"آداب عربي اتغيرت".. طلاب يصنعون 200 فيلم عن شعراء: "اكتشفنا مواهبنا"
جزء من فيلم عن الشاعر مصطفى إبراهيم
التلقين أحد آفات الدراسة بالكليات النظرية، التي تزعج الكثير من الطلبة الراغبين في التعلم والاستكشاف حتى وإن كان طابع دراستهم الظاهري لا يميل إلا العملية، وهو ما دفع أحد أساتذة قسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة القاهرة على مجابهته، بتكليفه للطلبة بعمل فيديو أو ما يستطيعون فعله ليعبروا عن أحد شعراء العصر الحديث، كتدريب عملي على مادة الشعر الحديث التي يدرسها للفرقة الرابعة، ليتفاجأ بعد أيام قليلة استقباله لـ200 فيلم صنعهم تلاميذه بأدوات وأفكار مختلفة، ولأجل تنفيذها تعلموا ما لا يمت لدراستهم بشيء ولكنه كان وازعًا لاكتشاف جزء مهاري بهم لم يكونوا يعلموه.
الأداء الصوتي المميز والمضي قدمًا في هذا المجال أول ما استفاده به الطالب أحمد ممدوح، خلال عمله على فيلم عن الشاعر الشاب مصطفى إبراهيم، ليقول في حديثه لـ"الوطن"، إنه بعد تكليف الدكتور أحمد عمار لهم بصناعة فيلم عن شاعر، اختار الشاعر الذي عاصر كتاباته ويحمل الكثير من أفكار الشباب.
وبدأ بتشغيل موقع "يوتيوب" لتعلم كيفية عمل فيديو بسيط وسجل بداخل غرفته بصوته بدايات الشاعر وحياته مرفقًا بمشاهد من حفلات لمطربين كان الشاعر كاتب الأغاني بها وأجزاء من فيلم ترددت فيها قصائده وغيرها من المشاهد التي تجمعت في فيديو مدته 6 دقائق، حتى بعد الانتهاء وجد من يشيدون بأدائه الصوتي وقرر إعادة اكتشاف مواهبه وتنميتها.
البُعد لم يكن ما يسعى إليه الطالب محمد حسن فعمد مع زميل له على البحث عن الشاعر محمد إبراهيم أبو سنة، من مواليد 1937 وهو واحد من قامات الشعر الحديث، حتى توصلوا إليه وأجروا معه حديثًا صوتيًا كما أراد، ليدمجوا صوته مع صور حصلوا عليها عبر محرك البحث "جوجل" وسبقه تقديم منهم وجيز لما سيُرى.
"أول حاجة أعملها في القسم النظري"، كانت تلك النقطة الأكثر إسعادًا بالنسبة إلى طالب الفرقة الرابعة، ليعتبره تمردًا على الواقع النظري "غير إني هذاكره أنا عايشه"، حتى بدأ يتبلور في ذهنه استكمال الفكرة بسلسلة حوارات مع شعراء من العصر الحديث وذويهم.
المعلومات اتحفرت، أول تعبير طرأ على ذهن الطالبة حفصة علي، بعد تنفيذها برفقة زميلاتها دينا أشرف وزينب صباح وأميرة رضوان لفيديو عن الشاعر علي محمود طه، وقبل تنفيذه كانوا بين عدة اختيارات منها التوجه إلى مقاهي ثقافية ومحاورة من فيها عن الشاعر، حتى اهتدوا في النهاية إلى تنفيذ فيديو يظهر فيها الطالبات الأربعة وهم يتناقشون حول الشاعر وحياته وأعماله، حيث كل واحدة منهن اختصت بجزأ معين وبدأ عرضه في الفيديو في صورة حلقة نقاش.
وكان من بين ما أسعد "حفصة" وزملائها أنه في امتحان "الميد تيرم" الذي فرضته الكلية، ترك لهم أستاذ المادة السؤال مفتوحًا بالحديث عن نص يختارونه فالجميع اختار الشاعر، الذي عمل عليه "وأهم حاجة استفدنا منها تجربة في المونتاج والفوتوشوب معظمنا كان بعيد عن الكلام ده".
على الشاعر محمود درويش، وقع اختيار الطالبة زينب حسن، وأخذت في تنفيذ فيديو يتناول سيرته وأعمال ما يقارب الـ15 ساعة لتعرض 7 دقائق فقط هي مدة الفيديو "استفدت إني عرفت أكتر عن محمود درويش وعرفت بعض البرامج اللي مكنتش أعرف عنها حاجة"، واصفة التجربة بـ"لطيفة جدًا"، نظرًا لما حصدته من معرفة دون تكلف.
ثقة دائمة يمتلكها دكتور أحمد عمار، الأستاذ بقسم اللغة العربية بكلية الآداب، تجاه طلابه محاولًا إخراج أحسن ما فيهم "بأشعر إنهم سابقين أجيالنا بكتير لكن مش عارفين السكة ولا الباب اللي بيدخلوا منه"، لذا يفكر دائمًا في كيفية فتح سكك لهم يعبروا فيها عن مواهبهم التي من الممكن أن يكونوا غافيلن عنها.
"الفكرة مش بس المادة ولا المعلومات وإنما حاجات تانية كتير" لكن حتى المعلومات فبالتأكيد الطالب الذي عمل على شاعر أو اتجاه شعري لمدة بالكتابة والتسجيل والمونتاج فمن غير الممكن أن ينسى تلك المعلومات التي توصل إليها، معبرًا عن سعادته بطلابه وهو ما يزيد يقينه أنهم يستحقون الثقة والفرصة.