الحقوق اللصيقة بشخص المواطن، ذلك أن أصل البـراءة، على النحو السالف بيانه، هو من الحقوق الطبيعية التي تصاحـــب المواطن منذ ولادتـه ولا تنفصل عنه إلا بحكم قطعي بالإدانة، بما يستتبع إقامة السلطات القائمة على الاتهام الدليل القاطع على ما يناقض هــذا الأصــل الذي حــرم الدستور تعطيله أو الانتقاص منه.
وكان النص المحال، وعلى ضوء ما تقدم جميعه، ينال من مبدأ الفصل بين السلطتين التشريعية والقضائية؛ ومن الحرية الشخصية؛ كما يناقض افتراض البراءة، ويخل بضوابط المحاكمة المنصفة، وما تشتمل عليه من ضمان الحق فى الدفاع ، وينال من حق لصيق بالمواطن بتعطيله والانتقاص منه، وهو حق يرتبط بكرامته الإنسانية، فإنه بذلك يكون مخالفًا لأحكام المواد (2، 51 ، 54، 92، 94، 95، 96، 98، 99، 101، 184) من الدستور.