"أثر الحروب على هوية الشباب".. دول ضربت نموذجا في "النهوض"
الرئيس السيسي ضمن فعاليات منتدى شباب العالم
شارك الرئيس عبدالفتاح السيسي، في جلسة "أثر الحروب والنزاعات على اختفاء الهوية للشباب"، المنعقدة على هامش فعاليات جلسات اليوم الثاني لمنتدى شباب العالم، وتحدث المشاركون عن أثر الحروب والنزاعات على اختفاء هوية الشباب.
ولعل أبرز الأمثلة التي قدمت نموذجًا للنهوض ما بعد الحروب بل والحفاظ على الهوية بعد حرب تعد من أضخم الحروب التي شهدتها الكرة الأرضية وهي الحرب العالمية الثانية كانت "اليابان وألمانيا".
وترصد "الوطن" مسيرة البلدين في النهوض بعد الصراعات التي خاضتها كما يلي:
اليابان
في أغسطس عام 1945، قبيل نهاية الحرب العالمية الثانية، أسقطت القوات الأمريكية قنبلة ذرية على المدينة، وحصدت أرواح عشرات الآلاف، بما يقدر نحو 210 آلاف شخص تقريبًا، وبلغت خسائر اليابان الاقتصادية جراء الحرب نحو ربع ثروتها الوطنية، قبل أن تُحتل من قبل القوات الأمريكية بعد استسلامها الشهير.
وبعد عدة سنوات وخصوصًا في عام 1968 أصبحت اليابان ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة، حيث سجلت متوسط نمو بلغ 9% في الفترة بين عامي 1955 إلى 1973، حسب وكالة الأنباء الفرنسية "أ ف ب".
ويقول "تاج مورفي" عبر كتابه الصادر مؤخرًا بعنوان "اليابان وأغلال الماضي"، إن اليابان تمكنت من تنفيذ تعافيها الاقتصادي مع احتلالها من قبل دولة واحدة، على خلاف ألمانيا التي تعافت رغم تعرضها للسيطرة من قبل 4 دول.
واستمر الاحتلال الأمريكي لليابان حتى عام 1952، وجرت محاولات آنذاك لتفكيك تكتلات تجارية يابانية معروفة باسم "زيبستو".
ومثلت الحرب الكورية في الفترة بين عامي 1950 إلى 1953 فترة ازدهار للشركات اليابانية، مع ارتفاع الطلب على الصناعات التكنولوجية والصناعية من قبل القوات الأمريكية، كما أسهم زيادة الأجور في اليابان آنذاك في ارتفاع طلب المستهلكين على المنتجات المحلية، وغيرها من السلع.
قادت الشركات في اليابان وألمانيا التحول الاقتصادي خلال المرحلة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية، مع ولاء الموظفين بفعل الوعود بزيادة الأجور، وضمان الوظائف، فضلًا عن المنتجات المبتكرة التي تم تصديرها في جميع أنحاء العالم.
ويرى خبراء، أن الشركات اليابانية المختلفة، سواء تلك التي كانت موجودة قبل الحرب مثل "ميتسوبيشي"، و"تويوتا"، و"سوميتومو"، أو المؤسسات الجديدة التي نشأت بعد الحرب مثل "سوني"، و"هوندا" كانت تتمتع بشكل مؤسسي هرمي صارم يشبه إلى حد كبير ذلك الموجود في العائلات أو المؤسسات الدينية.
وأشار التقرير، إلى أن التنسيق المحكم من قبل وزارة الصناعة ساعد أيضًا في دفع عجلة النمو الاقتصادي في اليابان.
وأطلق رئيس الوزراء الياباني "شينزو آبي"، في أثناء ترشحه للانتخابات في نهاية عام 2012 خطة لتأييد الإنفاق، مع الدعوة لإجراء إصلاحات اقتصادية واسعة النطاق، وعملية تيسير كمي قوية من جانب البنك المركزي.
كما شهدت ثقافة "العمل مدى الحياة" تراجعًا تدريجيًا، مع الاعتماد بشكل أكبر على سياسة العمل بدوام جزئي، أو العمالة المؤقتة، ما وفر مرونة لسوق العمل في البلاد.
تراجعت اليابان إلى المرتبة الثالثة عالميًا في قائمة أكبر اقتصادات العالم طبقًا للناتج المحلي الإجمالي في عام 2010، بعد أن تمكنت الصين من الاستحواذ على المرتبة الثانية.
ألمانيا:
فرضت قوات التحالف المكونة من الولايات المتحدة، والاتحاد السوفيتي السابق، وبريطانيا، وفرنسا سيطرتها على ألمانيا في عام 1945، لكن بحلول خمسينيات القرن الماضي تحولت ألمانيا الغربية إلى ثاني أكبر قوة اقتصادية في العالم.
انقسمت ألمانيا في عام 1949 إلى دولتين، سيطرت القوى الغربية الثلاثة "الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا" على الجزء الغربي منها، في حين فرض الاتحاد السوفيتي هيمنته على ألمانيا الشرقية، قبل أن يعاد توحيد الألمانيتين في عام 1990، حسب وكالة الأنباء الفرنسية.
وتلقت جمهورية ألمانيا الغربية نحو 1.3 مليار دولار كدعم لإعادة الإعمار من خلال خطة مارشال الممولة من الولايات المتحدة، في حين رفض زعيم الاتحاد السوفيتي آنذاك "جوزيف ستالين" المساعدات الأمريكية للجزء الشرقي المسمى "جمهورية ألمانيا الديمقراطية".
ونص اتفاق لندن للديون في عام 1953 على شطب 60% من الديون والتعويضات الألمانية، كما بني اقتصاد ألمانيا الغربية على أسس الرأسمالية التي كتبها المستشار المحافظ "كونراد أديناور" ووزير ماليته "لودفيج غيرهارد"، لتشهد البلاد ازدهارًا سريعًا بلغت نسبته 7% في الفترة بين 1946 إلى 1975، رغم تعرضها لبعض الركود أيضًا.
وسجلت ألمانيا الغربية تراجعًا في معدل البطالة من مستوى 11% في عام 1950 إلى نحو 0.7% فحسب في عام 1965.
وكانت شركات ألمانية مثل "فولكس فاجن"، و"سيمنس"، و"تيسن" والتي أدارت عملياتها في قطاعات تصنيع السيارات، والإلكترونيات، والهندسة تمثل ركائز للنمو الاقتصادي في مرحلة ما بعد الحرب.
واليوم، تحتل ألمانيا المرتبة الرابعة في قائمة أكبر الاقتصادات حول العالم، حيث نجحت الإصلاحات الاقتصادية خلال العقد الماضي في السماح بمزيد من خلق الوظائف، وهبوط معدل البطالة إلى 4.7% حاليا، وهو بين أدنى المعدلات في الاقتصادات المتقدمة.
وانطلقت فعاليات منتدى شباب العالم في نسخته الثانية بمدينة شرم الشيخ أمس، بجلسة افتتاحية بمشاركة ما يزيد على 5 آلاف شاب وفتاة من مختلف دول العالم ممثلين لـ160 دولة حول العالم، وذلك برعاية وحضور الرئيس عبدالفتاح السيسي، على أن يُستكمل باقي الجلسات حتى الثلاثاء 6 نوفمبر 2018.
وتتضمن فعاليات المنتدى، لأول مرة، تجربة فريدة من نوعها بافتتاح مسرح شباب العالم ليكون ملتقى شبابيًا للفنون من مختلف دول العالم، وتستمر عروضه على مدار 3 أيام، إضافة إلى انطلاق راديو شباب العالم، تحت شعار "لنكسر حاجز الصمت"؛ بهدف الاستفادة من التنوع الفريد والثقافات المختلفة عبر تقديم عدة برامج شبابية.
وضمّ جدول الجلسات -وفق ما أعلن عنه الموقع الرسمي للمنتدى- نحو 30 جلسة تتمثل في 18 محورًا، إلى جانب محاكاة القمة العربية الأفريقية، إضافة إلى حفلتي الافتتاح والختام، وورش العمل التي تسبق عقد المنتدى.